بثقة وتصميم وثبات سارت دولة الإمارات العربية المتحدة باتجاه تحقيق إنجازٍ علمي فضائي يِسجل لها، وقد منحت مهمة "مسبار الأمل" الذي نجح في تحقيق مهمته أمس اسم "العرب إلى المريخ"، في التفاتةٍ راقية منها إلى تاريخ العرب والعلماء الروّاد في دراسة الفضاء وحركة الكواكب، وفي إشارةٍ إلى تواضع هذه الدولة الفتيّة نسبياً والانفتاح الذي هو سمة قادتها وشعبها ودأبهم في تقديم مثالٍ عن تشكيل الوعي والعلم والمثابرة والتعاضد والعمل الدؤوب، أسس كل النجاحات والإنجازات التي تواصل تحقيقها.

آلاف الشابات والشباب والعلماء والباحثين والمتطوعين الإماراتيين عملوا على مدى ست سنوات لتحقيق هذا الإنجاز التاريخي، مدفوعين برعاية ودعم وتشجيع حكامٍ وضعوا تحدي المستحيل نصب أعينهم وقرروا أن يكون مستقبل البلاد وأبنائها مشرقاً مزدهراً سباقاً للحداثة والتطور ولاداً للإنجازات، ونجحوا جميعهم في تحقيق سبقٍ فضائي- علمي تاريخي.

لعل الملفت أيضاً أنّ كلفة هذا الإنجاز بلغت 220 مليون دولار أميركي فقط لا غير!

كل لبناني ترزح بلاده تحت ديونٍ بلغت أكثر من 120 مليار دولار يحقّ له أن يقارن بين كلفة رحلةٍ إلى المريخ حملت معاني الأمل وفتحت الآفاق واسعةً أمام استكشافاتٍ تفيد البشرية جمعاء، وبين وزارةٍ للطاقة تهدر ملياريْ دولار سنوياً في سبيل أن "ينعم" المواطن اللبناني السعيد بساعاتٍ إضافية من التغذية بالتيار الكهربائي أو خفض فاتورة "الموتور"! ناهيك عن الهدر والسرقات الموصوفة والمتواصلة بلميارات الدولارات في وزارات وإدارات ومجالس وصناديق وجمعيات ورعايات!

220 مليون دولار إلى المريخ في مقابل عشرات ملايين الدولارات التي هرّبها أصحاب المعالي والسعادة وحاملو غيرها من الألقاب إلى الخارج، حارمين منها اللبنانيين ومدمّرين آمال ومستقبل الشباب.

كم رحلةً ذهاباً وإياباً إلى المريخ توفرها لنا 120 مليار دولار؟! كم عالماً وعالمة تتوّج؟ كم طالباً تُخرّج؟ كم معملاً للطاقة الكهربائية بل النووية تبني؟ كم بيروتاً تحيي؟ كم لبناناً تُعلي؟ كم مستقبلاً تجترح؟

220 مليون دولار حملت دولة الإمارات إلى المريخ مع مسبار الأمل، في مقابل عشرات مليارات الدولارات هدرها المسؤولون عندنا الذين يعيشون على كوكبٍ آخر، ويصرّون على تيئيس اللبنانيين وأخذهم إلى جهنّم!