عندما تتوافر الإرادة محصنة بالوعي تزدهر البيئة، ويعود التنوع الحيوي لصالح الحياة على هذا الكوكب المريض، وأول المستفيدين هو الإنسان، كونه جزء من توزان الطبيعة، يمرض لمرضها ويشفى لشفائها، وإن تجاهلها يشقى ويمرض.
بهذه الرؤية البديهية تسير دولة الإمارات نحو مستقبل أكثر إنسانية، فتحمي الحياة البرية وتذود عنها، لا بل وتساهم في ازدهارها، تعويضا على ممارسات ظلت لمئات السنين تحكم الإنسان بعلاقة ملتبسة مع بيئته، ولا يمكن تعداد إنجازات الإمارات في هذا المجال، لكن ما استوقفنا أن هذه الدولة الراسخة على قيم الخير استعادة "المها العربي" من أنياب الإنقراض.
عيون المها
في تاريخنا القديم كثيرا ما تغنى الشعراء العرب، منذ عصر ما قبل الإسلام بـ "عيون المها" في وصف جمال عيون الحبيبة، في استعارة رائعة عكست جمال عيون المها العربي، هذه الفصيلة المتميزة من الغزلان النادرة حول العالم، خصوصا وأن هذا الحيوان هو ابن بيئة الصحراء بجمالاتها، رمالا وواحات وأشجار نخيل تغازل الغروب وتدنو من فضاء الدهشة.
تجدر الإشارة إلى أن المها العربي ما يزال نوعا مهددا بالانقراض، وتم تصنيفه على أنه من الأنواع الموضوعة ضمن الدرجة الأولى من الحيوانات الداخلة في نطاق حماية الاتفاقية الدولية لحظر الإتجار بالأنواع المهددة CITES، وكانت هذه الغزلان قد انقرضت فعليا في البريّة خلال أوائل عقد السبعينيات من القرن العشرين، عندما قتل آخر حيوان في صحراء الربع الخالي على الحدود السعوديّة - العمانيّة. وقد أعيد إدخال المها العربي إلى بعض موائله الطبيعيّة منذ ثمانينيات القرن ذاته، بعد أن تم إكثاره في حدائق الحيوانات والمحميات الخاصة، إلاّ أن نجاح هذه العمليّة كان متفاوتا.
بيئة أبوظَبي
نجحت دولة الإمارات بإعادة المها العربي بعد اختفائه أكثر من 40 عاماً، واقترابه من حافة الانقراض، حيث عاد للتكاثر في مواطنه في البرية والبيئة الصحراوية، من خلال مشروع إكثار المها العربي، الذي تبنته الإمارات منذ عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويعتبر هذا البرنامج من أهم البرامج التي نفذت عالمياً في مجال الحماية والإكثار، للحفاظ على المها العربي من الانقراض.
ولعبت هيئة البيئة في أبوظَبي، دوراً هاماً في هذا المجال، حتى أصبحت الإمارات موطناً لأكبر عدد من المها العربي في العالم، حيث يتواجد فيها الآن 6200 رأس من المها العربي معظمها في العاصمة أبوظَبي، كما تلعب هيئة البيئة دوراً محورياً على المستوى الدولي في المحافظة على المها العربي من خلال الاستراتيجية الإقليمية لصون المها العربي، التي تم إعدادها تحت مظلة اللجنة التنسيقية لصون المها العربي، بالتعاون مع حكومات العديد من دول الانتشار، التي تضم البحرين والأردن والسعودية والكويت وعمان وقطر وسوريا واليمن.