لليوم الثالث على التوالي والعيون شاخصة نحو طرابلس، عاصمة الشمال، وقلب لبنان النابض، لتعلمنا الذود عن حقوقنا ومطالبنا في مواجة سلطة الفساد وزبائنيتها، وفي مواجهة من نهبوا أموال الناس وطيّروا ودائعهم وجنى السنين.
وقد بدت أمس وقبله ساحتها (ساحة النور) وبعض طرقاتها وساحاتها الأخرى أشبه ما تكون بساحة حرب، مع إشعال الحرائق في السيّارات، وإطلاق قنابل المولوتوف، إذ ردّت القوى الأمنية بإطلاق الرصاص المطاطي، ورمي متبادل للحجارة.
وتأتي هذه التطورات، في وقت تنأى فيه السلطة الحالية عمّا يجري، وتدفن رأسها في الرمل، وتترك القوى الأمنية والفقراء الساخطين وجهاً لوجه، بعد تحذير القوى الأمنية من استخدام القوة لمنع سقوط سراي طرابلس بيد العناصر المحتجة، وتجاوز عدد المصابين الـ 250 إصابة، تولى الصليب الأحمر اللبناني نقل 35 إلى المستشفيات، وتم مداواة الباقين ميدانياً وعددهم 67 مصاباً، وتولت العناصر الأمنية معالجة المصابين من عناصرها.
في هذا السياق، أشارت مصادر مطلعة لـصحيفة "اللواء" اللبنانية إلى ان ما يحصل في طرابلس له علاقة بالوضع الاقتصادي واستمرار الإقفال العام لافتة إلى أنه لو كانت الأحداث لها رسالة سياسية لكانت نوعية المشاركة مختلفة والشعارات كذلك مع العلم انه يمكن استثمارها سياسيا، وأشارت إلى أن عنوان التحرك هو الغلاء وانعكاس استمرار الإقفال على الوضع الاقتصادي، ورأت أن موضوع الحكومة ليس مرتبطا بما يحصل من تحركات على الأرض لأن من يتحركون على الأرض ضد التركيبة السياسية واسقاطها كلها.
واشارت مصادر أخرى مواكبة لأحداث عاصمة الشمال إلى أن "توتر الاوضاع الامنية في مدينة طرابلس تحت عناوين تفاقم الضائقة المعيشية التي يعاني منها المواطنون ولا سيما ذوي الدخل المحدود والمحتاجين قد يكون أحد الاسباب لما يحصل، ولكن يبدو أن هناك من يحاول استغلال هذه التحركات الشعبية والتلطي وراءها لتأجيج التوتر لغايات وأهداف خبيثة بعيدة كل البعد عن المطالب الشعبية المحقة".
وقالت ان الفراغ الحكومي جراء تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، ووجود حكومة مستقيلة وسلطة عاجزة عن القيام بالمهمات المنوطة، يتسبب بفراغ مميت تستغله الجهات المشبوهة نفسها للتحرك من خلاله أيضا لتنفيذ غاياتها الخبيثة على حساب ومطالب المواطنين المحتجين ضد المسؤولين المتهاونين في الاهتمام بمصالح الشعب ومطالبه المعيشية التي تدهور يوما بعد يوم من دون مبالاة، سوى الاهتمام بمصالحها ونفوذها.
وخلصت المصادر إلى القول ان ما يحصل من توترات واحتجاجات شعبيه في مختلف المناطق مرده الى الفراغ الحكومي وتحلل السلطة في أكثر من مكان، وكلما طال هذا الفراغ، كلما تراكمت الازمات ومعها الاحتجاجات الشعبية والتي قد يصعب تطويقها ووضع حد لها إذا بقي المسؤولون على عدم مبالاتهم في تسريع تشكيل الحكومة العتيدة.