قدم معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي Institute for National Security Studies التابع لجامعة تل أبيب "سيناريو لهجوم محتمل ضد إسرائيل، رغم أن جميع الأطراف ليست مهتمة بهذه الحرب، لكنها قد تستدرج إليها من دون خيار".
وأشار السيناريو الذي نشرته القناة 12 العبرية، وترجمته "عربي 21"، إلى أنه "على خلفية انفجار محطة التخصيب النووي في نطنز (إيران)، واغتيال محسن فخري زاده وقاسم سليماني، يمكن الحديث عن نموذج لما يسمى "لعبة حرب"، ويتمثل في سيناريو رد فعل محتمل لصراع من شأنه أن يؤدي إلى حرب في الشرق الأوسط بين المحور الإيراني الذي يضم سوريا وحزب الله، وبين إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وغيرها".
وأضاف أن "سيناريو انطلاق الحرب يبدأ الساعة 4:30 فجرا عند إطلاق ستة صواريخ من غرب العراق باتجاه إسرائيل، ينجح صاروخ في اختراق المنظومة الدفاعية، ويصيب مباشرة مبنى شاهق الارتفاع في تل أبيب، ويقتل الهجوم ستة إسرائيليين ويجرح 30 آخرين، ويعدّ هذا الهجوم الصاروخي ضمن المحاكاة المتوقعة مجرد عملية واحدة من سلسلة عمليات ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية وأهداف أخرى في الشرق الأوسط".
وأوضح أنه "بالتوازي مع وابل الصواريخ من العراق باتجاه إسرائيل، تنطلق صواريخ على السفارة الأمريكية في بغداد، ما يسفر عن مقتل جندي من مشاة البحرية، وتقع سلسلة من هجمات إطلاق النار تشنها إيران على ساحل المارينا في دبي والمركز التجاري في البحرين ضد السياح الإسرائيليين، يقتل فيه 10 إسرائيليين و8 أميركيين".
وأشار إلى أن "عملية المحاكاة هذه تتوقع مشاركة قوات الحوثي المدعومة من إيران، الذين يطلقون صواريخ دقيقة على أهداف في السعودية، تصيب منشآت التكرير بمدينة جدة المطلة على البحر الأحمر، ما يفسح المجال لقراءة ردود فعل الدول المختلفة على سيناريو التصعيد المتوقع".
يشرح المعهد الذي أعد المحاكاة بإشراك كبار الجنرالات والخبراء أن "رد الفعل الإسرائيلي المتوقع يشمل هجوما واسعا على أهداف إيرانية في سوريا والعراق، يسفر عن مقتل إيرانيين ومقاتلي حزب الله، فيما يرد الحزب بصواريخ على شمال إسرائيل في المرحلة الأولى، بهدف محاولة الحد من الصراع، ثم إطلاق الصواريخ جنوب حيفا، وترد إسرائيل بمهاجمة أهداف للحزب في لبنان، بما في ذلك مشروع صواريخه الدقيقة ببيروت".
ويضيف أن "الهجوم الإسرائيلي يقتل 30 لبنانيا، ويرد الحزب بتوسيع إطلاق النار على تل أبيب، ما أدى لمقتل 12 إسرائيليا، وترد إسرائيل بهجوم واسع النطاق، دون تدهور الوضع إلى صراع واسع النطاق وحرب شاملة".
أما عن الرد المتوقع من الولايات المتحدة، فيتوقع السيناريو أن "القوات الأميركية تبعث برسائل لإيران، وتزيد من جاهزية قواتها في الخليج، وتجري محادثات تشاورية مع روسيا والصين بشأن طبيعة الرد المناسب من جانبها، وعلى الفور تنفذ ضربة جوية أمريكية مكثفة ضد إيران، ولكن بخلاف الهجمات على المليشيات في العراق، فلا تنفذ الولايات المتحدة أي إجراءات هجومية".
وانتقلت المحاكاة للحديث عن "موقف روسيا من الحرب، فبالنسبة للرئيس بوتين تمثل الأزمة فرصة لوضع نفسه كلاعب إقليمي ودولي رئيسي، وميزته أنه يمكنه التحدث لجميع اللاعبين، واستخدام الدبلوماسية المتسارعة أمامهم، وهي فرصة لروسيا للتحدث مع إدارة الرئيس بايدن، مع أن روسيا ترى أن تنسيق شؤونها مع إسرائيل أسهل من إيران، وفي الوقت ذاته لا تستطيع منع إيران وحزب الله من استخدام الأراضي السورية لمهاجمة إسرائيل، بما فيها ضد رغبة الأسد، مما قد يعكس توترات حقيقية بين روسيا وإيران في سوريا".
يتحدث السيناريو أن "إيران جزء من سيناريو الحرب، وستتصرف بطريقة محكومة لمنع نتيجتين سلبيتين لها: الأولى الهجوم على أهداف في أراضيها، والثانية تآكل القوة الصاروخية لحزب الله في لبنان، وهي تهدف لردع إسرائيل عن مهاجمة البنية التحتية النووية في إيران، وقد تسارع لمنع مهاجمة أراضيها، لكنها تفشل بمنع الحزب من العمل ضد إسرائيل، فالتوتر يعكس مصالحه، رغم اعتماده على إيران".
أما عن موقف الإمارات، فذكر السيناريو الإسرائيلي أن "دول الخليج تتعامل بشكل أساسي مع ما يحدث في بيئتها، وهدفها النهائي منع هجوم آخر على أراضيها، وستدعو مجلس الأمن لإدانة الهجمات، وفتح تحقيق دولي، مع تنسيق المواقف مع السعودية والبحرين ردا على الحوثيين".
وأكد أن "سوريا سيكون موقفها هو محاولة عدم التورط في القتال، رغم أنها لا تملك القوة لمنع حزب الله وإيران من العمل على أراضيها، رغم أن جميع اللاعبين يريدون تجنب تصعيد واسع، وهذه نتيجة مماثلة لما تشهده المناورات الحربية الأخرى، ولكن في حالة حدوث سيناريو مماثل في الواقع، فإن رد إسرائيل سيكون أشد مما هو معروض في عملية المحاكاة".
وأشار إلى أنه "من الصعب للغاية رؤية موقف لا يكون فيه الرد الإسرائيلي حاسما بما فيه الكفاية، فعندما يتم إطلاق صواريخ على تل أبيب مع 16 قتيلا، فإن هذا سيناريو خطير للغاية لم نشهده في عام 2006، لأن أي هجوم عليها من خلال منظومة صواريخها الدقيقة سوف يتسبب بإصابات واسعة النطاق فيها، وبالتالي يمكن تصعيده".
وختم المعهد محاكاته بالإشارة إلى أنه "في التفكير العقلاني، لا تهتم كل الأطراف بالحرب، لأنها ترى تكلفتها باهظة، وفرصتها قليلة لتعزيز مصالحها الحيوية، لكن سوء التقدير، والانحراف عن التوقعات، والتعامل غير الدقيق مع الأزمة، قد يؤدي للحرب، عبر تبادل الضربات بين الطرفين، وصولا إلى النهايات الخطيرة".
الجدير بالذكر أن هذه المحاكاة العسكرية أشرف على إعدادها عدد من كبار الجنرالات الإسرائيليين، أهمهم أودي ديكل، الذي تقلد وظائف عديدة في الجيش والاستخبارات، وإيتاي بارون أحد مسؤولي التعاون العسكري الدولي والتخطيط الاستراتيجي في الجيش، وغادي آيزنكوت القائد السابق لجيش الاحتلال، وفقا للمصدر عينه.