تعرضت أرقام هاتفية خلوية عديدة، معظمها لسياسيين وأكاديميين وصحافيين لبنانيين لحظر على خدمة الواتساب، وقد تبين لاحقا أن العملية كانت مدبرة وجرى الحظر على غالبيتهم في توقيت متقارب، وفقا لما جاء في البيان الذي صدر عن قوى الأمن الداخلي، والذي نبه المواطنين الى خطورة ما تلجأ إليه بعض العصابات باستخدامها أرقاما مجهولة الاسم، عرف منها رقم مسجل في ولاية ميشغن الأميركية، ورقم آخر مسجل في شبكة الهاتف الخليوي في دولة أذربيجان.
ومنذ منتصف كانون الثاني (يناير) وصلت رسائل الى أرقام سياسيين لبنانيين غالبيتهم ينتمون الى ما كان يعرف بقوى 14 آذار من شركة فيسبوك التي تملك تطبيق واتساب تعلمهم فيها أنها قررت توقيف الخدمة على أرقامهم لأنهم خالفوا القواعد المعتمدة لدى الشركة، وأهم هذه القواعد الامتناع عن استخدام التطبيق لأغراض إباحية او لانتهاك حقوق الطفل او لخدمة الأعمال الإرهابية، علما أن سجل محتويات هواتفهم تؤكد عدم وجود مثل هذه الانتهاكات إطلاقا، ومن المؤكد أن عملية قرصنة جرت من خلال وضع أرقامهم في "غروبات" مشبوهة من دون انتباههم، وعندما يخالف الغروب قواعد الاتصال في واتساب، تلغى الخدمة عن كل الأرقام المنظمة إليه وفق ما أكد خبير في تقنيات الاتصال.
يقول أحد القياديين المعارضين والذي كان له دور بارز في تحالف 14 آذار، أنه شاهد على واتساب هاتفه دخول غروب باسم "لبنان أولا" لدقائق قليلة في 14 كانون الثاني (يناير) من رقم غريب يبدأ بـ 001906، وقد لاحظ على الصفحة رقم باسم الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة خارجا من "الغروب"، وقد اختفى "الغروب" قبل أن يتسنى للقيادي المذكور معرفة هوية صاحبه، وقبل أن يتمكن من الخروج منه أيضا. وفي اليوم التالي فوجئ برسالة من شركة فيسبوك تبلغه بإلغاء خدمة الواتساب على رقمه. وبعد إجراء اتصالات مع قوى الأمن، ومع مختصين، تبين أن العديد من زملائه وقعوا في الكمين السيبراني الذي أصابه، والإلغاء ناتج عن ارتكاب الرقم المقرصن لعملية مشبوهة أدت الى معاقبة كل الأرقام التي أدخلها في الغروب"، وبسرعة فائقة، لأن الذين بحثوا عن اسم صاحب الرقم عبر تطبيق البحث TrueCaller وجدوه مجهول الهوية وتم تقديم عشرات الشكاوى ضده.
ويؤكد متابعون، أن الأرقام ذاتها المحسوبة على الشبكة الأميركية والأذربيجانية كانت قد بعثت برسائل تهديدية وتشهيرية بحق القيادات المذكورة آنفا، وبدا مرسلوها يتحدثون لصالح المقاومة وقوى محور الممانعة الأخرى، ويدافعون عن العهد الحالي في لبنان.
ترافق كل ذلك مع تسريب خطة سيبرانية لقوى محور الممانعة، هدفها بث إشاعات مغلوطة تستهدف القيادات المعارضة لتوجهاتهم السياسية والأمنية، وتقضي هذه الخطة أيضا بتشويه سمعة هؤلاء وتخويفهم. وكانت معلومات تحدثت عن نصيحة أسديت الى قيادات ممانعة وموالية من قبل شركات دعائية عالمية متخصصة، لها تجارب متعددة في الدعاية الانتخابية، تنصح هؤلاء خصوصا المرشحين لمواقع رئاسية منهم، بإطلاق حملات دعائية تستهدف تحسين صورتهم، وتشويه سمعة أخصامهم. كما أن معلومات أخرى تم تداولها عن دخول منظمات في محور الممانعة بسباق الأمن السيبراني الذي يستهدف التشويش على الخصم، ويحمي شبكاتهم العنكبوتية، خصوصا بعد أن تم اختراق حسابات مؤسسة القرض الحسن التابعة لهم.
ويقول القيادي المعارض ذاته: أن ولاية ميشغن الأميركية تعج بمناصري حزب الله، واستخدام الأرقام الأذربيجانية من قبل قوى موالية لإيران ليست جديدة، وبعض المجموعات الناشطة في لبنان تحاول تجنب استعمال شبكة الاتصالات الشرعية هروبا من الوقوع تحت رقابة القوى الأمنية اللبنانية، وفق ما أشارت الأنباء الكويتية.
من المؤكد أن عملية القرصنة الهاتفية التي استهدفت سياسيين لبنانيين ومعهم شخصيات من قطاعات أخرى، تقوم بها شبكات احترافية مدعومة، وهي تعمل لحساب جهات سياسية وأمنية، ولا يمكن اعتبار هذه الأعمال بمنزلة المشاكسة الفردية، لأن عدد المستهدفين منها يتخطى المئات، وغالبيتهم ينتمون الى المعارضين للعهد ولقوى الممانعة، وفقا للمصدر عينه.