بيئة

محاكاة الطبيعية... منهجية رائدة ومبتكرة مستوحاة من الطبيعة

محاكاة الطبيعية... منهجية رائدة ومبتكرة مستوحاة من الطبيعة

في أجواء خلابة طبيعية، عقدت ورشة العمل المتعلقة بـ "محاكاة الطبيعة" Biomimicry في مركز سامي مكارم الثقافي في بلدة عيتات في محافظة جبل لبنان.


وقدمت الورشة التي امتدت على فترة ساعتين ونصف الساعة مهندسة العمارة جوانا الجردي المختصة بمفهوم "محاكاة الطبيعة"، وبالتعاون مع Fast forward 2030، و"معهد الرفاهية العالمي" Institute of Global Prosperity، وكون هذا المفهوم يتطابق مع مجموعة أهداف التنمية المستدامة SDGs، وقد شارك في الورشة مجموعة من الناشطين/ات والمهندسين/ات والمهتمين/ات بهذا المجال.


المحاكاة الحيوية، أو تقليد الطبيعة Biomimicry، وهي مشتقة من كلمتين Bios  وتعني "life" أي الحياة وmimesis أي تقليد  "imitation"، والمحاكاة الحيوية هي منهجية تصميم وابتكار، وطريقة للتفكير والتصميم مستوحاة من حكمة الطبيعة، وتسعى إلى حل المشكلات البشرية عن طريق محاكاة التصاميم والعمليات الموجودة في الطبيعة، وبدلاً من اختراع حلول جديدة من الصفر، ينظر العلماء والمهندسون والمصممون إلى كيفية تعامل الطبيعة مع تحديات مماثلة على مدى مليارات السنين، ويستلهمون منها حلولاً مستدامة وفعالة.


الفكرة الأساسية:


فمن خلال التطور والانتخاب الطبيعي، فقد طورت الطبيعة بالفعل حلولاً مبتكرة وناجحة للعديد من المشكلات التي نواجهها اليوم، من خلال دراسة هذه الحلول الطبيعية وتقليدها، يمكننا إنشاء تقنيات ومنتجات وعمليات أكثر كفاءة واستدامة وتناغماً مع البيئة.


ومن الأمثلة على المحاكاة الحيوية:


هناك العديد من الأمثلة الرائعة على تطبيقات المحاكاة الحيوية في مختلف المجالات: منها تصميم الطائرات، حيث قام العلماء بتصميم أجنحة الطائرات الحديثة من شكل أجنحة الطيور، مما أدى إلى طائرات أكثر ديناميكية هوائية وكفاءة في استهلاك الوقود، اختراع الفيلكرو: استلهم جورج دي ميسترال فكرة الفيلكرو من كيفية التصاق نبتة الأرقطيون بفراء كلبه، تصميم مواد لاصقة قوية بدراسة كيفية التصاق أقدام أبو بريص بالأسطح المختلفة بقوة دون استخدام مواد لاصقة، مما أدى إلى تطوير مواد لاصقة جديدة، تصميم ناطحات سحاب موفرة للطاقة: استوحي تصميم نظام تكييف الهواء في بعض ناطحات السحاب من نظام تهوية أعشاش النمل الأبيض، تطوير أقمشة مقاومة للماء: تم تطوير أقمشة مقاومة للماء والأوساخ عن طريق محاكاة سطح أوراق اللوتس، تصميم روبوتات مرنة: استوحى تصميم روبوتات قادرة على الحركة في الأماكن الضيقة من حركة الأفاعي والديدان وتطوير خلايا شمسية أكثر كفاءة: يستلهم الباحثون آليات التمثيل الضوئي في النباتات لتطوير خلايا شمسية أكثر كفاءة في تحويل ضوء الشمس إلى طاقة.


وتعتمد المحاكاة الحيوية على مجموعة من المبادئ الأساسية، منها:


-التكيف مع الظروف المحلية: الكائنات الحية تتكيف مع بيئتها المحلية وتستخدم الموارد المتاحة بكفاءة.


-استخدام الطاقة بكفاءة: الطبيعة تعتمد على الطاقة الشمسية وتستخدمها بطرق فعالة ومستدامة.


إعادة تدوير المواد: لا يوجد مفهوم للنفايات في الطبيعة؛ فكل شيء يتحلل ويعاد استخدامه.


-بناء هياكل قوية وخفيفة الوزن: العديد من الهياكل الطبيعية تتميز بقوتها وخفة وزنها في نفس الوقت.


-التعاون والتكافل: العديد من الكائنات الحية تعتمد على التعاون والتكافل من أجل البقاء والنجاح.


النمو الذاتي والتنظيم الذاتي: الأنظمة الطبيعية قادرة على النمو والتنظيم الذاتي.


وتزداد أهمية المحاكاة الحيوية في عالم يواجه تحديات بيئية واقتصادية واجتماعية متزايدة. تقدم المحاكاة الحيوية نهجاً واعداً لتطوير حلول مستدامة ومبتكرة تتناغم مع الطبيعة بدلاً من العمل ضدها، فمن خلال التعلم من الطبيعة، يمكننا بناء مستقبل أكثر استدامة ومرونة.


وتحدثت الجردي بداية عن أهمية إدماج مفهوم "محاكاة الطبيعة" في المؤسسات والمنظمات المختلفة وبكافة الإختصاصات، معرفة بمنظمة Fast forward 2030، التي تنتمي إليها، وأهمية المفهوم في تطبيق أهداف التنمية المستدامة بهدف تطوير المؤسسات وابتكار الحلول النابعة من الطبيعة".


وقالت لموقعنا "زوايا ميديا": "محاكاة الطبيعة" تتعلق بفهم الطبيعة والعلم المتعلق بها، وأشكال وطرق والأنظمة والأطر المختلفة التي تتفاعل ضمنها، ولكي نأخذ ما نتعلمه ونطبقه في التصميم الإنساني، ومن ضمنه تصميم المجتمعات والسياسة وعلاقة الناس ببعضها البعض في المجتمع وعمل المؤسسات مع بعضها البعض وكيف تكون عادلة وتشاركية، كون الطبيعة تشاركية وهو ما أثبته العلم، فهي تستند على التعاون والتشارك والمنفعة المتبادلة".


وأشارت إلى أنه "هناك الكثير من الأمور التي يمكننا تعلمها من الطبيعة لنستطيع تطبيقها في حياتنا وهندستنا، وكيفية إنشاء مؤسساتنا، وحياتنا، فالحضارة تحتاج لتعلم الكثير من الطبيعة، لتستطيع التطور والإندماج مع البيئة بطريقة صحية، فإن لم نتغير ولم نفهم الطبيعة بصورة صحيحة، وأننا من الطبيعة وأن نجد أنفسنا فيها، فمن المحتمل ألا نستمر ككائنات بشرية على الأرض".


من جهتها، قالت منسقة البرامج في منظمة Fast Forward 2030، رهف ضاهر: "نحن كمنظمة عبارة عن تجمع رواد الأعمال الذين يعملون في مجالات متعددة، ولكنها جميعا تصب في أهداف التنمية المستدامة، وإحدى هؤلاء هي المهندسة جوانا الجردي، وهي التي قدمت ورشة العمل حول محاكاة الطبيعة، ومنظمتنا تمول مثل هذه النشاطات التي تعمل على التوعية للمجتمع ولرواد الأعمال الذين نعمل معهم، وهناك العديد من هذه النشاطات التوعوية حول مواضيع مختلفة مثل هذا النشاط وحول المياه، وأحدها الشهر المقبل حول تجديد التربة، خصوصا التي خسرناها خلال الحرب الأخيرة على لبنان".


وحول مركز سامي مكارم الثقافي، تحدث رئيس المركز سمير سامي مكارم: "هذه نبذة سريعة حول المركز وهو منزل من القرن السابع عشر، وعمره يناهز 400 سنة، وقد كان سجنا ومحكمة تابعة لآل تلحوق وهي إحدى العائلات الإقطاعية التي حكمت جبل لبنان إبان السلطة العثمانية، وكانت عيتات عاصمتهم، ولنتخيل التحول الكبير من سجن ومحكمة إلى مركز ثقافي، ونقوم بالكثير من النشاطات الثقافية والفنية والعلمية، وورشة العمل هذه باكورة نشاطاتنا لهذا الموسم، وهي نشاطات ليس لها علاقة بأي نشاط سياسي أو ما شابه، وجميع نشاطاتنا تهدف لتعزيز ثقافة الإبداع والترابط والتآلف في المجتمع، ولم الشمل وهي إحدى القيم التي نؤمن بها ونطبقها، ويهمنا أن تجمع النشاطات التي نقوم بها الناس، وحريصون على ألا تخلق اي ندوة نوعا من العداء والكراهية والتباعد، ولذا نبعد كل البعد عن كل ما يتمحور حول السياسة، ولدينا صفحات خاصة على مواقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، "إنستاغرام"، "لينكد إن" ومجموعة "واتساب خاصة" بالمعجبين والمتابعين لنشاطاتنا، والتي نفضل أن نبقيها مفاجآت، حيث نعلن عنها قبل ستة أيام فقط، وتنال الإهتمام والحضور الكثيف.


 

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: