نعت جمعية الجنوبيون الخضر المنسق والناشط في صفوفها، والمُسعف في جهاز الدفاع المدني اللبناني، الشهيد أسامة فرحات، الذي استشهد إثر استهداف مباشر لبلدته ميس الجبل.
وكان الشهيد أسامة قد أُصيب مؤخرًا نتيجة استهداف وحدة سكنية متنقلة، وخضع للعلاج والعناية المركّزة، قبل أن يعود إلى بلدته بعد يومين فقط من مغادرته المستشفى، ليواصل عمله الإنساني والبيئي على الرغم من الإعتداءات المتواصلة لقوات الإحتلال.
هذا التحق أسامة بالجمعية متطوعًا في حزيران/يونيو 2018، وشارك في مهام عدة لإنقاذ ورعاية الحيوانات البرية، لا سيما الثعالب، والطيور الجارحة، وابن آوى الذهبي، مكتسباً خبرة استثنائية في رعايتها والتعامل معها، ومنذ عام 2019 وحتى استشهاده، كان فاعلًا في برنامج رصد ومراقبة نقاط استراحة الطيور المهاجرة وتوثيق سلوكها، أحد أبرز برامج الجمعية التوثيقية التي تعنى بحماية الطيور المهاجرة.
وخلال العدوان الأخير، أدّى أسامة دورًا محوريًا كمنسق ميداني لفريق الجمعية، الذي اضطلع بمهمة توثيق استخدام الاحتلال للفوسفور الأبيض ضد الأعيان المدنية، والأحراج، وكروم الزيتون، وكان في طليعة من جمعوا العينات من مواقع الاستهداف، ما ساهم في إعداد عدد من الدراسات حول هذه المادة وآثارها على التربة والمزروعات، وأسّس لأرشيف موسّع وموثّق لاعتداءات الاحتلال على الغابات، والأحراج، والأراضي الزراعية، إلى جانب الاعتداءات التي طالت مواقع ثقافية في المنطقة الحدودية خلال فترة العدوان.
تعرّض الشهيد مرارًا للإصابة والاختناق نتيجة تعرّضه المباشر للفوسفور الأبيض أثناء إسعاف الجرحى وإطفاء الحرائق، إلا أن ذلك لم يثنه عن مواصلة مهامه بإصرار وتفانٍ كبيرين. فقد بقي طيلة فترة العدوان متابعًا ومسعفاً ميدانيًا، يرعى شؤون الأهالي الصامدين، ويوفّر الماء والغذاء للحيوانات الأليفة والبرية وينقل إلى أماكن آمنة ويسقي أقفار النحل في الأحراج وكروم الزيتون.
وأدانت الجمعية استمرار الاعتداءات الإسرائيلية التي تطاول المدنيين، والناشطين، والمنازل الجاهزة التي يحاول أهالي البلدات الحدودية إقامتها في إطار محاولاتهم للعودة إلى بلداتهم وزراعة أراضيهم في مواجهة التهجير القسري، تستنكر الصمت المستمر من قِبل المنظمات الدولية إزاء هذه الانتهاكات الصارخة.
وتؤكد الجمعية أن استهداف النشطاء البيئيين والمسعفين والمتطوعين الذين يعملون في ظروف ميدانية بالغة الخطورة، يُعد خرقًا مباشرًا للقانون الدولي الإنساني وللأعراف التي تحمي العاملين في المجال المدني والبيئي أثناء النزاعات.
وعليه، تطالب الجمعية المجتمع الدولي، وعلى رأسه المنظمات البيئية والحقوقية الدولية، بـتحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لوضع حد لهذه الاعتداءات، ومساءلة مرتكبيها، وضمان الحماية للأهالي والمسعفين والناشطين البيئين، لا سيما في المناطق الحدودية المتضررة والمستهدفة بشكل ممنهج.