انطلقت صباح اليوم 18 شباط/فبراير من العاصمة الأردنية عمان، وبرعاية وزارة التنمية الاجتماعية بالمملكة الأردنية الهاشمية، فعاليات الحوار الإقليمي رفيع المستوى "نحو خارطة طريق إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية" والذي ينعقد بتنظيم مشترك فيما بين منظمة المرأة العربية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي ، وتتواصل فعالياته خلال يومي 18 و19 فبراير2025.
يستهدف الحوار التوافق حول ملامح خارطة طريق إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية، وذلك من خلال تبادل التجارب والخبرات بين الممثلين الحكوميين رفيعي المستوى والخبراء من الجنسين، بالإضافة إلى مناقشة الإصلاحات السياسية والقانونية المرتبطة بإشراك الرجال في أعمال الرعاية.
شارك في الجلسة الافتتاحية كل من وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى ورئيسة اللجنة الوزارية المشتركة لتمكين المرأة في المملكة الأردنية الهاشمية، والمديرة العامة لمنظمة المرأة العربية الدكتورة فاديا كيوان، المدير الإقليمي للدول العربية بالإنابة في هيئة الأمم المتحدة للمرأة الدكتور معز دريد، وسفيرة السويد لدى المملكة الأردنية الهاشمية ماريا سارجرين ومديرة برنامج WoMENA، في االوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ أنيت فانك.
الدكتورة فاديا كيوان
في كلمتها أوضحت الدكتورة فاديا كيوان، أن "هذا الحوار الذي يضم مجموعة من كبار المسؤولين وصانعي السياسات في الدول العربية يستهدف التفكير الاستراتيجي والنقاش حول موضوع بالغ الأهمية هو موضوع اقتصاد الرعاية"، مشيرة إلى أن "مناقشة هذا الموضوع بمنزلة لمس جرح كبير في قضية المساواة بين الجنسين، نظرًا لما يرتبط به قطاع الرعاية من أدوار مجتمعية نمطية من شأنها أن تجعل العبء الأكبر في مهام الرعاية ومسؤولياتها يقع على عاتق النساء والفتيات.
وأضافت أن "اقتصاد الرعاية هو خاصرة رخوة، ومناقشتها ستسمح لنا بخط مسار فاعل نحو تحقيق المساواة بين الجنسين، سيما فيما يتعلق بمحاربة الثقافة المجتمعية والصور النمطية التي تقلل من اسهامات المرأة وتضع قيود على دورها وحضورها المجتمعي".
وتطلعت إلى "نتائج مثمرة للحوار الإقليمي رفيع المستوى نحو وضع خارطة طريق تنطوي على إعادة النظر في اقتصاد الرعاية اعترافًا بأهمية ودور هذا القطاع وبما يحقق العدالة والمساواة للنساء والفتيات ولجميع المنخرطين في قطاع الرعاية".
الدكتور معز دريد
ومن ناحيته، أكد الدكتور معز دريد، أن "الحوار الإقليمي يهدف إلى تعزيز الجهود المبذولة في منطقة الدول العربية بشأن اقتصاد الرعاية، والبدء في وضع خطط عمل جماعية على المستوى الإقليمي"، مضيفا أن "هذا المؤتمر يأتي استكمالاً للجهود الكبيرة التي بذلها الكثير في هذا المجال، ولا سيما الأساس الذي وضعه المؤتمر الدولي لاقتصاد الرعاية والحماية الاجتماعية، الذي نظّمته المملكة المغربية (يونيو2024)، بمشاركة أكثر من 500 من ممثلي الحكومات والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني".
وأضاف أن "اقتصاد الرعاية أصبح في صدارة أولويات أجندة المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة على مستوى العالم وفي منطقتنا خلال العقدين الأخيرين"، وحث على "ضرورة إحداث تحول جذري في السياسات والتفكير الاقتصادي تجاه قطاع الرعاية، حيث لم تعد الرعاية مجرد سلعة أو اختيار شخصي أو التزام عائلي، بل هي منفعة عامة تحقق فوائد تتجاوز الأفراد المتلقين للرعاية، لتعود بالنفع على المجتمعات بشكل عام وتساهم في تحقيق مكاسب مستقبلية".
وأكد على أن "المجتمعات يجب أن تنتقل من استغلال عمل المرأة غير المدفوع أو المدفوع بأجر زهيد، إلى المشاركة الجماعية في تحمل تكلفة توفير رعاية عالية الجودة للجميع، كما يجب أن يحصل جميع العاملين في قطاع الرعاية على أجر متساوٍ عن العمل ذي القيمة المتساوية، مع إعادة تعريف القيمة للاعتراف بالمساهمات الاجتماعية، بدلاً من مجرد المكافآت القائمة على السوق".
وأشار إلى أن "المنطقة تواجه تحديات خاصة بسبب الأزمات والنزاعات والحروب التي تعصف بالعديد من البلدان. ففي ظل الأزمات تصبح الأعمال غير المدفوعة أو المدفوعة بأجور منخفضة التي تضطلع بها النساء والفتيات بالغة الأهمية لسد الفجوات في الخدمات العامة الأساسية والحماية الاجتماعية.
كما شدد على مسؤولية الرجال والفتيان، مشيرا إلى أن "المنطقة العربية حققت تقدماً ملحوظاً في إشراك الرجال والفتيان في جهود المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، لا سيما في زيادة مشاركة الرجال في رعاية الأطفال. ويتضمن هذا التقدم تنفيذ بعض الإصلاحات القانونية التي تدعم إجازة الأبوة في عددٍ من البلدان، مثل المغرب والأردن ومصر وفلسطين وعمان وتونس.
ماريا سارجرين
أما ماريا سارجرين فقد أشارت إلى أن "النساء والفتيات يواجهن تحديات أساسية وكبيرة في مسار تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وينبغي أن تحصل النساء والفتيات على فرص متساوية مع الرجال في جميع المجالات، ويعتبر مجال الرعاية الأسرة مجالا أساسيا لتحقيق المساواة بين الجنسين. لأن الفجوات والخلل القائم في الوقت الذي يخصصه كل من الرجال والمرأة للرعاية يأتي على حساب قدرة النساء على الانخراط بشكل متساو في مختلف المجالات".
وأكدت أن "السويد تفتخر بعملها الحثيث والمثمر لنشر ثقافة المساواة بين الجنسين وتلتزم بالعمل من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع القطاعات".
كما أكدت على أنه "من الضروري تخصيص الموارد اللازمة لوضع سياسات وبلورة خارطة طريق من خلال عمل جماعي يضم جميع الأطراف المعنية لتحقيق الأهداف المأمولة في مجال الرعاية".
أنيت فانك
ولفتت أنيت فانك في كلمتها إلى أن "مشروع WoMENA يستهدف تعزيز السياسات السياسية التي تشمل الجميع وتراعي المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويتم تمويله من قبل وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية وتنفذه الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ وعلى مدى العامين الماضيين، وقد جمع مشروع WoMENA الجهات الفاعلة الرئيسية من مصر والأردن ولبنان والمغرب وفلسطين وتونس لمناقشة وضع أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر في المنطقة."
ويركز الحوار اليوم على الجهود التعاونية الرامية إلى تعزيز أطر السياسات، وتعزيز القدرات المؤسسية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. ومن خلال العمل معا، يمكننا خلق بيئة مواتية تدعم مقدمي الرعاية، وتمكن المرأة، وتضمن مرونة أنظمة الرعاية وشمولها.
وفي كلمتها أوضحت الوزيرة وفاء بني مصطفى أن "الرعاية الاقتصادية للمرأة تعد ركيزة أساسية للمجتمع والاقتصاد، وتعد الأسر داعماً رئيسيا لتقديم الرعاية وتلقيها، وأن الآثار المترتبة على من يقدم الرعاية ومن يتلقاها تمتد إلى ما وراء نطاق الأسرة".
وأضافت أن "الاستثمار في سياسات الرعاية يؤدي إلى الحد من أعباء العمل الرعائي غير مدفوع الأجر، حيث أن الاستثمار في سياسات رعاية الأطفال في الأردن حسب الدراسات ذات العلاقة تشير إلى أنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة متوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، وأن توسيع اقتصاد رعاية الأطفال يمكن أن يخلق ما يصل إلى 43 مليون وظيفة على مستوى العالم، فضلاً عن توسيع فرص ريادة الأعمال".
وأوضحت أن "وزارة التنمية الاجتماعية قامت بإصدار (التعليمات المالية وشراء الخدمات لبدائل الإيواء والخدمات المساندة للأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2023) لمنح القائمين على العمل الرعائي لذوي الإعاقة مساعدات مالية شهرية لمساعدتهم على العناية بذوي الإعاقة، وإنشاء (28) وحدة تدخل مبكر بهدف الكشف المبكر عن نوع الإعاقة. وتم استحداث 27 مركز نهاري دامج، كما استفادت 20 ألف حالة سنويا من الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن من ذوي الأمراض المزمنة من خدمة الإعفاء من رسوم تصريح العمل للعامل غير الأردني والعاملات في المنازل".
وبينت أن "قطاع الحضانات من القطاعات الواعدة، وقد حظي بأهمية كبيرة في استراتيجية تمكين المرأة في رؤية التحديث الاقتصادي التي تم إطلاقها العام 2022 ، وتم اعتباره إحدى الأولويات لزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل في خطة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي للأعوام 2023-2025".
وتطرقت إلى أنه "تم اصدار نظام مزاولة مهنة العمل الاجتماعي لسنة 2024 بموجب قانون وزارة التنمية الاجتماعية وتشمل مهنة العمل الاجتماعي بموجب النِّظام المهن الاختصاصيَّة، بهدف تقديم خدمات فُضلى للمستفيدين من خلال رفع مستوى العاملين فيها وتحسين أدائهم".
وقد بدأت فعاليات الحوار بجلسة رفيعة المستوى أدارتها الدكتورة فاديا كيوان، شارك فيها عدد من رئيسات الآليات الوطنية المعنية بالمرأة، عضوات المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية وهن: الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة المهندسة مها علي، مستشارة في الرئاسة الفلسطينية فريال سالم، رئيسة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية عن الجمهورية اللبنانية وفاء الضيقة حمزة، ، وزيرة الدولة لشؤون المرأة - دولة ليبيا الدكتورة حورية خليفة الطرمال، ورئيسة اللجنة الوطنية للمرأة- الجمهورية اليمنية الدكتورة شفيقة سعيد عبده.
هذا ويشارك في الحوار أكثر من 80 مشاركًا/مشاركة من الحكومات والمؤسسات العامة في المنطقة العربية، فإلى جانب وزيرات المرأة ورئيسات الآليات الوطنية للمرأة، يشارك ممثلون/ات عن وزارات العمل، والشؤون الاجتماعية، والمالية، ورؤساء/رئيسات لجان برلمانية لشؤون المرأة، يشارك كذلك أعضاء/عضوات الشبكة الإقليمية لصانعي القرار للمساواة بين الجنسين، فضلا عن خبراء/خبيرات من وكالات الأمم المتحدة، والأكاديميا، والقطاع الخاص، والمؤسسات العامة ومنظمات العمال.
