info@zawayamedia.com
لبنان

ليتنا نصمت ونرتقي إلى مستوى الوجع والتحديات!

ليتنا نصمت ونرتقي إلى مستوى الوجع والتحديات!

كيف يمكننا، بل كيف نسمح لأنفسنا بالغرق في وحول سجالاتٍ من نوع "انتصرنا" أو "هُزمنا"، فيما دماء من قضوا لم تجفّ بعد، وآلام الجرحى لم تندمل، ومعاناة من هجروا بيوتهم قسراً لم تُمسح، بل تنتظر الكثيرين منهم معاناةٌ أكثر قسوةً، حين يتوجهون للقاء منازلهم، فتعانق قلوبهم فراغاً ودماراً يتكوّم كأنما يحتضن ذكريات حياتهم وضحكات صباحاتهم وترانيم أحلامهم؟


كيف، وعشرات القرى لم يعد لها وجود، وقد أباد الحقد والإجرام بصلافةٍ وعلى مرأى ومسمع العالم بيوتها وحقولها وحتى المقابر فيها، كأنما في محاولةٍ منه لاقتلاعها من جذورها، ومحو بهاء حياتها الذي يفضح بشاعة آلته العسكرية التي تجسد همجيته وعنصريته؟


كيف، وآلاف البيوت والمباني لا تزال تحتضر، وتنفث الدخان من رمادها كأنما تلفظ أنفاسها الأخيرة؟ كيف، وقد غرقنا أكثر فأكثر في مستنقع انهياراتٍ متواصلة، تشدّنا إلى أسفلٍ لا قاع له؟ كيف، والحرب لا تزال تسدّد فوهات مدافعها على رأس السلام الهش؟


أيعقل أن نرقص فوق موتنا؟ أليس من الحكمة أن نتواضع جميعنا ونتّعظ، بدل أن نكابر وننقسم ونتبادل عبارات التخوين والتهديد والوعيد والتشفيّ، وأن نتّحد ونتماسك ونتطلّع إلى الآتي الأفضل، بدل أن نواصل نبش الأحقاد؟


ليتنا نصمت خاشعين أمام هول ما عصف بلبنان واللبنانيين، ونضيئ شمعةً، ألماً وأملاً، وننهض لنعيش بسلام ونحاول اللحاق بركب ما يشهده العالم من تطوّرات وآفاقٍ مفتوحة على المزيد من الإنجازات، بدل التقوقع في مواقف دمّرتنا، والغرق في سجالات ومناكفاتٍ فرّقتنا.

بسام سامي ضو

بسام سامي ضو

كاتب وصحافي لبناني مقيم في دبي