info@zawayamedia.com
بيئة

بعد مقال عالمي في الغارديان تناول جهود ناشطين لبنانيين بالمحافظة على الطيور ... التيك توك يغير سياساته!

بعد مقال عالمي في الغارديان تناول جهود ناشطين لبنانيين بالمحافظة على الطيور ... التيك توك يغير سياساته!

بداية، لا بد من الإشارة إلى المقالة العالمية في موقع الغارديان تحت عنوان لافت، وهو "مذبحة من أجل إعجابات التيك توك": هل تغذي وسائل التواصل الاجتماعي ذبح 2.6 مليون طير في لبنان؟"، كتبته الصحفية هانا مكارثي Hannah McCarthy، في إشارة إلى استخدام موقع "التيك توك" للتواصل الإجتماعي من قبل الصيادين غير القانونيين "القواصون" كما يسمون باللهجة المحلية، لنشر محتوى يوثق الصيد الجائر في لبنان، وفي هذه الناحية، فمعظم وسائل التواصل الإجتماعي إن لم تكن كلها، والمهم أن هذه المقالة أدت إلى تغيير موقع "التيك توك" سياساته الخاصة بالمحتوى الذي يوثق هذا النوع من الصيد والذي يعمل "القواصون" على نشر محتواهم للحصول على الإعجاب، وسنناقش ضمن هذه المقالة، المآخذ على المعلومات الواردة فيها، ونبدأ بترجمة المحتوى بتصرف، بعدها نكتب الملاحظات المرفقة على النص الوارد.


وكتبت مكارثي: "صيد الطيور المهاجرة غير قانونية في البلاد، ولكن سلسلة من الأزمات تعني أن تطبيق القانون أمر مثير للسخرية، حيث يتم إطلاق النار على العديد من الطيور "للمتعة فقط"!


وتنتشر أغلفة القذائف لامتناثرة في مرج جبل تربل في شمال لبنان، ويقع الوادي أدناه على طول أحد أكثر الطرق ازدحامًا بالطيور المهاجرة في العالم، حيث تشكل قمة الجبل، التي تعصف بها الرياح العاتية، ممرا طبيعيا يشجع الطيور المنهكة من الرحلات الطويلة بين أفريقيا وأوراسيا لتقوم بالطيران على ارتفاعات منخفضة.


ويقول ميشال صوان، رئيس الجمعية اللبنانية للطيور المهاجرة (LAMB صفحة فيسبوك) وصفحة Instagram، إن هذه الطيور التي تحلق على ارتفاعات منخفضة تشكل أهدافًا سهلة للصيادين الذين يعيشون في المجتمعات الجبلية. "ويقول هؤلاء: لقد ورثنا هذه الثقافة من أجدادنا، وأنا أقول باستمرار: "أجدادكم كانوا ولا يزالوا مخطئين".


وفي كل عام، يتم قتل 2.6 مليون طائر بشكل غير قانوني أثناء تحليقها فوق الأراضي اللبنانية، وفقاً لمنظمة بيرد لايف إنترناشيونال BirdLife International. ويتم إطلاق النار عليها أثناء هجرتها الموسمية بين أوراسيا وأفريقيا، وهي رحلة يقوم بها حوالي 2 مليار طائر.


"الطيور كنز عالمي... فهي لا تنتمي إلى دولة واحدة - إنها مسؤولية عالمية" برزيميسلاف نيسيووفسكي، سفير بولندا في لبنان


من بين آلاف الطيور التي يتم إصطيادها في هذه المنطقة، لا يتم جمع معظم الجثث أو أكلها من قبل الصيادين، بل يتم تركها ببساطة في قاع الوادي، حيث يتم إطلاق النار عليها "للمتعة فقط"، كما يقول صوان، إذا لم تموت الطيور بسرعة، فإنها غالبًا ما تعاني من موت بطيء ومؤلم على الأرض، حيث تأكل الديدان لحمها الحي.


على مدى العقد الماضي، تلقت الممارسة القديمة المتمثلة في صيد الطيور المهاجرة الوقود من مسرعات القرن الحادي والعشرين: وسائل التواصل الاجتماعي، والأسلحة عالية الدقة، ينشر العديد من الصيادين مقاطع من عمليات القتل التي يقومون بها على الإنترنت، وهناك مخاوف من أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي هي الدافع وراء عمليات القتل، فعلى موقع التواصل الإجتماعي  TikTok، يشارك الصيادون مقاطع فيديو لطيور اللقلق التي يتم إطلاق النار عليها من السماء، باستخدام أسلحة عسكرية في بعض الأحيان، "إنهم يذبحون الطيور من أجل الإعجابات"، يقول صوان، ويتابع: "إذا لم يكن لديهم مكان لنشر مقاطع الفيديو هذه، فلن يطلقوا النار على هذه الطيور". لقد أبلغ صوان عن مقاطع الفيديو لكنه يقول أنن إدارة TikTok تؤكد أن اللقطات لا تتعارض مع سياساتها، ولم يستجب موقع TikTok لطلب التعليق.


كان صوان صيادًا في السابق، لكن مشاهدته لقتل جماعي لطيور اللقلق حولته إلى النشاط في مجال الحياة البرية، الخسائر البشرية تزعجه أيضًا، يقول كل عام، يموت شخص على الأقل أثناء الصيد، وقد أصيب فتى مراهق كان يستقل دراجة نارية بالرصاص عن طريق الخطأ أثناء عملية صيد بالقرب من زغرتا في وقت سابق من هذا العام، كما يقول صوان، الذي توفي أحد أصدقاء طفولته أثناء عملية صيد، ويقول الناشط إنه تعرض لإطلاق النار سبع مرات من قبل الصيادين أثناء محاولته حماية الطيور.


وبينما كان يقود سيارته على طول الطريق المتعرج حول جبل تربل، أبطأ صوان سرعته، ملاحظًا صوت العصافير في إحدى المنعطفات، "هل يمكنك سماع ذلك؟ يقول صوان: "إنها آلة لتغريد الطيور  birdcall machine والتي يستخدمها الصيادون لجذب الطيور." وبعد لحظات، سُمع صوت طلقات نارية في الهواء.


واليوم، ينتظر صوان لمرافقة إحدى الوحدات المحلية الثلاث لمكافحة الصيد الجائر التي تم تعيينها مؤخرًا في جبل تربول من قبل قوى الأمن الداخلي اللبناني، الوحدة لا تظهر.


لكن مصدر أمني لبناني يقول إنه على الرغم من النقص في الكوادر، فإن الصيد الجائر يمثل أولوية بالنسبة لقوى الأمن الداخلي، ويتم القبض على الصيادين ومصادرة أسلحتهم. ويقولون: "من الأخلاقي بالنسبة لنا أن نساعد الطيور المهاجرة".


في السنوات الأخيرة، شوهدت لأول مرة في لبنان العديد من أنواع الطيور التي توجد عادة في المناطق الصحراوية في أفريقيا والخليج، بما في ذلك الزقزاق ثلاثي النطاقات  three-banded plover، والأبلق المقنع the hooded wheatear، و الأبلق الكردي the kurdish wheatear. وهذا يشير إلى أن أزمة المناخ تؤثر على مسارات هجرة هذه الطيور.


يقول الدكتور نابغ غزال أسود، مدير برنامج الصندوق الدولي لرعاية الحيوان  International Fund for Animal Welfare: "لم يتم الإبلاغ عن هذه الأنواع من قبل في خطوط العرض الشمالية هذه، ويمكن تبرير ذلك بشكل أساسي من خلال التغير في أنماط المناخ حيث تم طردها بعيدًا عن نطاقاتها الطبيعية، للمغامرة شمالًا في مناطق جديدة"، ويقول إن "ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يغير أيضًا أنظمة الطقس، بما في ذلك اتجاه الرياح والعواصف الحرارية الدافئة، مما يتسبب في انحراف الطيور عن هجرتها أو البحث عن موائل جديدة".


ويؤثر قتل الطيور الجارحة مثل العقاب الصغير lesser spotted eagle  والبواشق   the sparrowhawk سلباً على النظام البيئي في لبنان، حيث تعمل هذه الطيور على السيطرة على القوارض والآفات. وبدون هذه الطيور المفترسة، يضطر المزارعون إلى استخدام سم الفئران لحماية محاصيلهم.


ويقول فؤاد عيتاني، رئيس جمعية حماية الطيور في لبنان Association for Bird Conservation in Lebanon ، إن هناك "414 نوعًا من الطيور مسجلة في لبنان، بما في ذلك 48 نوعًا من الطيور التي تثير قلقًا كبيرًا، وجميعها يتم إطلاق النار عليها أو القبض عليها في البلاد". ويضيف إن "وقف الصيد الجائر أمر بالغ الأهمية للحفاظ على النظم البيئية المحلية والعالمية الصحية، حيث تلعب الطيور أدوارًا أساسية في مكافحة الآفات وتلقيح النباتات ونشر البذور، وهي أمور ضرورية للحفاظ على التوازن البيئي، ويمكن أن يؤدي فقدان هذه الطيور إلى زيادة أعداد الآفات، وانخفاض التلقيح وانخفاض التنوع النباتي."


وقد دعت الجمعية اللبنانية للطيور المهاجرة إلى تصنيف منطقة تربل-زغرتا على أنها "منطقة مهمة للطيور والتنوع البيولوجي" (IBA) bird and biodiversity area من قبل BirdLife International، ولكن حتى الآن لم يكن هناك تمويل للأبحاث لدعم هذا الوضع المحمي. يقول إبراهيم خضر، مدير الشرق الأوسط في BirdLife International، إن تربل-زغرتا قريبة من منطقة هامة للطيور موجودة أصلا، ولكن بدون بيانات توضح معايير معينة، لا يمكن تحديد المنطقة.


على طريق جبل تربل، وعلى الرغم من إطلاق النار من مسافة بعيدة، ليس لدى صوان الوقت لمطاردة الصيادين، فهو في طريقه إلى قرية جرجور للحصول على طائر العوسق لملجأ طيور الجمعية، وغالبًا ما يتم إحضار الطيور المصابة، ويحاول صوان وزميله فادي حبيب إنقاذها، ويقضيان أحيانًا ساعات في التقاط الديدان من أجسادها، تتعافى بعض الطيور تمامًا؛ ولكن لن تعود الأخرى للطيران أبدًا مرة أخرى ومن المحتمل أن تبقى في الملجأ لبقية حياتها، يقول صوان: "هذا يشكل عبئاً في بعض الأحيان، كلما زاد ما لدينا، زادت النفقات."


وتدعم السفارة البولندية صوان منذ عام 2015، وشجعته على تأسيس منظمة لامب رسميًا كمنظمة غير حكومية في عام 2021. ويقول برزيميسلاف نيسيووفسكي، السفير البولندي في لبنان: “الطيور كنز عالمي، إنهما لا تنتمي إلى بلد واحد، وهي مسؤولية عالمية." وقد بدأ الاهتمام البولندي بالحفاظ على الطيور في لبنان بعد أن تم تداول لقطات "مزعجة" لمذابح طيور اللقلق في لبنان قبل 10 سنوات في بولندا، حيث تعتبر الطيور رمزا وطنيا غير رسميا.


يقول نيسيووفسكي: "هي تعتبر تعويذة للحظ السعيد - إذا أقام طائر اللقلق الأبيض عشًا في منزلك، فلن تشتعل فيه النيران أبدًا، وهي جزء من المناظر الطبيعية لدينا... عندما تتجمع في الحقول قبل أن ينتقلوا إلى الجنوب، فإنك تعلم أن الصيف قد انتهى وأن الخريف قادم".


ملاحظات


وبعد الإنتهاء من ترجمة المقال السابق، لا بد من الإشارة إلى بعض المآخذ عليه، فلا يعني أن كل "افرنجي برنجي"، أي أن كل ما يأتي من الخارج، يمكن التعامل معه على أنه صادق تماما، وليس كل ما يبدو على أنه صحيح، فهو صحيح تماما، أولهما الهجمة على موقع "التيك توك" بصورة ممنهجة وفي كل مناسبة، وليس هنا نقوم بالدفاع عن هذا الموقع، ولكن على الأفراد تحسين المحتوى من مجرد وسيلة لبث الفيديوهات التي لا تعني أو تفيد شيئا، أو ربما تضر إلى محتوى ذات قيمة ونوعية وجودة، فالـ "تيك توك" أصبح وسيلة أيضا لكسر احتكار المواقع الأخرى ولا سيما الفيسبوك، فمنذ تأسيسه في العام 2004، وحتى اليوم، استحوذ الموقع على "الواتساب" و"إنستاغرام"، ووضع شروطه وقوانينه وعدد منها مجحفة، التي تحظر الكثير، ومنها علمية وذات نوعية جيدة للغاية، في احتكار للكثير مما ينشر على صفحاته، مع حصر قائمة الأصدقاء بعدد قليل، ما يمنع وصول الكثير من المنشورات إلى عدد كبير، وهذه الخدمات مشروطة بالدفع أي مدعوم Sponsored، ليشكل مصدرا لتمويل الفيسبوك وغيره أكثر وأكثر.


من الناحية الثانية، بما يخص قوى الأمن الداخلي، فقد أكد صوان لموقعنا "زوايا ميديا" أن ما ذكر حول دور قوى الأمن في المقال ليس صحيحا تماما، فالوحدات الأمنية المكلفة بمواكبة الناشطين تعاني من أزمات متعددة، توازيا مع الأزمة الإقتصادية التي تعصف بالبلاد، والتي أدت إلى انخفاض في قيمة عديدها بسبب ترك الأفراد لشح الموارد والرواتب بعد انهيار العملة، كما وأن عتادها من مركبات وسيارات تحتاج للصيانة والوقود غير المتوفر، فضلا عن وجود حالات أمنية تتطلب الأولوية في بعض الأحيان، وأشار صوان إلى أن "القوى الأمنية والقيادات خصوصا تواكبنا في معظم الحالات على الأرض، وقد تمكنا من كبح التحديات بنسبة كبيرة للغاية بمساعدتها، ونأمل تشكيل الضابطة البيئية التي يمكن أن يتم تمويلها مباشرة من المخالفات، أو من رخص الصيد إن تم فتح موسم الصيد، إذ أن الصيد الذي يخضع للقانون، يمكن أن يصل بنا إلى تسوية، حيث يتم الصيد في مواسم معينة، وبذلك يمكن أن تكون المخالفات والعقوبات المتصاعدة عليها رادعة، وتفعيل الوزارات من بيئة وزراعة وغيرها، في هذه الضابطة التي تساهم في توفير الأعمال لناشطين وغيرهم، فضلا عن حماية التنوع البيولوجي".


بتصرف عن "الغارديان"


 

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: