info@zawayamedia.com
علوم

دراسة حديثة: الدماغ قادر على تخزين بيانات أكثر بعشرة أضعاف!

دراسة حديثة: الدماغ قادر على تخزين بيانات أكثر بعشرة أضعاف!

أشارت دراسة جديدة إلى أن الدماغ يستطيع تخزين بيانات أكثر بعشرة أضعاف مما كان يعتقد سابقًا، حيث توصل باحثون إلى طريقة جديدة لقياس كمية المعلومات التي يستطيع الدماغ تخزينها، ما قد يساعد البشر على تعزيز فهمهم لآلية التعلم.


وقد أشارت الدراسة التي نشرت في موقع Livescience إلى أن الذاكرة المخزنة في الدماغ تقاس بوحدة البت (bits)، أي بصورة مشابهة للحواسيب، إذ يمثل عدد البتات في الدماغ الارتباطات بين الخلايا العصبية التي تعرف بالمشابك العصبية، وقد اعتقد العلماء على مر التاريخ أن هذه المشابك تتصف بأحجام وقوى محدودة، ما قلل بدوره من تقديرهم لسعة تخزين الدماغ، إلا أن هذه النظرية تغيرت على مدى الأعوام السابقة، إذ تؤكد الدراسة الجديدة أن الدماغ قادر على تخزين معلومات أكثر بعشرة أضعاف مما كان يعتقد سابقًا.


ولهذا فقد طور الباحثون في سبيل الدراسة السابقة طريقة جديدة عالية الدقة، لتقييم قوة الارتباطات بين الخلايا العصبية في منطقة من دماغ فأر تجارب، حيث تشكل هذه المشابك العصبية أساس عملية التعلم والذاكرة، إذ تستطيع خلايا الدماغ من خلالها التواصل فيما بينها، ومنه تخزين المعلومات ومشاركتها مع الخلايا الأخرى.


وتمكن العلماء من تحديد مقدار البيانات التي تستطيع هذه المشابك تخزينها بدقة، وذلك بتعميق فهمهم للآلية التي تقوى فيها هذه المشابك أو تضعف، إضافةً إلى مقدار هذا التغير، تظهر الدراسة التحليلية السابقة، التي تم نشرها في نيسان/أبريل من هذا العام في المجلة العلمية  Neural Computation، أن الطريقة الجديدة لن تقتصر فوائدها على تعزيز فهم الباحثين لآلية التعلم، بل ستعمق فهمهم للتقدم في العمر والأمراض التي تسبب تآكل مشابك الدماغ أيضًا.


وفي هذا السياق، فقد أوضحت البروفيسورة المساعدة في قسم الفيزيولوجيا العصبية في جامعة شيكاغو، جاي يو  Jai Yuالتي لم تشارك في الدراسة في بريد إلكتروني لالمجلة العلمية Live Science: "تمكنت أساليب الدراسة السابقة من الوصول إلى جوهر استطاعة الدارات العصبية على معالجة البيانات. تمثل إمكانية تقدير كمية المعلومات التي يستطيع الدماغ معالجتها خطوة مهمة في طريق فهم قدرته على إجراء حسابات معقدة واستيعابها".


ويوجد أكثر من 100 تريليون  100 trillionمشبك بين الخلايا العصبية في الدماغ الإنساني  human brain، تتحرر الوسائط (المواد) الكيميائية بين هذه المشابك، ممهدةً بذلك انتقال البيانات بين العصبونات، يزداد انتقال المعلومات بين مشابك عصبية محددة في الدماغ بتعلم الإنسان لأشياء جديدة، ويمكن ازدياد قوة المشابك هذه لدى البشر من الحفاظ على المعلومات الجديدة وتذكرها، تقوى المشابك العصبية أو تضعف تبعًا لمدى نشاط الخلايا العصبية المشكلة للمشبك، إذ تعرف هذه الظاهرة باسم المرونة المشبكية synaptic plasticity، وتصبح المشابك العصبية أقل فعالية وأكثر ضعفًا، وذلك بتقدم العمر أو عند الإصابة بأمراض عصبية مثل داء ألزهايمر Alzheimer's، ما يضعف الوظيفة الإدراكية cognitive performance لدى البشر ويقلل من قدرتهم على تخزين الذكريات واسترجاعها.


ويستطيع العلماء قياس قوة المشابك العصبية بدراسة خواصها البنيوية والمادية، تفعّل أحيانًا الإشارات المرسلة من خلية عصبية واحدة أكثر من مشبك عصبي في آن واحد، إذ يستخدم العلماء المشابك العصبية المفعلة لدراسة دقة المرونة المشبكية وإحكامها، بمعنى آخر، هل يتمكن كل مشبك عصبي من المشابك السابقة من أن يقوى أو يضعف بالطريقة ذاتها عند تلقيه الإشارة ذاتها؟


أثبتت سابقًا صعوبة قياس دقة المرونة المشبكية وإحكامها، إضافةً إلى صعوبة معرفة كمية البيانات التي يستطيع أي مشبك عصبي تخزينها، وبرهنت هذه الدراسة الجديدة عكس ذلك.


وقد استعان فريق البحث لقياس قوة المشابك العصبية ومرونتها بنظرية المعلومات information theory، وهي طريقة رياضية تهدف إلى فهم كيفية انتقال البيانات ضمن شبكة ما، تمكن هذه الطريقة أيضًا العلماء من حساب كمية المعلومات التي يمكن نقلها عبر المشابك العصبية، وذلك مع وضع ضوضاء الدماغ والفوضى التي تجري به أيضًا في الحسبان. 


يوضح المؤلف المشارك في الدراسة ورئيس مخبر البيولوجيا العصبية المحوسبة في معهد The Salk للأبحاث البيولوجية، تيرينس سيجنوفسكي Terrence Sejnowski لموقع Live Science  أيضًا عبر البريد الإلكتروني، بأن "المعلومات المرسلة بين العصبونات تقاس بوحدة البت، يعني ذلك أن المشبك العصبي الذي يملك عدد بتات أكثر قادر على تخزين كم أكبر من البيانات، مقارنةً بغيره الذي يملك عدد بتات أقل، يعني البت أن المشبك العصبي يبعث الإشارات بقوتين اثنتين، في حين تدل البتات على إرسال الإشارات بأربع قوى، وهكذا".


وقام فريق البحث بتحليل بضعة مشابك عصبية من منطقة الحصين في دماغ فأر تجارب، وهي منطقة تؤدي دورًا أساسيًا في عملية التعلم وتشكيل الذاكرة. أتت هذه المشابك من مناطق متجاورة جدًا في الدماغ، ما يعني أنها كانت تتفعل نتيجةً للنوع ذاته من الإشارات العصبية وللكمية نفسها. أكد الباحثون أن المشابك ازدادت قوة أو ضعفت نتيجة تلقيها النوع والكمية ذاتها من الإشارات، ما يشير إلى دقة الدماغ العالية وإحكامه في ضبط قوة المشبك.


تشير نتائج التحليلات إلى أن المشابك العصبية في منطقة الحصين قادرة على تخزين كمية من المعلومات تقدر بنحو 4.1 إلى 4.6 بت. توصل الباحثون في بحث سابق أجري على دماغ فأر إلى نتائج مشابهة، لكنهم جمعوا البيانات حينها بطريقة أقل دقة. وأوضح البروفيسور في علم الأعصاب بجامعة كارديف في المملكة المتحدة الذي لم يشارك في الدراسة، كيفن فوكس  Kevin Foxلموقع  Live Science عبر البريد الإلكتروني، أن نتائج الدراسة الجديدة هذه ساعدت علماء الأعصاب على تأكيد ما كانوا يعتقدونه، الذي يتمثل في أن المشبك العصبي يستطيع أن ينقل ويخزن أكثر من بت واحد فقط.


وقد أجريت الدراسة على جزء صغير من منطقة الحصين hippocampus لدى فئران التجارب، ما يعني أن تطبيق نتائجها على كامل دماغ الفأر أو الإنسان ليس واضحًا تمامًا. أشارت جاي لو إلى أن القدرة على تحديد اختلاف سعة تخزين البيانات بين مناطق الدماغ المختلفة والأنواع المختلفة أمر مثير للاهتمام.


أكمل فوكس قائلًا إن الفريق سيتمكن في المستقبل من الاستعانة بأساليب الدراسة هذه لمقارنة سعات التخرين للمناطق المختلفة من الدماغ، قد تستخدم الأساليب أيضًا لدراسة منطقة معينة من الدماغ في حالتها السليمة، ومقارنتها بحالتها المصابة بمرض عصبي ما.


 بتصرف عن Live Science

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: