info@zawayamedia.com
صحة

البوتوكس... السم القاتل وعلاج لمئات الحالات!

البوتوكس... السم القاتل وعلاج لمئات الحالات!

"البوتوكس" Botox وهو اسم تجاري لسم عصبي تفرزه بكتيريا كلوستريديوم بوتولينوم  Clostridium botulinum، وعند تناول الطعام الملوث بهذه البكتيريا، يمكن أن يتداخل مع العضلات الرئيسية في الجسم، مما يسبب الشلل وحتى الموت، ولكن عند حقنه بجرعات صغيرة في المناطق المستهدفة، فإنه يمكن أن يمنع الإشارات بين الأعصاب والعضلات، مما يتسبب في استرخاء العضلات، وهي الطريقة التي يعمل بها هذا السم وبجرعات صغيرة للغاية على تنعيم التجاعيد، فعندما القيام بشل حركة العضلات المحيطة بالخطوط الدقيقة، تقل احتمالية تحرك تلك الخطوط - مما يجعلها أقل وضوحًا، ولهذا السبب أيضًا وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على استخدامه في علاجات أخرى مثل علاج فرط نشاط المثانة، حيث يمكن للبوتوكس أن يمنع تقلصات العضلات اللاإرادية التي يمكن أن تجعل الناس يشعرون وكأنهم مضطرون للتبول حتى عندما لا يفعلون ذلك.


وهناك 4 أنواع من هذا السم وهي ثلاثة من النوع A وواحد من النوع B، حيث تمت الموافقة على توكسين البوتولينوم A للاستخدام التجميلي، فيما يستخدم توكسين البوتولينوم B لأنواع مختلفة من أمراض العضلات، والمستحضرات التي تمت الموافقة عليها من قبل FDA هي OnabotulinumtoxinA ، AbobotulinumtoxinA، IncobotulinumtoxinA  وRimabotulinumtoxinB، ويستمر مفعول الحقن بين 4 و6 أشهر.


وبفضل الاستخدام غير المصرح به إلى حد كبير، يتم بشكل متزايد استخدام هذا السم والذي أصبح يعرف باسمه التجاري البوتوكس والمصنع من قبل شركة Allergan الذي انفجر كظاهرة ثقافية وانتصار طبي لعلاج مشاكل تتجاوز استخداماته التجميلية، وفي قائمة تشمل كل شيء تقريبا، ومنذ استخداماته الأولى في العام 1989 وشراء المستحضر من قبل Allergan في علاج الحول، وتشنج عضلات العين،  أصبحت استخداماته تتنوع بدءا من التعرق الزائد وتشنجات الرقبة إلى تسرب المثانة وسرعة القذف والصداع النصفي والاكتئاب وبرودة الأيدي وحتى الحالة القلبية الخطيرة المتمثلة في الرجفان الأذيني بعد جراحة القلب، من بين حالات أخرى، إن نطاق الحالات التي يستخدم الأطباء البوتوكس لعلاجها الآن مذهل، وهو ما يعكس الخصائص الفريدة للدواء بقدر ما يعكس الاستراتيجيات الفريدة التي تنتهجها صناعة الأدوية لإنتاج دواء ناجح.


وعلى الرغم من إمكانات الدواء الهائلة، لكنها لا تخلو من المخاطر، يتفق معظم الخبراء على أن تناول البوتوكس بجرعات صغيرة يكون آمنًا عندما يتم إعطاؤه بواسطة متخصص مرخص، ولكن لا يتفق الجميع على أن سلامته تمتد إلى جميع الاستخدامات الأحدث غير المصرح بها، والتي تسببت في السنوات الأخيرة، برفع عدد من الدعاوى القضائية البارزة ضد شركة Allergan المصنعة للدواء، حيث ادعى المدعون أن الاستخدامات غير المصرح بها - للأمراض بما في ذلك أعراض الشلل الدماغي لدى الطفل، على سبيل المثال، أو ارتعاش يد شخص بالغ - أدت إلى جانب ضار دائم، وتأثيرات سلبية، ومع ذلك، فإن قبول الدواء في عدد متزايد من عيادات الأطباء في جميع أنحاء العالم، ونمو إيراداته، لا يظهر أي علامات على التباطؤ.


تاريخ هذا السم


تم وصف توكسين البوتولينوم لأول مرة في العام 1822، على أنه "سم النقانق" أو "السم الدهني" من قبل الطبيب والشاعر الألماني الدكتور جوستينوس كيرنر، وذلك بسبب ارتباطه بمنتجات اللحوم سيئة الإعداد أو المعالجة، في الدراسات التي نشرت في ذلك العام، ذكر الدكتور كيرنر أن السم يمكن أن يقطع نقل الإشارات الحركية في الجهاز المحيطي والجهاز الذاتي، كما أن توكسين البوتولينوم يمكن أن يكون قاتلاً بجرعات صغيرة.



وفي العام 1928، ستحاول الولايات المتحدة في العقود القادمة، تحويل هذا السم إلى سلاح لاستخدامه في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومع ذلك، في عام 1928، قام عالمان يدعيان ب. تسمر سنايب P. Tessmer Snipe وهيرمان سومر Hermann Sommer بتنقية السم، وبالتالي خلق مادة آمنة يمكن استخدامها لأغراض علاجية.


وفي العام 1949 العام، اكتشف عالم الفسيولوجيا والصيدلة البريطاني أرنولد بورغن Arnold Burgen أن سم البوتولينوم يمكن أن يمنع انتقال الإشارات العصبية والعضلية، ليتبع في العام 1968، حين بدأ طبيب العيون آلان سكوت وإدوارد شانتز في تطوير حقن طبية موحدة باستخدام توكسين البوتولينوم من النوع A، والذي استخدمه في النهاية في تجاربه على القرود في علاج الحول، وقد نجحت هذه التجارب.


بحلول العام 1980، بدأ الدكتور سكوت باستخدام السم المكرر لعلاج حالتين في العين: الحول (المعروف أيضًا باسم العيون المتقاطعة) وتشنج الجفن blepharospasm، وعندما يتم حقنه في العين الأقوى لمرضاه الذين يعانون من الحول، يسبب السم شللًا عضليًا بسيطًا، وتصبح العين الأخرى أقوى، وفي العام 1989 أصبح BoNT-A (المعروف تجاريا باسم البوتوكس) معتمدًا من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في عام 1989، للاستخدام في البداية في الحالات الطبية مثل الحول وتشنج الجفن وتشنجات نصف الوجه، كان هذا أيضًا هو العام الذي تم فيه توثيق تأثير البوتوكس التجميلي لأول مرة، من قبل فريق طبيبين زوجين من كندا، كولومبيا البريطانية. وكين كاروثرز  Kean Carruthers طبيبة عيون، وزوجها أليستير Alistair طبيب أمراض جلدية، حيث لاحظت كين كاوثرز أن المرضى الذين تعالجهم للحول أو لتشنج الجفن، أصبحت التجاعيد لديهم أقل، وتابع زوجها اليستير كاوثرز في استخدام البوتوكس في هذا المجال، ليتم في العام 2002 الموافقة على المستحضر من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA لأغراض التجميل. منذ ذلك الحين تم استخدامه أيضًا في مجالات أخرى مثل التعرق المفرط تحت الإبط وتعذر الارتخاء achalasia ( وهو تشنج يحدث في المريء)، وبعد ما يقرب من 200 عام من اكتشافه الأولي، لا يزال هذا السم قيد الاستخدام إلى حد كبير، وبدأت الكثير من الشركات بتصنيعه بعد أن انتهت حقوق الملكية وبراءة الإختراع patency، حيث يقوم الآلاف من الأطباء المدربين بخبرة في هذا المجال باستخدامه حول العالم، وقد وصل عدد الحالات التي وافقت عليها FDA تسع حالات، فضلا عن مئات الحالات غير المدرجة والتي أصبحت شائعة.


إحصاءات


وفي العام 2022، تم إجراء أكثر من 9 ملايين علاج بالبوتوكس على مستوى العالم، ويمثل ذلك زيادة كبيرة بنسبة 26.1 بالمئة في عام واحد، حيث يقوم المزيد من الفئات العمرية الآن بإجراء تحسينات غير جراحية مثل البوتوكس على الجراحة، وقد أظهرت إحدى الدراسات أن 85.1 بالمئة من أصل 9,221,419 عملية حقن للسم وعلاماته التجارية المختلفة في عام 2022 تم إجراؤها على النساء، حيث اختارت ما يقرب من 7.9 مليون امرأة الحقن بالبوتوكس في العام الماضي، في حين اعتمدها 1.370 مليون فقط من الرجال.



وقد أصبحت حقن البوتوكس بسرعة واحدة من أكثر الإجراءات التجميلية غير الجراحية شعبية على مدى العقد الماضي، وفي إحصائية لموقع Statistica، فإن سوق تجديد شباب الوجه بتوكسين البوتولينوم في جميع أنحاء العالم قد ازداد من عام 2016 إلى عام 2026، ووفقًا للبيانات، من المتوقع أن ينمو السوق من 4.5 مليار دولار أمريكي في عام 2016 إلى حوالي 6.9 مليار دولار بحلول العام 2026.

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: