ملأت مياه الصرف الصحي شوارع من بلدة عرسال، في ظاهرة مقيتة كتب وقد يكتب لها أن تتكرر في مناطق عدة في لبنان، بعد تقاعص المعنيين عن معالجة ملف الصرف الصحي في لبنان.
وقد أكدت مصادر طبية في بلدة عرسال لموقع "الأخبار" أن أرقام الإصابات بأمراض سارية مرتبطة بالتلوث مثل الطفح الجلدي والصفيرة والإسهال والشاهوق بالتلوث لا تزال تسجل ارتفاعاً في البلدة، ونتيجة لتسرب المياه الآسنة في شوارعها وأحيائها وداخل مخيمات النازحين السوريين.
وأوضحت هذه المصادر أن عدد الإصابات بالصفيرة فاق 110 وبالإسهال الـ 170 وبالجرب والطفح الجلدي الـ 170، كما سُجلت ثلاث إصابات بالتهابات السحايا، فيما أكدت فاعليات عرسالية "أننا لم نرَ حلولاً جذرية بعد، وإنما رأينا حلولاً ترقيعية تخفف تسرب المياه المبتذلة إلى المياه الجوفية، لكنها في المقابل تزيد من التلوث داخل البلدة وترفع أعداد المصابين، فضلاً عن انتشار الحشرات".
وقد عقد اجتماع في مكتب محافظ بعلبك الأسبوع الماضي الذي استلم البلدة بعد حل مجلسها البلدي، وجمع معنيين وممثلين عن منظمة "اليونيسيف" وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البقاع، ومكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومشروع "أطباء بلا حدود" رئيس مصلحة الصحة في بعلبك الهرمل وغرفة إدارة الكوارث في المحافظة والصليب الأحمر اللبناني وغيرهم. وفي هذا المجال أصدر المدعي العام البيئي قراراً بوقف نقل المياه المبتذلة من الحفر الصحية التابعة لمخيمات النازحين السوريين، وإفراغها في أربع حفر في محلة سرج الغنم لما تسببه من ضرر بيئي وغير مطابق للمواصفات الصحية والبيئية. وأوضح محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، بعد اجتماع مع مسؤولين من اليونيسف وبرنامج الأمم المتحده الإنمائي والمفوضية السامية لشؤون النازحين ومنسقي جمعيات معنية بالخدمات، أن الحفر الأربع غير المطابقة للمواصفات الصحية والبيئية تتسبب في تلوث المياه الجوفية ومصادر المياه في البلدة. وبالفعل، توقف معظم أصحاب الصهاريج عن نقل المياه المبتذلة إلى محلة سرج الغنم، لكن من دون اتخاذ أي إجراءات لمعالجة المشكلة، ما أدى إلى إغراق شوارع البلدة بالمياه الآسنة، و«بموجب القرار كبرنا الأزمة وزدنا التلوث وانتشار الأمراض والأوبئة»، بحسب مختار عرسال بلال الحجيري، مشيراً إلى أن «الحل الجذري هو بإقامة معمل لتكرير الصرف الصحي في أسرع وقت ممكن".
وعُقد اجتماع في مبنى بلدية عرسال بحضور النائب ملحم الحجيري ومخاتير وفعاليات البلدة الذين أكدوا أن القرارات التي اتُخذت «هي في غير محلها، ولا تعالج مشكلة عرسال بل تزيد الأمور سوءاً». وتمنى المجتمعون على المحافظ والمحامي العام البيئي تعليق قرار وقف نقل المياه المبتذلة إلى الحفر لمدة 5 أشهر، أو إيجاد حل جذري لتأمين محطة لتكرير الصرف الصحي ومكان آخر لتفريغ الصرف الصحي فيها"، على أن يزور وفد من البلدة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي لوضعه في صورة ما تعانيه عرسال والمطالبة بتنفيذ مشروع محطة التكرير العالق في أدراج الوزارات المعنية.
ووفقا للمحافظ فإن "عدد سكان بلدة عرسال حوالي 20 ألف نسمة، بينما عدد النازحين السوريين في البلدة 95 ألفا، والبلدية ليس لديها الإمكانيات، وبالكاد تستطيع تأمين رواتب الموظفين والعمال، ورفع النفايات. لذا نحن نتطلع إلى قيام الجهات المانحة برفع التمويل لتأمين المياه العذبة للمخيمات بالكميات الكافية، وبالتالي رفع وتيرة سحب مياه الصرف الصحي وتجهيز حفر تراعي الأثر البيئي، أو بتمويل إنشاء محطة تكرير للمياه الآسنة ورفع الضرر الصحي والبيئي عن عرسال والقرى المجاورة".
وتأتي هذه القضية في خضم سجال حول النزوح السوري في لبنان، وسط تراخي الجهات الدولية عن دعم لبنان وبنيته التحتية لمواكبة هذا التحدي الكبير، فضلا عن أن عدد اللاجئين السوريين قارب نسبة تزيد عن 40 بالمئة من عدد السكان، وهي أكبر نسبة للنزوح تسجل على مستوى العالم.