info@zawayamedia.com
بيئة

شعار اليوم العالمي للتنوع البيولوجي... كن جزءا من الخطة!

شعار اليوم العالمي للتنوع البيولوجي... كن جزءا من الخطة!

يصادف اليوم 22 أيار/مايو من كل عام اليوم العالمي للتنوع البيولوجي International Day for Biological Diversity وشعار هذا اليوم للعام 2024 هو "كن جزءا من الخطة"، وهو أمر متاح لكل منا، وليس متاحا فحسب، بل واجبا إنسانيا وحياتيا وعالميا، بأن نحرص على القيام بواجبنا نحو هذه الأرض، المسؤولة عن حياتنا وحياة عدد لا يحصى من الأنواع، منها ما نعرفه وما نتعرف عليه للمرة الأولى، وما لن يكتب لنا التعرف عليه، سواء لكونه مختبئا لأحجامه الصغيرة أو لوجوده في مجالات لا يمكننا الوصول إليها كأعماق المحيطات مثلا، والتي لم نكتشف معظم خباياها حتى الآن، أو لكونه لم يعد موجودا لأننا استبحنا تلويث الأرض واستباحة خيراتها إلى مدى كبير، ويبقى الحالمون، أو الشغوفون أو ربما عامل الصدفة التي تسمح لنا بالوصول إلى معرفة بعض الأنواع.


أمام التحديات التي تواجه الكائنات الحية، فقد وهب الله الكثير منها وسائل للدفاع عن نفسها، وهناك من يقول التطور، وهناك نظرية تقول أن الإنقراض هو عامل أساسي للأنواع الضعيفة، ويورد أصحاب هذه النظرية دب الباندا كمثال، أي أن هذا النوع كسول، ونوع طعامه محدد، وأن الكثير من أعداده في الأسر ليتم المحافظة عليه، حتى في مجال التكاثر، حيث تتم عمليات تلقيح للمحافظة على هذا النوع، ومعظمها لا ينجح، ويرى أصحاب هذه النظرية أن العمل على الحفاظ على أنواع أخرى، أجدى وأكثر أهمية في المحافظة على الأنواع.


وبالعودة إلى الشعار وأن نكون جزءا من الخطة، فهناك قول بأن "الحياة بدأت في الماضي البعيد، ولكن تعطي إشارات إلى المستقبل"، ومن منظور بشري، فإن معرفة هذه الأنواع هام للغاية، لمعرفة مدى تأثيرها وأهميتها للإنسان، ولكن علينا النظر من منظور أوسع وأبعد، وألا نحد مجالات تدخلنا بالنظم البيئية من وجهة نظر بشرية، بل إنسانية، تحيط بها هذه النزعة للرحمة وتقديس الحياة من أصغر الكائنات إلى أكبرها، ومن هذا المنظور يمكننا أن نفهم واجبنا بأن نكون الخطة وليس جزءا فقط من الخطة!


أما كيف نكون الخطة أو جزءا من الخطة فهناك العديد من الطرق، أولها بالتعرف على التنوع البيولوجي، ومشاهدة هذه المعجزات ومتابعتها علميا وتثقيف أنفسنا، والتوعية حول طرق للمحافظة عليها، وزيارة المحميات والحمى للتأمل في هذه الأنواع والمشاركة في الحملات المسؤولة والمستدامة للتشجير وحماية الموائل من الحرائق والتعديات.


ومن التعديات الخطيرة للغاية التجارة بالحياة البرية، وهي لا تقتصر على الحيوانات والطيور والزواحف وحتى الحشرات، بل تشمل النباتات المهددة بالخطر مثل أنواع الأوركيد والجنسنغ والأشجار، والتي يتم المتاجرة بها مثل خشب الورد وغيره، وهي في لبنان تجارة رائجة وتمثل مصدرا لدخل المعتدين على الحياة البرية، وتنشط على الحدود مع سوريا، حيث يتم تهريب الحيوانات منها ومن العراق، لأشخاص مهتمين، وكلما زاد الطلب زاد العرض لأنواع مثل الطيور الجارحة لاقتنائها عدا عن تصبيرها، ولتهريبها الى الخليج، عدا عن الإعتداءات التي تطاول الفراخ في أعشاشها من طيور الشحرور والبوم والبلبل والحسون والطيور الجارحة، ولا ننسى الصيد الجائر بأنواعه وخصوصا المستحدثة منها وبأساليب "جهنمية" للقضاء واصطياد أكبر عدد، ما يهدد أعدادها وأنواعها، وخصوصا المهاجرة منها.


وبالعودة إلى موضوعنا الأصلي حول التنوع البيولوجي، وخصوصا في لبنان، فإنه وبعد أن كان  البلد الأكثر خضرة في الشرق الأوسط، ساهمت حرائق الغابات والمكبات والحرائق الناتجة عنها أيضا والتحطيب الجائر والإمتداد العمراني غير المنظم وتلوث الهواء والأرض والمياه، وممارسات الصيد غير القانونية، وتغير المناخ، والرعي الجائر وغيرها، وخصوصا الأزمة الإقتصادية التي ساهمت بزيادة هذه الإعتداءات، ولا سيما التحطيب الجائر، جميعها ساهمت بضغوط هائلة على التنوع البيولوجي، ولكن لا زال لبنان يعتبر "نقطة ساخنة" hotspot للتنوع البيولوجي في حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث يحتل لبنان 0.007 بالمئة فقط من مساحة اليابسة في العالم ولكنه موطن لـ 1.11 بالمئة من أنواع النباتات في العالم و2.63 بالمئة من أنواع الزواحف والطيور والثدييات.


وتتراوح تضاريس لبنان المتنوعة من 3089 مترًا في القرنة السوداء، أعلى قمة في الشرق الأوسط إلى مستوى سطح البحر، مما يفسح المجال للنظم البيئية الطبيعية الجبلية التي تحتل معظم الأراضي، تختلف التضاريس والمناخ والتربة والنباتات بشكل ملحوظ على مسافات قصيرة، مما يجعلها غنية ومتنوعة في النظم البيئية والحياة البرية كما هو الحال في الطوائف الدينية التي تضمها البلاد.


وفي حين أن الغابات كانت تغطي أكثر من 35 بالمئة من مساحة لبنان في عام 1965، فإن مناطق الغابات تغطي الآن حوالي 13 بالمئة فقط (أكثر من ثلث مساحة فرنسا بالمقارنة)، ووفقاً لاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجي في لبنان لعام 2016، يوجد حالياً 9,119 نوعاً معروفاً، بما في ذلك الحيوانات (4,486 نوعاً) والنباتات (4,633 نوعاً).


وكما ذكرنا فقد أدت إزالة الغابات والتوسع الحضري والصيد غير القانوني إلى جعل الثدييات مثل الضباع والذئاب معرضة بشدة للانقراض، ووفقا لمنظمات بيئية، فقد تفقد البلاد هذه الحيوانات المفترسة غير العادية التي تعتبر أساسية لعمل نظامها البيئي، وتنظيم الأمراض، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وغالبًا ما تُقتل هذه الأنواع لمنعها من مهاجمة حيوانات المزرعة وللخوف الذي لا تزال تثيره بسبب الأساطير التراثية التي ورثها الأبناء عن الآباء والأجداد، فضلا عن تهجين كبير للذئاب مع الكلاب الأليفة الوحشية بسبب فقدان الموائل، مما يمثل خطرًا على فقدان التنوع الجيني وانقراض الأنواع.


وعملا بمبدأ موقعنا "زوايا ميديا" وهو شعار "الإنسان أولا"، فإن الحفاظ على كوكبنا هو في صلب حماية الإنسان، فالتلوث وخسارة الموائل ينذر بالكثير من الويلات، التي يفاقمها تغير المناخ وظواهر الطقس المتطرفة، والمشاركة في الخطة، أو أن نكون الخطة، بتغيير المسلمات ولا سيما التقليدية منها، وتشبيك الجهود بين المواطنين والجمعيات الفاعلة حقا، قد يساهم إلى الحد من فقدان الأنواع.


 

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: