كتبت جوستينا نيكسون سانتيل JUSTINA NIXON-SAINTIL وهي نائبة الرئيس وكبيرة مسؤولي التأثير في شركة IBM مقالا هاما في موقع project-syndicate، عن كيفية قدرة الذكاء الإصطناعي لعب دورا مركزيا مع تحديات تغير المناخ، وكعادتنا في موقع "زوايا ميديا" نواكب هذه المقالات النوعية وخصوصا بما يتعلق بالبيئة والإستدامة.
وكتبت سانتيل: سوف تلعب المدن دورا مركزيا في كيفية تعامل العالم مع تغير المناخ، وإذا كان هناك عامل واحد يمكن أن يمنح صناع السياسات الدعم الذي يحتاجون إليه بشدة، فهو الذكاء الاصطناعي، ولكن الوصول إلى التكنولوجيا والمهارات اللازمة لاستخدامها بفعالية يشكل عقبة رئيسية أمام التنفيذ.
تتعرض المدن التي يسكنها نحو 4.4 مليار نسمة على نحو متزايد لخطر الأحداث الكارثية الناجمة عن تغير المناخ، حيث يهدد ارتفاع منسوب سطح البحر والفيضانات المدن الساحلية الكبرى مثل مدينة نيويورك وجاكرتا، ومن المتوقع أن تصبح موجات الحرارة الشديدة، مثل تلك التي تصيب المدن في جميع أنحاء جنوب آسيا والشرق الأوسط كل عام، أكثر تواترا وشدة.
وفي حين أن بيئاتنا المبنية وبنيتنا التحتية تخضع للاختبار بسبب الطقس الذي لا يمكن التنبؤ به والتغير السكاني، فإن العديد من المجتمعات الحضرية تواجه مخاطر صحية واقتصادية متزايدة مرتبطة بالمناخ، يمكن أن تكون المخاطر مثل تلوث الهواء والكوارث الطبيعية حادة بشكل خاص في البلدان النامية، حيث تهدد بدفع المزيد من الناس إلى حافة الفقر.
وفي الوقت نفسه، تساهم المدن بشكل غير متناسب في التحديات الأوسع التي نواجهها اليوم. وتمثل المدن بالفعل ما يقدر بنحو 70 بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية و78 بالمئة من استهلاك الطاقة، ومن الممكن أن تنمو هذه الأرقام في عالم يتجه نحو التحضر. ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، من المتوقع أن ترتفع نسبة الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية إلى 68 بالمئة بحلول عام 2050.
ومن الواضح أن المدن ستلعب دورًا مركزيًا في كيفية تعامل العالم مع تغير المناخ، أحد العوامل التي يمكن أن تمنح المدن الدعم الذي تحتاجه بشدة وتفتح الفرص لبناء قدر أكبر من المرونة هو الذكاء الاصطناعي، فإذا تم تطويره ونشره بشكل مسؤول وأخلاقي، فمن المحتمل أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تسريع حلول المناخ الحضري، وتمكين التنمية المستدامة القائمة على العلم، وتقديم الابتكار بوتيرة غير مسبوقة، مما يسمح لنا بوضع المجتمعات الأكثر ضعفا في المقام الأول.
لكن الخطوة الأولى تتلخص في تحسين فهمنا للتطبيقات العديدة المحتملة للذكاء الاصطناعي كأداة للمدن القادرة على الصمود، على سبيل المثال، يمثل التحدي المتمثل في التعامل مع كميات هائلة من البيانات عقبة رئيسية أمام نمذجة سيناريوهات المناخ المستقبلية بدقة واتخاذ قرارات تخطيط مستنيرة. ولحسن الحظ، من خلال قوة الذكاء الاصطناعي، يمكن لنماذج الأساس والتحليلات الجغرافية المكانية أن تساعدنا في تصور مدننا بطريقة جديدة.
وإن أخذنا بعين الاعتبار المناطق الحضرية التي تواجه أنماط مناخية قاسية ومتغيرة. ومن خلال البيانات المناخية التاريخية واللحظية والقدرات التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تستطيع الحكومات تقديم أدوات جديدة للاستجابة للكوارث والاستعداد لها، ومن الممكن أن يكون الجميع، من المواطنين العاديين إلى المكلفين بحماية وصيانة البنية التحتية الحيوية، أكثر اطلاعا واستعدادا.
كما يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على المساعدة في جعل عمليات المدينة أكثر استدامة على كل المستويات، وبالتالي تقليل الانبعاثات الضخمة وتأثيرها البيئي. ومن الممكن أن تدمج التطبيقات البرمجية الذكية الذكاء الاصطناعي لتحليل استخدام الطاقة في المباني، واستهلاك المياه، وإدارة النفايات، مما يوفر رؤى تسمح للمجتمعات والمنظمات باتخاذ قرارات أكثر مسؤولية بشأن الاستدامة.
علاوة على ذلك، مع إضافة الأجهزة المتصلة لدفع عملية جمع البيانات بشكل متعمق، يمكن أن تكون تدابير السلامة مثل صيانة البنية التحتية الحضرية أكثر فعالية وكفاءة من أي وقت مضى. فكر في جميع الجسور والطرق المهددة بأحداث مناخية غير مسبوقة. عند دمجها مع الذكاء الاصطناعي، فإن استخدامات البيانات تمتد إلى ما هو أبعد من المراقبة الأساسية وإعداد التقارير.
ولن تتوقف التطبيقات الحضرية للذكاء الاصطناعي عند هذا الحد، تتمتع هذه التكنولوجيا بالقدرة على تحسين النقل العام وتخطيط المرور لتحقيق نقل حضري أكثر استدامة، ويمكن أن يساعد في تحديد أفضل المواقع لتوسيع المساحات الخضراء التي تشتد الحاجة إليها، مع الحفاظ أيضًا على التنوع البيولوجي الحضري والموارد الطبيعية.
تتمتع الحكومات ومقدمو الخدمات العامة والمنظمات غير الربحية على حد سواء بفرص متزايدة للوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي واستكشافها، مثل طلبات تقديم العروض والبرامج المجانية، مثل تلك التي تقدمها شركة آي بي إم IBM، ومع ذلك، تظهر الأبحاث الحديثة أنه في حين أن 69 بالمئة من المدن تستكشف بالفعل أو تختبر استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن 2 بالمئة فقط تنفذه، وباعتباري كبير مسؤولي التأثير في شركة آي بي إم فأنا أعلم أن الوصول إلى التكنولوجيا والمهارات المطلوبة لاستخدامها بفعالية يمكن أن يشكل عقبات رئيسية أمام التنفيذ، وتصبح الحاجة إلى قدر أكبر من الوصول أكثر إلحاحا عندما يأخذ في الاعتبار التوزيع غير المتكافئ للتهديدات الناجمة عن المناخ. داخل مدننا، تؤثر مشاكل مثل تلوث الهواء وعدم القدرة على الوصول إلى الطاقة النظيفة بشكل غير متناسب على السكان الأكثر فقرا والأكثر ضعفا، هذه هي المجتمعات التي لديها أكبر استفادة من الذكاء الاصطناعي.
وفي هذا السياق، تقع على عاتقنا جميعًا مسؤولية جعل حلول الذكاء الاصطناعي تدعم الفئات السكانية الضعيفة، وهذا يعني توفير فرص متساوية للوصول إلى الأدوات المناخية، ودعم التدريب على الذكاء الاصطناعي والمهارات ذات الصلة، وإنشاء برامج مصممة للاستجابة للاحتياجات المحددة لسكان المناطق الحضرية المهمشين تاريخيا، وسوف يلعب تحسين المهارات، على وجه الخصوص، دوراً رئيسياً في تسريع اعتماد المجتمعات الضعيفة لأدوات التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه. ويمكن للقطاع الخاص أن يقوم بدوره من خلال تشكيل شراكات مع الوكالات العامة والعمل بشكل وثيق مع المنظمات التي تشارك بالفعل في دعم المجتمعات الضعيفة.
ومن خلال تبني الذكاء الاصطناعي وتشغيله في مكافحة تغير المناخ، يمكننا أن نساعد في جعل مدننا أكثر أمانًا، وأكثر قدرة على التكيف، وأكثر استدامة، إن التكنولوجيا اللازمة لتزويد الناس بالأدوات اللازمة لتوقع الأحداث الناجمة عن المناخ ومعالجتها والتعافي منها موجودة هنا. ولكن الأمر متروك لنا جميعا ــ المجتمعات والحكومات والشركات ــ أن نستخدمها على أفضل وجه ممكن.
الصورة الرئيسية لموقع Project Syndicate