شغل مجتمع الناشطين بالرفق بالحيوانات في الأسبوع الماضي بفيديو صادم، وبرأي كثيرين فاضح، للفنان أمير يزبك والذي يجب أن يكون قدوة للكثيرين، وكان لا بد من متابعة ردود الفعل من الجهتين، أي الناشطين من جهة، ومجتمع الصيادين وبالأحرى "الجائرين منهم" من جهة ثانية، وإن كان عديد الصيادين الجائرين من القوة "الإقتصادية" وبفنون الضرب "تحت الحزام" أقوى، لأن لا ضمير ولا أخلاق تردعهم، فضلا عن رأينا كإعلام بيئي موضوعي.
في الفيديو المستفز والذي سجّل كبث حي Live، وقد تم إزالته لاحقا، وفي منطقة من لبنان، وقد بدا فيه "الأمير" أو "ملك الصيد" كما لقب أحد أصدقائه وربما نفسه أيضا، يقول في مقطع منه في رسالة إلى من يريد احتراف الصيد بطريقة "جهنمية" لا تصح إلا في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) وأيار (مايو)، وهي بخداع طيور السمن بفراخ منها، كان يحمل في الفيديو ثلاثة منها، "ربما أكثرها بنفسه" وربما تصيح مستغيثة وهو يظنها تنادي أصحابها ليقعوا في فخ "رصاص لا يرحم" رصاص موجه بدقة إلى كل ما يطير، وكلما قتل فهو أكثر "فحولة"، وفي مقطع ثان وهو يلتهم أحد هذه العصافير بطريقة استعراضية مستفزة، ضاربا بقانون الصيد والطبيعة عرض الحائط، وهنا بيت القصيد، فمع الربيع، والذي يصادف هذه الأشهر خصوصا، ينمو كل شيء ويتكاثر النبات والحيوان وكل مخلوق حي تقريبا، فكيف عندما تنشط الحشرات والقوارض في هذا الموسم، وخلال دورة الطبيعة المتوازنة والصحية، فالحيوانات والطيور خاصة تحتاج للبروتين الذي تحصل عليه من الحشرات بالذات، وهنا فإن دور هذه الطيور ليس هاما فحسب، بل أساسي بالسيطرة على أعدادها، وعندما يتدخل "الصياد الجائر" يقضي على الطيور بإبادة جماعية، وبالتالي فهذا التوازن البيئي يتعرض للخلل، وتختل معه كل أواصر الحياة من زراعة وما يتبعها من صناعات غذائية وأمن غذائي.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه على الرغم من مواقفنا الشخصية من الصيد بالمطلق، فإن هناك صيادين لا يمكن إلا أن نشير إلى أخلاقهم في مجال الصيد، حيث يمتنعون عن الصيد في الربيع وعن صيد الطيور المهاجرة التي لا تؤكل، والتي تفيد المزارع، حيث تقضي على القوارض والحشرات التي تتسبب بأضرار هائلة، وليس ذلك فحسب، بل يتبرأون من أعداء الطبيعة من التجار بالحياة البرية حيث يقوم كثير من هؤلاء الصيادين الجائرين باصطياد الطيور بالأفخاخ والدبق والشباك (والأمير واحد منهم في فيديو سابق أيضا) ويبيعونها بالجملة للمطاعم وبعض محلات السوبرماركت، ويبلغون عنهم، لأنهم أكبر المتضررين من تحويل هذه الهواية النبيلة إلى مجازر، وتشويه سمعة كل الصيادين.
وبالعودة إلى الجزء الثاني من العنوان، الأخلاق في مصر القديمة، لا ليس هناك خطأ في العنوان، فنحن بأمس الحاجة إلى العودة لأخلاقنا القديمة، فقد هناك مدرسة للأخلاق منذ أكثر من 6 آلاف سنة، أو ما يعرف بـ "ماعت" وهي آلهة العدالة فى المجتمع المصري القديم، ويتم تصويرها كإمرأة لها جانحين، وللطيور أجنحة، وهذه الآلهة تعتبر تجسيدا للحقيقة، كما أطلق المصريون مصطلح "ماعت" على فكرة توازن العالم كله، وتعايش جميع عناصره فى انسجام، بما يعني أن هذا التفاعل بين القوى هو الذي يضمن نظام الكون!
الآلهة ماعت
وقوانين "ماعت" 42 قانونا، على عدد محافظات مصر، ومكتوبة على لسان أرواح الموتى وهم واقفون في ساحة "العدل" أو "ماعت" للحساب، واخترنا منها قوانين تخص البيئة والحيوانات أيضا، حيث يتم سؤال الميت يوم الحساب أن يعترف عند سؤاله عن إن كان سببًا في دموع إنسان أو في شقاء حيوان، أو تعالى على غيره بسبب علو منصبه، فيا أيها الفنان الأمير، أبكيت كثيرين، من البشر وعائلات الطيور، وأشقيت الطيور بإمساكها بيدك بقسوة، واستخدامها فخا لعائلات ستندثر لأنك قتلت أحد الوالدين، واستعليت كثيرا بــ "الإستعراض" أمام الجماهير!
وعند التوقف عند هذه القوانين، فما أحوجنا وما أحوج بعض ملوك الصيد وأمراء الصيد وسلاطين الصيد وأباطرة الصيد... للأخلاق، وللضمير، والرأفة والرحمة... والتواضع فعلا أمام معجزة الخلق فينا وفي كل الكائنات الحية.