info@zawayamedia.com
علوم

إكتشاف سر عمره 1.75 مليار سنة حول أصل الحياة على الأرض!

إكتشاف سر عمره 1.75 مليار سنة حول أصل الحياة على الأرض!

 لا تزال أصول الحياة على الأرض غامضة، لكن العلماء اقتربوا بخطوة أخرى نحو فهم كيف ومتى ظهرت الكائنات الحية المعقدة على كوكبنا.


في شمال أستراليا وفي التربة القطبية في كندا، تم اكتشاف هياكل تسمى "الثيلاكويدات" thylakoid membranes داخل أحفورة محاصرة في صخور يعود تاريخها إلى 1.75 مليار سنة، أي أقدم بـ 1,2 مليار سنة عما كان متعارف عليه سابقا، ووفقًا لدراسة من جامعة لييج، نُشرت في مجلة Nature، وقد يكون هذا أقدم دليل على عملية التمثيل الضوئي Photosynthesis على الأرض، ويعتقد العلماء أن البكتيريا الزرقاء كانت من أوائل الكائنات الحية التي قامت بعملية التمثيل الضوئي الأكسجيني باستخدام هياكل داخل أجسامها تسمى أغشية الثايلاكويد - وهي أكوام كثيفة من البروتين والدهون حيث تتم عملية التمثيل الضوئي. وعندما فعلت ذلك، ساعدت في ملء الغلاف الجوي للأرض بالغاز فيما يعرف باسم "حدث الأوكسجين العظيم" Great Oxygenation Event.




ومن خلال تحليل العينات الصخرية المأخوذة من الصحراء الأسترالية (تكوين ماكديرموت)، اكتشف الباحثون بكتيريا أحفورية من النوع Navifusa majensis حيث حددوا أغشية الثايلاكويد.


الفهم العلمي الحالي هو أن عملية التمثيل الضوئي تطورت منذ حوالي ثلاثة مليارات ونصف المليار سنة، ولكنها كانت نوعًا بدائيًا لا ينتج الأوكسجين (التمثيل الضوئي غير المؤكسد) anoxygenic photosynthesis، واليوم، جميع الطحالب والبكتيريا والنباتات التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي، باستثناء عدد قليل منها، وتنتج الأوكسجين، ولكن متى حدث هذا التحول لأول مرة غير واضح، فالنباتات ليست الوحيدة ــ ولم تكن الأولى ــ التي تستغل طاقة الشمس لتحويل الماء وثاني أوكسيد الكربون إلى سكر وأوكسجين، فقبل ظهور المملكة النباتية بوقت طويل، كانت البكتيريا تقوم بعملية التمثيل الضوئي في المحيط.


"إن إنتاجها للأوكسجين أدى إلى تراكمه وتعديل عميق في كيمياء محيطات الأرض والغلاف الجوي، وتطور المحيط الحيوي، بما في ذلك الحياة المعقدة"، هذا ما قاله المؤلف المشارك في الدراسة إيمانويل جافوكس من جامعة لييج في بلجيكا لموقع Motherboard في بريد الكتروني.


"أصبحت هذه البكتيريا الزرقاء فيما بعد هي مصانع ضوء الشمس الرئيسية التي نراها في الكائنات الحية اليوم، أو البلاستيدات الخضراء"، وفق ما قاله روبرت بلانكينشيب، الذي درس أصل عملية التمثيل الضوئي وتطورها ولكنه لم يشارك في هذا البحث: "إن آلية التمثيل الضوئي داخل البكتيريا الزرقاء معقدة للغاية، من اللافت للنظر أن الأمر يشبه تقريبًا ما يحدث في النباتات في الوقت الحاضر. لقد تم تحسين هذه العملية، إلى حد ما، منذ وقت طويل جدًا".


لقد قامت البكتيريا الزرقاء، ومن ثم الطحالب، بإثراء غلافنا الجوي بالأكسجين في عدة مناسبات في تاريخ كوكبنا، الأمر الذي من المحتمل أن يكون قد ساهم في تطور أشكال معينة من الحياة - بما في ذلك أسلاف الكائنات التي تسكن البحار والأراضي الناشئة اليوم.


تحتوي هذه "التوائم الشقيقة" التي هي البكتيريا الزرقاء والبلاستيدات الخضراء النباتية على أغشية "الثيلاكويدات"، كما ذكرنا سابقا غنية بالكلوروفيل، الصبغة الشهيرة التي تمتص الأطوال الموجية للأحمر والأصفر والبنفسجي (وتعيد اللون الأزرق إلى أعيننا - الأخضر).


وكان العلماء قد حددوا في السابق أغشية الثايلاكويد في الحفريات التي يعود تاريخها إلى ما بين 150 إلى 550 مليون سنة مضت، هناك أيضًا أدلة أقدم وغير مباشرة على عملية التمثيل الضوئي لإنتاج الأوكسجين من علم الوراثة والدراسات الكيميائية.


وفي هذه الدراسة الأخيرة، وجد الباحثون أقدم دليل مباشر، المعروف أيضًا باسم أغشية الثايلاكويد، في حفريات من تكوين ماكديرموت في أستراليا يعود تاريخها إلى حوالي 1.75 مليار سنة، بالإضافة إلى حفريات أخرى من تكوين خليج غراسي في القطب الشمالي بكندا (حوالي 1.75 مليار سنة).


"إنها قفزة كبيرة في الزمن، ولكنها ليست مفاجئة"، كما يقول بلانكينشيب، نظرًا لوجود عدد قليل جدًا من البكتيريا المتحجرة. وقال: "إنها مشكلة تتمثل في صعوبة الحفاظ على الحفريات وعدم وجود الكثير منها".


تعود الصعوبة إلى عدة عوامل. أولاً، الكائنات الإسفنجية مثل البكتيريا – التي لا تحتوي على مواد صلبة مثل المعادن أو العظام – لا تبقى في السجل الأحفوري بشكل جيد، ثانيًا، الحفريات صغيرة جدًا - حجمها أقل من ملليمتر - والهياكل الموجودة بداخلها أصغر، لذا يصعب العثور عليها بين طبقات الرواسب المضغوطة، والأكثر من ذلك، أنه مع ضغط تلك الرواسب والصخور على مدى ملايين السنين، فإنها يمكن أن تدمر الهياكل ذاتها التي يبحث عنها الباحثون. ربما حدث هذا بالنسبة للحفريات الأخرى التي قامت جافوكس وفريقها بتحليلها من جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث لم يعثروا على أي ثايلاكويد.


وهذه الهياكل التي وجدوها هي فقط بطول شعرة الإنسان ولا يمكن رؤيتها إلا عن طريق صب البكتيريا في الراتنج، وتقطيعها إلى شرائح رفيعة للغاية، ثم النظر إليها من خلال المجهر الإلكتروني.


وقال جافوكس إن هذا الاكتشاف مهم لأنه يساعد العلماء على فهم مدى تطور الحياة المعقدة على الأرض، ويذهب بلانكينشيب إلى أبعد من ذلك قائلاً إن فهم كيفية حدوث عملية التمثيل الضوئي هنا يمكن أن يساعدنا في البحث عن أدلة على هذه العملية الواهبة للحياة والتي تغير العالم على الكواكب الأخرى، على سبيل المثال، التعاون مع وكالة ناسا لوضع نظرية حول الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه عملية التمثيل الضوئي على الكواكب التي تعطي نجومها أطوال موجية مختلفة من الضوء لموجاتنا.


لكن لا تزال هناك العديد من الأسئلة، بما في ذلك السؤال الرئيسي حول ما إذا كانت عملية التمثيل الضوئي لإنتاج الأوكسجين قد تطورت من قبل أم لا.


وكتب العلماء الأربعة من جامعة لييج (بلجيكا): "توفر دراستنا دليلا مباشرا على وجود البكتيريا الزرقاء Cyanobacteria النشطة في عملية التمثيل الغذائي والتي تمارس عملية التمثيل الضوئي الذي ينتج الأوكسجين".


إذا كانت أقدم حفرية للبكتيريا الزرقاء يعود تاريخها إلى ما يزيد قليلاً عن ملياري سنة، فلا يبدو أنها تحتوي على أغشية الثايلاكويد، على عكس الحفرية الجديدة، حسبما ذكر في الدراسة


ويقترح المؤلفون أن تحليل الصخور الأخرى باستخدام التقنيات المتطورة التي يستخدمها فريقهم سيساعد في اكتشاف مثل هذه الأغشية في الحفريات الأقدم، ربما يكفي أن نكون قادرين على تأكيد أن الكائنات الحية التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي قد تسببت بالفعل في "الأكسدة الكبيرة" للغلاف الجوي قبل 2.4 مليار سنة.


بتصرف عن Geo، Science Alert ووكالات.

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: