بعد إكمال المشروع التدريبي تحت عنوان "Her turnII" لجريدة تاز بينتر الألمانية ( TAZ Panther Foundation)، بمشاركة (15) صحفية من أجل المناخ، من العراق، ولبنان وسوريا للفترة من 2022-2023، اختتمت الورشة بدعوة المشاركات لزيارة برلين ولمدة أسبوع، وتقديم شهادات مشاركة في صحافة المناخ، وضمن برنامج وضعته الجريدة، منها زيارات ميدانية للتعرف على بعض الصحف الألمانية.
جريدة تاز بينتر (TAZ Panther)
قدمت لنا السيدة كوني غيلينبيك، رئيسة مؤسسة تاز بينتر، مقدمة تعريفية خلال مرافقتنا في أروقة الجريدة، الواقعة في منطقة فريدريش (بالألمانية: Friedrichstrasse)، وهي أحد بيوت تاز وتعمل بمساعدة أكثر من 22 ألف شخص هم المالكين للمؤسسة، وهناك بيت ثاني ايضا، تم تجديده في 2018، ولم يتم استخدامه عمليا بسبب جائحة كورونا، يعمل في هذه المؤسسة 250 شخص لقاء أجور مالية متوسطة، وكل عضو فيها يملك الحق بالتصويت بصوت واحد فقط، بغض النظر عن الاشتراك سواء كان بمبلغ الاشتراك 100 يورو أو 5000 يورو، يعملون ضمن مجموعات وويتناولون موضوعات متعددة منها، حقوق المرأة، والتغيرات المناخية، حقوق اللاجئين.
نبذة تاريخية عن تأسيس المؤسسة
تأسست جريدة تاز بينتر قبل أكثر من أربعين سنة، في عام 1979، بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت من أولى الجرائد التي تم تأسيسها، وفي عام 1992 تم تنظيم هذه المؤسسة لتعمل كجمعية تعاونية، في عام 2008، بدأ بتوسيع العمل فيها وتأسيس مؤسسة تاز، وليس جريدة تاز فقط، وذلك من خلال 6000 شخص يتبرعون سنويا حتى تستطيع أن تعمل تاز على إدارة مشاريعها وانجازها.
قسم المستقبل
خلال جولتنا في مبنى الجريدة، يضم الطابق الأول مكاتب العاملين فيها، وكانت مفتوحة على بعضها وبدون حواجز أو جدران فاصلة، مما يتيح سهولة التعامل فيما بينهم، أما في الطابق الثاني، فكان المحررون يعملون على تحضير المواد الصحفية الخاصة بنسخة يوم السبت في قسم جديد تم تأسيسه مؤخراً يسمى (المستقبل)، حيث بينت لنا إحدى الصحفيات فيه أن صحيفة يوم السبت، تكون مميزة وعدد صفحاتها أكثر وأكبر حجما عن الصحيفة اليومية، لأنها صحيفة أسبوعية ولكنها متاحة على مدار الأسبوع، بواقع 52 صفحة، تتضمن مواد ومواضيع مختلفة ومتنوعة، طبعة مختلفة ومتميزة عن إصدارات الأيام الأخرى، منها مجتمعية، أطفال، ثقافية،، يعمل في هذا القسم تقريبا من 10 إلى 15 شخصا.
يقوم الموظفون بجمع المواد أسبوعيا ويعملون على مراجعتها قبل النشر، وتقسيمها للنشر حسب أيام الأسبوع، كل ساعتين يدرسون كيفية إنتاج ونشر المواضيع، بأسرع وتيرة للعمل، ثم تأتي اليومية وبعدها الأسبوعية، كما تصدر نسخة من جريدة اللموند باللغة الألمانية، وهناك قسم يعمل الصحفيون فيه على دراسة الصور والمواد الصحفية والمساعدات البصرية والكاريكاتير التي تنشر في السوشيال ميديا .
في جريدة بيلد بكجر
التقينا خلال زيارتنا لأشهر صحيفة في ألمانيا بيلد بكجر، المحرر يانس فيغمان، يعمل في المكتب الخارجي لوسائل الإعلام المطبوعة والالكترونية WELT التابعة لمجموعة Springer Group، عمل في هامبورغ ونيويورك ويعمل في السياسة الخارجية، وحدثنا عن هذا المبنى الذي تم تشييده منذ ثلاث سنوات خلال وباء كورونا، ويعمل فيه 3500 شخص، وتعد هذه المؤسسة (بيلد) الصحيفة الأكثر انتشارا في ألمانيا، وتعني الدنيا أو العالم، وهي مؤسسة محلية، صدر أول عدد من الصحيفة عام 1952 عن دار نشر اكسيل شبرينغر التي يملكها مع صحف أخرى، وكانت البداية ب 455 ألف نسخة، وبحلول عام 2020 بلغ عدد نسخها اليومية 1,24 مليون نسخة، تضم إذاعة وجريدة وأيضا تصدر إلكترونيا أون لاين في أكثر من وسيلة إعلامية، وكانت أحد أهم الوسائل الإعلامية في أوروبا، وباعت الكثير من الجرائد والمجلات، وركزت على شركتين اثنين تصدر عنها صحيفتين (العالم) و (وبيلد بكجر) يعني (صورة) وهي الأكثر تسويقا وتوزيعا، وتتناول عدة مواضيع، المرأة، السيارات، إلكترونيك، حتى توفر التمويل المناسب، ولديها 16 ألف موظف في شرق أوروبا وهنغاريا وأمريكا وبولندا والتشيك والولايات المتحدة، وفي الولايات المتحدة لديهم هناك أيضا مؤسسة اسمها بوليتكو وتشكل 20 بالمئة من عدد الموظفين وتزداد النسبة حاليا، وكانت من أقوى الجرائد ولكن باعت معظم محتوياتها نتيجة الأزمة الاقتصادية .
ثم صعدنا إلى غرفة الأخبار، حيث لديهم مراسلون في عدة دول في لندن، باريس بلجيكا، روما، أثينا، وارسو، طوكيو، باريس، واشنطن، موسكو، سنغافورة، كونبهاغن، سيدني، فيينا، كذلك في الشرق الأوسط مثل طنجة، تونس، تل أبيب والقاهرة، وتتعامل الجريدة مع مراسلين لصحف أخرى، يعملون بأسلوب تحرير معين وحسب سياسة الصحيفة، حيث يتم التعاون فيما بينهم، يقوم مراسلي جريدة بيلت بالتنسيق مع مراسلي الجرائد الأخرى للحصول على المقابلات مع الأشخاص المهمين، وتنشر في كل الصحف وبنفس الوقت لتحقيق ملايين المشاهدات وبالتالي تعم الفائدة لكل الصحف.
كانت تباع الكثير من النسخ المطبوعة ورقيا، وحاليا يوزعون 80 ألف نسخة خلال أسبوع، وفي يوم الأحد يكون التوزيع أكثر، وكثرة الطلب في نهاية الأسبوع، هذا ويمثل الرقم الربع فقط مما كان يوزع خلال ثماني سنوات بسبب الأزمة الإقتصادية التي أثرت في كل العالم، بالمقابل سجلت عدد الزيارات 150 مليون زيارة أون لاين في الشهر، وتحتل المرتبة الخامسة أو السادسة محليا في ألمانيا، وتعاني من ضعف التمويل والتضخم حاليا، وهناك منافسة كبيرة على النشر أون لاين، لكن صحيفة بيلد تعد الأولى إلكترونيا في ألمانيا.
وكانت الصحيفة توفر للقراء بحدود 20 مقالا مجاناً، لكن لوحظ أن القراء ينتقلون بين المواقع الإلكترونية من أجل القراءة المجانية دون دفع أي مبالغ، وعليه اتبعت نظام جديد لجذب القراء من خلال إتاحة 20 مقال مجاناً، وما زاد عنه يتم قراءته لقاء أجور مدفوعة، حاليا نصف عدد المقالات تقرأ مجانا، والأخرى مدفوعة أو عن طريق الاشتراك شهريا للحفاظ على جمهور القراء ومتابعة تمويل الصحيفة، ولديهم حاليا 200 ألف منتسب أون لاين، على الموقع الرسمي، و80 ألف قراءة ورقية.
في غرفة الأخبار
في غرفة الأخبار كان محررو التلفزيون يقومون بعملهم بمتابعة وتقديم الأخبار، وهناك أستديو لتصوير النشرات الإخبارية والبرامج، من خلال ستوديو رقم 1 وستوديو رقم 2، وهناك أيضا اثنان من الستديوهات الخاصة لتقديم الخدمات للاستوديوهات الأخرى، وفي نيسان/أبريل 2021 بدأ العمل في هذا الاستوديو الأكثر تقنية وتقدما، أسوة بتقنيات أستوديو الجزيرة، يحتوي على 6 كاميرات 5 على الأرض وواحدة في السقف، تعمل بطريقة الذكاء الإصطناعي، وبهذا استغنوا عن كادر المصورين، كل الكاميرات مبرمجة وتعمل حسب التقنيات الحديثة اتوماتيكيا دون أي تدخل بشري منذ الساعة الثامنة صباحا، لديهم 900 نوع لبرمجة الكاميرات، لكل منها دور محدد بالتصوير وحسب كل برنامج، وهناك أيضا عدة جزر، كل جزيرة متخصصة بمادة معينة، السياسة، الخارجية، المركزية، الإنتاج، الفترة الصباحية والمسائية، ويتم التأكد من صحة المعلومات، وفحص الصور المناسبة للعرض من خلال كادر العمل في غرفة الأخبار الرئيسية (على اليمين غرفة الأخبار، وعلى اليسار الفيديو).
في منظمة Bundespresskonferenz) ) غير الحكومية
لا توجد في ألمانيا نقابة للصحفيين ولكن توجد منظمة صحفية تعمل بمبدأ من الصحفي إلى الصحفي .
فكانت لنا زيارة إلى منظمة Bundespresskonferenz) ) وهي منظمة صحفية غير حكومية لها دور مهم في الصحافة الألمانية، تقوم وفق برنامجها بعقد اجتماعات ومؤتمرات، تستضيف فيها الشخصيات السياسية، رئيس الوزراء، والوزراء، وأعضاء البرلمان، لمناقشة موضوع مهم يخص الرأي العام وأمور أخرى، وتتكون من تسعة أعضاء، وكل عضو يقوم بإدارة احد الاجتماعات لمناقشة مختلف المواضيع، كما يضم اللجنة التوجيهية وتتكون من تسعة أعضاء، ثمانية منهم يقومون بإدارة الاجتماعات إضافة إلى عملهم الرئيسي في متابعة المؤسسات الإعلامية الأخرى.
تتكون المنظمة من900 عضو محلي من ألمانيا يعملون مراسلين صحفيين، كما لديهم 400 عضو من الصحافة الخارجية، يكتبون وينشرون عن السياسة الألمانية خارج بلادهم، وجميعهم لديهم نفس الحقوق، تعمل هذه المؤسسة عند عقدها مؤتمرا صحفيا بدعوة رئيس الوزراء وأعضاء البرلمان للحضور، كذلك المراسلين المحليين والخارجيين أيضا يحضرون لطرح الأسئلة، وعندما يريد أحد السياسيين أو البرلمانيين من لديهم مشروع ما ويرومون الإعلان عنه، يتم التواصل مع هذه المنظمة بخصوص برنامجهم الخاص بالمشروع، وتقوم المؤسسة بعد موافقتها على المقترح بعقد مؤتمر فيها، وتتم مناقشة الموضوع أمام الصحفيين والإجابة عن الأسئلة المطروحة، وتعقد الاجتماعات ثلاث مرات في الأسبوع، الاثنين والأربعاء والجمعة، يحضر ممثلي الحكومة والوزارات كل اثنين وأربعاء للإجابة عن الأسئلة .
أسست المنظمة في عام 1949 بعد الحرب العالمية الثانية، وتعد هذه المؤسسة الوحيدة التي حصلت على تمويل واشتغلت على الصحافة الحرة، وذلك لأنه بعد الحرب العالمية الثانية كان التوجه نحو صحافة حرة، كل الصحفيين العاملين هنا متطوعين، حتى أعضاء اللجنة التوجيهية عملهم تطوعي.