info@zawayamedia.com
بيئة

ما سبب نفوق آلاف الأسماك وأكثر من 150 دلفينا في منطقة الأمازون؟

ما سبب نفوق آلاف الأسماك وأكثر من 150 دلفينا في منطقة الأمازون؟

منذ عشرة أيام، استفاق القاطنين في نهر وبحيرة تيفي في الأمازون على مشهد مرعب للسكان الأصليين والباحثين والمدافعين عن الحياة البرية، مع جنوح أعداد كبيرة من الدلافين وآلاف الأسماك على شواطئ النهر والبحيرة.


وقد نفق أكثر من 150 دلفينًا نهريًا في منطقة الأمازون البرازيلية (في آخر تحديث) في أعقاب الجفاف الشديد ودرجات حرارة المياه التي وصلت إلى 38.8 درجة مئوية (102 درجة فهرنهايت) شرقًا، وهو أعلى بعشر درجات من المعدل العام في هذا الوقت من العام، ولكن يتخوف العلماء من سموم حيوية Biotoxins أو عدوى ببكتيريا.


وقد جنحت أعداد من دولفين نهر الأمازون من نوعين هما (Inia Geoffrensis) ودلافين نهر توكوكسي (Sotalia Fluviatilis)، المعروفين أيضًا باسم بوتو، وهي من الدلافين المسننة ذات الجلد الوردي المبهج.


وقال باحثون في معهد ماميراوا لرويترز إن العشرات من الدلافين نفقت خلال الأسبوعين الماضيين في المنطقة المحيطة ببحيرة تيفي، الواقعة على أحد روافد نهر الأمازون وهو نهر تيفي River Tefé، وأضافوا أن ما يقرب من 80 بالمئة من الدلافين النافقة هي دلافين وردية، والتي يعتقد  أنها تمثل 10 بالمئة من أعدادها.


يعتقد الباحثون أن انخفاض مستويات الأنهار خلال فترة الجفاف الشديد أدى إلى تسخين المياه لفترات طويلة إلى درجات حرارة لا تتحملها الدلافين، كما نفقت آلاف الأسماك مؤخرًا في أنهار الأمازون بسبب نقص الأوكسجين في الماء.


تعد دلافين نهر الأمازون، والعديد منها ذات لون وردي مذهل، من أنواع المياه العذبة الفريدة التي توجد فقط في أنهار أميركا الجنوبية وهي واحدة من بضعة أنواع دلافين المياه العذبة المتبقية في العالم، كما وتساهم الدورات الإنجابية البطيئة لهذه الأنواع بجعلها معرضة بشكل خاص للتهديدات المختلفة والإنقراض.


وهذه الأخبار المتعلقة بالنفوق سيئة للغاية بالنسبة لهذا النوع، الذي يعتبر بالفعل معرضًا لخطر الانقراض من خلال القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة بسبب انخفاض أعداده والتهديدات التي لا تعد ولا تحصى التي يواجهها.


السبب الدقيق للموت الجماعي ليس واضحا بعد، يحقق الخبراء حاليًا فيما إذا كان من الممكن أن يكون هناك عدوى أو سموم، لكن الكثيرين يلقون اللوم بالفعل على الطقس الحار والجاف بشكل لا يصدق الذي تعاني منه المنطقة حاليًا، حيث تعاني منطقة الأمازون البرازيلية حاليًا من موجة جفاف شديدة ويتوقع بعض الخبراء أن تستمر حتى أوائل عام 2024، وأحد العوامل الكبيرة وراء هذا الطقس هو ظاهرة النينيو، وهو النمط المناخي المعروف بأنه يمنع تكوين السحب الممطرة هنا، وتواصل شح هطول الأمطار المسجلة خلال موسم الجفاف.


وبعيدًا عن محنة دلافين النهر، فإن الطقس الجاف يسبب أيضًا مشاكل للعديد من المجتمعات في منطقة الأمازون. في الغابات المطيرة الكثيفة حيث لا يوجد سوى عدد قليل من الطرق الموثوقة، يعتمد الكثيرون على الممرات المائية للوصول إلى الموارد والسفر.


ونتيجة لجفاف مياه النهر، فإن حوالي 90 بالمائة من السفن تعمل الآن مع نوع من القيود في ولاية أمازوناس، مما يؤدي إلى قطع المجتمعات الواقعة على ضفاف النهر عن الإمدادات الحيوية، وإلى جانب تضاؤل الإمدادات من الضروريات مثل مياه الشرب والغذاء والوقود، يواجه البعض نقصا في الأدوية والخبرة الطبية، مما يخلق الوصفة المثالية لكارثة صحية.


وقالت ميريام مارمونتيل، الباحثة في معهد ماميراوا البيئي الذي يركز على حوض نهر سوليمو الأوسط: "لقد وثقنا 120 جثة بالفعل في الأسبوع الماضي، فنسبة عشرة بالمئة هي نسبة عالية جدًا من الخسارة، واحتمال زيادتها يمكن أن يهدد بقاء الأنواع في بحيرة تيفي".


سارع معهد شيكو مينديز للحفاظ على التنوع البيولوجي في البرازيل إلى الأطباء البيطريين وخبراء الثدييات المائية لإنقاذ الدلافين التي لا تزال على قيد الحياة في البحيرة. والتي لا يمكن نقلها إلى مياه الأنهار الباردة حتى يستبعد الباحثون السبب البكتريولوجي للنفوق، وقد تدخل بالفعل العشرات من الباحثين والأطباء البيطريين والمدافعين عن البيئة لتقديم المساعدة، يقوم البعض باستعادة جثث الدلافين للحصول على عينات الأنسجة لتحليلها، بينما يقوم البعض الآخر بنقل الدلافين المريضة إلى حمامات صناعية للمراقبة وإعادة التأهيل.


ومع ذلك، قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتمكن العلماء رسميًا من تحديد سبب نفوق الدلافين، فبحيرة تيفي بعيدة عن المدن الكبيرة التي بها مختبرات، فهي تقع على بعد حوالي 2000 ميل من ريو دي جانيرو و1850 ميلًا من ساو باولو، كما جعل الجفاف أيضًا حركة النقل داخل المنطقة النائية أكثر صعوبة، حيث جفت بعض الممرات المائية الصغيرة وروافد نهر الأمازون، وعادةً ما تكون الطريقة الوحيدة للتنقل هي القوارب.


Drought in the Amazon in Brazil. © Marizilda Cruppe / Greenpeace


يمكن أن تنمو دلافين نهر الأمازون، والمعروفة أيضًا باسم دلافين النهر الوردي، إلى ما يصل إلى 10 سنوات يبلغ طوله تسعة أقدام ويزن أكثر من 350 رطلاً، وفقًا للصندوق العالمي للحياة البرية. فهي تعيش فقط في المياه العذبة، وبالإضافة إلى البرازيل، فهي تعيش في أحواض الأنهار في بوليفيا وفنزويلا وغويانا وكولومبيا وبيرو والإكوادور.


يصنف الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة هذه الأنواع على أنها مهددة بالانقراض، ويفيد بأن أعدادها آخذة في التقلص، الدلافين معرضة للعديد من التهديدات، بدءًا من التلوث الصناعي والزراعي وحتى التنقيب عن النفط والغاز.


وتعد دلافين النهر الوردي مصدرًا للدخل السياحي لبعض المجتمعات المحلية، والتي تطلق عليها اسم "بوتو" أو "بوفيو"، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز. إنها جزء من الأساطير والقصص الأمازونية، بما في ذلك قصة تتحول فيها الدلافين إلى رجال وسيمين لإغواء الشابات. يُعتقد أن رفاهية الحيوانات هي مؤشر على صحة النظام البيئي للنهر.


يلقي خبراء الأرصاد الجوية اللوم على ظاهرة النينيو El Niño في الطقس الحار والجاف في المنطقة، ويقولون إن الظروف قد تستمر لعدة أشهر، حسبما كتب تياجو ألفيس في صحيفة برازيل ريبورتس، إذا كان الأمر كذلك، وألقى نشطاء البيئة اللوم في الظروف غير العادية على تغير المناخ، مما يجعل الجفاف وموجات الحر أكثر تواترا وشدة، ولكن دور الانحباس الحراري العالمي في الجفاف الحالي في منطقة الأمازون غير واضح، مع وجود عوامل أخرى مثل ظاهرة النينيو التي تلعب دوراً، ويخشى الباحثون من احتمال نفوق المزيد من الدلافين، كان ما يقدر بنحو 1400 دلافين نهرية تعيش في بحيرة تيفي قبل حالات النفوق الأخيرة، وفقًا لوكالة أسوشييتد برس، وقد تكون الخسائر الإضافية بمثابة ضربة للمجموعات البطيئة في التكاثر.


المصادر: رويترز, غرينبيس, The Smithonian ووكالات

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: