تشير الأبحاث إلى المسارات المحتملة التي يمكن من خلالها أن يقلل استهلاك الشاي من احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وبنسبة تصل إلى 47 بالمئة.
ووفقا لبحث حديث تم تقديمه في الاجتماع السنوي لهذا العام للجمعية الأوروبية لدراسة مرض السكري (EASD)، هامبورغ (2-6) تشرين الأول/أكتوبر، فإن تناول الشاي الداكن يوميا قد يقلل من خطر وتطور مرض السكري من النوع الثاني لدى البالغين، عن طريق تحسين تنظيم نسبة السكر في الدم.
وقد وجدت الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة أديلايد في أستراليا وجامعة جنوب شرق الصين، أنه بالمقارنة مع من لم يشربوا الشاي مطلقًا، فإن مستهلكي الشاي الداكن بمعدل كوب يوميا لديهم خطر أقل بنسبة 53 بالمئة للإصابة بمقدمات مرض السكري (أو ما قبل السكري) prediabetes وانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 47 بالمئة، حتى بعد تناوله، مع الأخذ بعين الإعتبار عوامل الخطر المحددة المعروفة بأنها تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري، بما في ذلك العمر والجنس والعرق ومؤشر كتلة الجسم (BMI) ومتوسط ضغط الدم الشرياني وغلوكوز البلازما في الوضع الصائم fasting plasma glucose والكولسترول وتناول الكحول وحالة التدخين والتاريخ العائلي لمرض السكري والتمارين المنتظمة.
وتعني حالة " ما قبل السكري" أن مستوى سكر الدم لدى المصاب أقل من تشخيصه بالإصابة بداء السكري، لكنه في الوقت نفسه أعلى من المستوى الطبيعي، ومن الممكن أن يصاب الشخص الذي لا يحاول الوقاية منها بالسكري من النوع الثاني خلال 10 سنوات أو أقل.
"تم الإبلاغ عن الفوائد الصحية الكبيرة للشاي، بما في ذلك انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري من النوع الثاني، في العديد من الدراسات خلال السنوات الأخيرة، ولكن الآليات الكامنة وراء هذه الفوائد كانت غير واضحة"، كما أشار المؤلف الرئيسي للدراسة تونغزي وو Tongzhi Wu من جامعة أديلايد.
وأضاف: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى التأثيرات الوقائية لشرب الشاي المعتاد على إدارة نسبة السكر في الدم عن طريق زيادة إفراز الغلوكوز في البول، وتحسين مقاومة الأنسولين، وبالتالي التحكم بشكل أفضل في نسبة السكر في الدم. وكانت هذه الفوائد أكثر وضوحا بين شاربي الشاي الداكن يوميا".
قد تكمن هذه التأثيرات المفيدة على التحكم الأيضي في الطريقة الفريدة التي يتم بها إنتاج الشاي الداكن، والتي تتضمن التخمر الميكروبي، وهي عملية قد تنتج مركبات نشطة بيولوجيًا فريدة (بما في ذلك القلويدات، والأحماض الأمينية الحرة، والبوليفينول، والسكريات، ومشتقاتها) لإظهار مضادات الأكسدة القوية، وبالتالي فإن تأثيراته المضادة للالتهابات، تعمل على تحسين حساسية الأنسولين وأداء خلايا بيتا في البنكرياس، كما تغير تركيبة البكتيريا الموجودة في الأمعاء.
وشملت هذه الدراسة التقاطعية 1923 بالغًا (562 رجلاً و1361 امرأة تتراوح أعمارهم بين 20 و80 عامًا) يعيشون في المجتمع عبر 8 مقاطعات في الصين، في المجمل، كان 436 مشاركًا مصابين بمرض السكري و352 مصابين بما قبل الإصابة بالسكري، وكان 1135 شخصًا لديهم مستويات طبيعية من الغلوكوز في الدم.وكان من بين المشاركين شاربي الشاي بصورة غير مستمرة، وأولئك الذين لديهم تاريخ في شرب نوع واحد فقط من الشاي. وقد تم سؤالهم عن تكرار استهلاك الشاي (أي أبدًا، وأحيانًا، وغالبًا، وكل يوم) ونوعه (أي الشاي الأخضر، أو الأسود، أو الداكن، أو أي نوع آخر).
قام الباحثون بفحص العلاقة بين تواتر ونوع استهلاك الشاي وإفراز الغلوكوز في البول وذلك يتم تقييمه بواسطة نسبة الغلوكوز إلى الكرياتين في البول في الصباح UGCR morning spot [urine glucose-to-creatine ratio ، ومقاومة الأنسولين التي يتم قياسها صباحا (على الريق) باستخدام مؤشر الدهون الثلاثية TyG والغلوكوز (مشتق من مستويات الغلوكوز في البلازما أثناء الصيام ومستويات الدهون الثلاثية أثناء الصيام)، وحالة نسبة السكر في الدم (يتم تعريفها على أنها تاريخ من مرض السكري من النوع 2، أو الاستخدام الحالي للأدوية المضادة لمرض السكر، أو اختبار بنتائج غير طبيعية لتحمل الغلوكوز عن طريق الفم بإعطاء كميات من السكر بكميات 75 جرام.
وغالبًا ما يتمتع الأشخاص المصابون بداء السكري بقدرة معززة على إعادة امتصاص الغلوكوز الكلوي، لذلك تستعيد الكلى المزيد من الغلوكوز، مما يمنع طرحه في البول، مما يساهم في ارتفاع نسبة السكر في الدم.
وبعد مراعاة الاختلافات في العمر والجنس والعوامل السريرية ونمط الحياة، وجد التحليل أن شرب الشاي يوميًا كان مرتبطًا بزيادة في إفراز الغلوكوز في البول (UGCR بمقدار 0.11 مليمول / مليمول) وانخفاض في مقاومة الأنسولين) بمقدار - (0.23)، بالإضافة إلى انخفاض خطر الإصابة بمقدمات السكري بنسبة 15 بالمئة وانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 28 بالمئة، مقارنة بمن لم يشربوا الشاي مطلقًا.
كانت هذه التأثيرات الصحية المواتية أقوى بالنسبة لشاربي الشاي الداكن، حيث ارتبط استهلاك الشاي الداكن بزيادة في UGCR بمقدار 0.16 مليمول / مليمول وانخفاض في التريغلسيريدات (أحماض شحمية ضارة) TyG بمقدار 0.31.
ووفقا للأستاذ المشارك وو: "تشير هذه النتائج إلى أن تصرفات المركبات النشطة بيولوجيا في الشاي الداكن قد تعدل بشكل مباشر أو غير مباشر إفراز الغلوكوز في الكلى، وهو تأثير، إلى حد ما، يحاكي تأثير مثبطات الأدوية من نوع الناقل المشترك للجلوكوز الصوديوم SGLT2، 2 () sodium-glucose co-transporter-2 inhibitors، وهي فئة جديدة من الأدوية المضادة لمرض السكري، والتي ليست فعالة في الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني وعلاجه فحسب، بل لها أيضًا آثار وقائية كبيرة على القلب والكلى.
ويضيف المؤلف الرئيسي المشارك البروفيسور زيلين صن Zilin Sun من جامعة ساوث إيست: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن شرب الشاي الأسود كل يوم لديه القدرة على تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وتطوره من خلال التحكم بشكل أفضل في نسبة السكر في الدم، عندما تنظر إلى جميع المؤشرات الحيوية المختلفة المرتبطة بالشرب المعتاد للشاي الأسود، فقد تكون خطوة واحدة بسيطة يمكن للناس اتخاذها بسهولة لتحسين نظامهم الغذائي وصحتهم".
وعلى الرغم من النتائج الواعدة، يحذر المؤلفون من أنه كما هو الحال مع أي دراسة رصدية، فإن النتائج لا يمكن أن تثبت أن شرب الشاي يوميًا يحسن التحكم في نسبة السكر في الدم عن طريق زيادة إفراز الغلوكوز في البول وتقليل مقاومة الأنسولين، لكنهم يشيرون إلى أنه من المحتمل أن يساهم في ذلك، وهم يجرون حاليًا تجربة عشوائية مزدوجة التعمية (لا يعرف المنخرطون فيها ما يشربونه) للتحقيق في فوائد الشاي الأسود على التحكم في نسبة الغلوكوز في الدم لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2 للتحقق من صحة النتائج التي توصلوا إليها، بالإضافة إلى ذلك، لا يمكنهم استبعاد احتمال أن يكون الإرباك المتبقي بسبب نمط الحياة والعوامل الفسيولوجية الأخرى قد أثر على النتائج.
تمت الترجمة بتصرف عن Scitech daily