info@zawayamedia.com
إقتصاد

لماذا على المودعين تحمل فاتورة إفلاس الدولة؟

لماذا على المودعين تحمل فاتورة إفلاس الدولة؟

كل يوم خبر جديد، تعميم جديد، فمن أمناهم على ودائعنا لليوم الأسود، وللطلاب، ولتكاليف العيش الكريم والطبابة وغيرها، ها هم يحتجزون أموالنا، بعد أن أغروا المودع اللبناني المقيم والمغترب بفوائد على الودائع، ليتم جمع المليارات، وحجزها لإيفاء دولة استنزفت الأموال في مزاريب الفساد لتحط في جيوب المفسدين.


فهل نلقي اللوم على المودع، الذي وثق بمصرف ليستثمر أمواله، أو ليحفظها له لأيام الشدة؟


ولمن لا يعلم بما حصل في لبنان، فقد قدمت المصارف (التي يملكها بمعظمها السياسيون) قروضا للدولة المهترئة بالفساد، لتصرفها الدولة دون حسيب أو رقيب، وبالمقابل أعطت المودعين حوافزا عبارة عن فوائد مرتفعة على الودائع، إلا أنه وبعد ثورة 2019، ألقي باللائمة على هذه الثورة في انهيار الليرة والأزمة الإقتصادية، وفي الحقيقة فإن هذه الأزمة كانت تختمر منذ 4 عقود، وبعدها قامت المصارف بحجز أموال المودعين لضمان سداد الدولة لقروضها، ليصبح المودعين وآمالهم ومستقبلهم ضحية الفساد، الذي سرق أموال الدولة ووضعها تحت ديون وبفوائد مرتفعة!


وفي قصة مؤلمة وصلتنا حول إحدى الطالبات في إحدى الدول الأجنبية، والتي قامت بأخذ قرض لدراستها الجامعية، لتقوم بوضعها في أحد المصارف اللبنانية وبالليرة اللبنانية، لتفاجأ بحجز وديعتها، وعدم قدرتها للحصول على أموال لمتابعة دراستها، وبالمقابل تسديد قيمة القرض المفروض عليها!


والمثال السابق، واحد من آلاف الأمثلة على ما أجرمته هذه الدولة وسياسييها ومصارفهم بحق المواطن، الذي همه الوحيد في الآونة الأخيرة أصبح تأمين لقمة عيشه ومصاريفه الأساسية من علاج ومسكن وضرائب تدفع لدولة لا تحترم تعبه وأمواله التي جمعها بأغلى الأثمان لتأمين حياته ومستقبله وحياة أولاده ومستقبلهم!


أمام هذا الواقع الذي يستمر للسنة الثالثة على التوالي، فهذه الودائع مثبتة في سجلات المصارف، سواء عبر دفاتر بنكية أو عبر الـ e-banking، لكن كل مصرف يتصرف بها، ويجتهد في تعميمات داخلية لسرقة الودائع بالتدريج، ومنها قبل شهور عدة في أحد المصارف، بفرض سحب الأموال المذكورة بتعميم مصرف لبنان 158، أي 400 دولار نصفها بالدولار والباقي باللبناني على سعر الصرف 1500 ليرة، وعندما كان يصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى أكثر من 100 ألف، أي أن المبلغ يقتطع منه عمولات المصرف ويقبض المواطن 6 ملايين ليرة بدلا من 20 مليون ليرة!


وبعد التعميم الأخير في أحد المصارف، توجه أحد المواطنين لمصرفه لنيل مستحقاته الشهرية أي 400 دولارا أميركيا، أو 300 دولارا أميركيا لمن يسحب للمرة الأولى، ليفاجأ بفرض عمولة على الخدمات، على الرغم من أن التعميم أكد عدم فرض أي عمولة على هذه الخدمات، ليرفض المواطن المتابعة حتى يصل إلى حل مطلوب بعد سؤاله عن هذا الأمر وبصورة مستفيضة، ودون أن يتطلب منه الأمر مزيدا من الخسائر.



ويبشرنا رئيس وفد صندوق النقد الدولي أرنستو راميريز ريغو بعد جولة على المعنيين بأن معظم ودائع اللبنانيين لم تعد موجودة! بينما لا يتوانى رئيس المجلس النيابي عن التأكيد على أن "الحرص المطلق على أموال المودعين وحقوقهم كاملة مهما تطلب ذلك من وقت لسدادها، وشدد رئيس المجلس على أن ضمان حقوق المودعين كل المودعين هي حجر الزاوية في الإتفاق مع صندوق النقد".


وكون "النفاق" في الدولة اللبنانية العملة الرائجة بعد الدولار، فإن كل ما سبق من تصريحات بضمان حقوق المودعين، تبقى مجرد كلمات فاقدة المحتوى، وسط تراخ ومماطلة من المسؤولين، وسط أزمة اقتصادية تضرب البلاد، وتحرم المواطن من مستحقاته من مصارف تدعمها سلطة لا تتوانى عن التسويف في استنزاف المواطن والدولة.


وبعد كل هذا، نعود إلى السؤال في عنوان هذا المقال، لماذا على المودعين تحمل فاتورة إفلاس الدولة؟ وأليس الأجدى تحقيق جنائي في كيفية تصرف هذه الدولة بحكوماتها المتعاقبة في القروض، وما تبعها من تهريب لأموال المصارف التي بمجملها أموال المودعين، فأين ذهبت الأموال؟ وكيف تم نقلها وبأي أسس "قانونية أم غير قانونية"، ومن حق المواطن المطالبة بكل أمواله من المصرف، وإلا لتتولى محاكم دولية الإقتصاص منها، كونها تتسبب بجرائم موصوفة بحق شريحة كبيرة من المواطنين، الذي ذنبهم الوحيد أنهم أمنوا لها على جنى أعمارهم!

"زوايا ميديا"

قسم التحرير

تابع كاتب المقال: