info@zawayamedia.com
بيئة

بعد كسر ستة من تسعة حدود للطبيعة... هل وصلت الأرض إلى نقطة اللاعودة؟

بعد كسر ستة من تسعة حدود للطبيعة... هل وصلت الأرض إلى نقطة اللاعودة؟

في تقرير علمي شمل أكثر من ألفي دراسة، حذر علماء من وصول البشرية إلى نقطة اللاعودة، نتيجة التدخل البشري في البيئة، حيث شمل تقريرهم ستة من تسعة حدود تم انتهاكها من قبل البشر، ومن أن أنظمة دعم الحياة على الأرض تضررت بشدة لدرجة أن الكوكب "خارج نطاق التشغيل الآمن للبشرية، فهل وصلت الأرض إلى نقطة اللاعودة؟


وقد وجد التقييم العلمي أن ستة من أصل تسعة "حدود كوكبية" قد تم انتهاكها بسبب التلوث الذي يسببه الإنسان وتدمير العالم الطبيعي، حيث تعتبر حدود الكواكب هي حدود الأنظمة العالمية الرئيسية - مثل المناخ والمياه وتنوع الحياة البرية - والتي إذا تم تجاوزها فإن قدرتها على الحفاظ على كوكب صحي معرضة لخطر الفشل.



تعني الحدود التي تم تجاوزها أن الأنظمة قد تم دفعها بعيدًا عن الحالة الآمنة والمستقرة التي كانت موجودة منذ نهاية العصر الجليدي الأخير، منذ حوالي 10 آلاف عام، وحتى بداية الثورة الصناعية، حيث نشأت الحضارة الحديثة بأكملها في هذه الفترة الزمنية، والتي تسمى عصر الهولوسين Holocene.


وقال الباحثون إن هذا التقييم كان الأول الذي شمل جميع حدود الكواكب التسعة ويمثل "أول فحص صحي علمي للكوكب بأكمله". لقد تم تجاوز ستة حدود بالفعل، ومنها اثنين على وشك الانهيار وهي تلوث الهواء وتحمض المحيطات، والحدود الوحيدة غير المهددة هي طبقة الأوزون في الغلاف الجوي، بعد أن أدت الإجراءات للتخلص التدريجي من المواد الكيميائية المدمرة في العقود الأخيرة إلى تقلص ثقب الأوزون.


وقال العلماء إن النتيجة "الأكثر إثارة للقلق" هي أن الحدود البيولوجية الأربعة، التي تشمل العالم الحي، كانت عند أو قريبة من أعلى مستوى للخطر، يعد العالم الحي ضروريا بشكل خاص للأرض لأنه يوفر المرونة من خلال تعويض بعض التغيرات الفيزيائية، على سبيل المثال، امتصاص الأشجار للتلوث بثاني أوكسيد الكربون.


وقال العلماء إن حدود الكواكب ليست نقاط تحول بل هي حدود لا رجعة فيها، ويحدث بعدها تدهور مفاجئ وخطير، وترتفع بعدها بشكل كبير مخاطر حدوث تغييرات جوهرية في أنظمة دعم الحياة الفيزيائية والبيولوجية والكيميائية للأرض، تم تصميم حدود الكواكب لأول مرة في عام 2009 وتم تحديثها في عام 2015، عندما أمكن تقييم سبعة منها فقط.


قال البروفيسور يوهان روكستروم، مدير مركز ستوكهولم للمرونة آنذاك والذي قاد الفريق الذي طور إطار الحدود: "العلم والعالم بأسره قلقون حقًا بشأن جميع الأحداث المناخية المتطرفة التي تضرب المجتمعات في جميع أنحاء الكوكب، ولكن ما يقلقنا أكثر هو العلامات المتزايدة على تضاؤل مرونة الكوكب".


وقال روكستروم، الذي يشغل الآن منصب المدير المشارك لمعهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا، إن "هذا الصمود الفاشل يمكن أن يجعل تقييد ظاهرة الاحتباس الحراري إلى هدف المناخ البالغ 1.5 درجة مئوية مستحيلاً، ويمكن أن يجعل العالم أقرب إلى نقاط التحول الحقيقية". قال العلماء في أيلول/سبتمبر أن العالم كان على شفا نقاط تحول كارثية متعددة.


وفي هذا السياق، قالت البروفيسور كاثرين ريتشاردسون، من جامعة كوبنهاغن التي قادت التحليل: "نحن نعلم على وجه اليقين أن البشرية يمكن أن تزدهر في ظل الظروف التي كانت موجودة منذ 10 آلاف عام، لكننا لا نعرف أننا نستطيع أن نستمر في ظل تغييرات كبيرة ودراماتيكية، ومع تزايد تأثيرات البشر على نظام الأرض ككل بينما نتحدث"، وأضافت: "يمكن اعتبار الأرض كمريض يعاني من ارتفاع شديد في ضغط الدم، هذا لا يشير إلى نوبة قلبية معينة، لكنه يزيد من خطر الإصابة بشكل كبير".


وأشار التقييم، الذي نُشر في مجلة Science Advances واستند إلى ألفي دراسة، إلى أن العديد من حدود الكواكب قد تم تجاوزها منذ فترة طويلة، وأن حدود سلامة المحيط الحيوي، والتي تشمل الأداء الصحي للنظم البيئية، قد تم انتهاكها في أواخر القرن التاسع عشر، حيث أدى تدمير العالم الطبيعي إلى تدمير الحياة البرية. ويعني نفس الدمار، وخصوصا إزالة الغابات، أن حدود استخدام الأراضي قد تم كسرها في القرن الماضي.


وتشير النماذج المناخية إلى أنه تم تجاوز الحدود الآمنة لتغير المناخ في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وبالنسبة للمياه العذبة، أظهر مقياس جديد يشمل مياه البحيرات والأنهار وفي التربة، أن هذه الحدود قد تم تجاوزها في أوائل القرن العشرين.


والحدود الأخرى هي تدفق النيتروجين والفوسفور في البيئة، حيث تعتبر هذه العناصر حيوية للحياة، لكن الاستخدام المفرط للأسمدة يعني أن العديد من المياه ملوثة بشدة بهذه العناصر الغذائية، مما قد يؤدي إلى تكاثر الطحالب ونشوء مناطق ميتة في المحيطات. ووفقا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، تتم إضافة ثلاثة أضعاف المستوى الآمن من النيتروجين إلى الحقول كل عام.


وتبين أن حدود التلوث الاصطناعي، مثل المبيدات الحشرية والمواد البلاستيكية والنفايات النووية، قد تم تجاوزها من خلال دراسة أجريت عام 2022، قام التحليل الذي قادته ريتشاردسون بتقييم تلوث الهواء لأول مرة، مما يؤثر على نمو النباتات والأمطار الموسمية. ووجدت أن تلوث الهواء قد تجاوز حدود الكوكب في بعض المناطق مثل جنوب آسيا والصين، ولكن ليس على مستوى العالم بعد، ويتم أيضًا تقييم تحمض المحيطات.


وقال العلماء: "يجد هذا التحديث أن ستة من الحدود التسعة قد تم انتهاكها، مما يشير إلى أن الأرض الآن خارج نطاق التشغيل الآمن للبشرية".


وقال روكستروم: "إذا كنت ترغب في تحقيق الأمن والازدهار والمساواة للبشرية على الأرض، عليك العودة إلى الفضاء الآمن، ونحن لا نرى هذا التقدم حاليًا في العالم، إن التخلص التدريجي من حرق الوقود الأحفوري وإنهاء الزراعة المدمرة هي الإجراءات الأساسية المطلوبة".


يتم تعيين حدود الكواكب باستخدام مقاييس محددة، مثل مستوى ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي بالنسبة لتغير المناخ، تتمتع أنظمة الأرض بالمرونة تجاه مستوى معين من التغيير، لذلك تم تعيين معظم الحدود عند مستوى أعلى من ذلك الذي استمر على مدى العشرة آلاف عام الماضية، على سبيل المثال، كان معدل ثاني أوكسيد الكربون عند 280 جزءًا من المليون حتى الثورة الصناعية، لكن الحد الأقصى للكوكب تم تحديده عند 350 جزءًا من المليون، والآن أثناء كتابة هذا المقال فمعدل ثاني أوكسيد الكربون وصل إلى 419.5 جزءا من المليون.


وقال البروفيسور سايمون لويس، من جامعة كوليدج لندن وليس عضوا في فريق الدراسة: "هذا تحديث قاتم بشكل لافت للنظر لصورة مثيرة للقلق بالفعل، إن الكوكب يدخل حالة جديدة وأقل استقرارا بكثير، ولا يمكن أن يكون هذا تحذيرا أكثر وضوحا بشأن الحاجة إلى تغييرات هيكلية عميقة في كيفية تعاملنا مع البيئة.


وقد فحص تقييم ذو صلة، نُشر في شهر أيار/مايو، حدود الكواكب وتقاطعها مع قضايا العدالة الاجتماعية، ووجد أن ستة من "حدود نظام الأرض" الثمانية هذه قد تم تجاوزها.


وقال الباحثون إن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لتعميق فهم الوضع الحالي، بالإضافة إلى مزيد من الأبحاث حول كيفية تفاعل مرور حدود الكوكب مع بعضها البعض. وقالوا إن أنظمة الأرض قد دخلت في حالة من عدم التوازن، ونتيجة لذلك، ظلت "الظروف البيئية العالمية النهائية" غير مؤكدة.


تم المضي قدمًا في مبادرة منفصلة لتحديد نهاية الهولوسين Holocene، وبداية عصر جديد تهيمن عليه الأنشطة البشرية في تموز/يوليو، عندما اختار العلماء بحيرة كندية وهي بحيرة كروفورد  Crawford Lake كموقع لتمثيل بداية الأنثروبوسين Anthropocene، أو المرحلة التي بدأ بها تأثير البشر وحجم وشدة عمليات التحول في الكوكب التي أطلقتها البشرية والعصر الصناعي الذي بدأ يظهر هذه التغيرات، وقد اتفقت هذه المجموعة أن هذا التاريخ هو العام 1950، أي بعد التواريخ التي تشير إليها معظم حدود الكواكب.


بتصرف عن الغارديان، دراسات علمية عدة ووكالات


الصورة الرئيسية من موقع New Atlas

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: