ليس من قبيل الصدف ما يحدث في لبنان، بل هو محصلة لفساد مستشر من نظام بغيض، لا يهتم بالمواطن، سواء كان رجلا كان أو امرأة أو طفلا، وبينما نجد من أفنى عمره في خدمة البلد، يحاول الحصول على العلاج ودخول المستشفيات بشق الأنفس، وإن وجدت العلاجات فبأبهظ الأثمان، أو مهّربة، فإن المواطن أصبح عليه الإكتفاء بتأمين قوته اليومي، ومصاريفه المتضخمة نتيجة ارتفاع أسعار كل شيء، فيما أمواله التي أودعها المصارف لليوم الأسود، تبخرت أو بخروها في جيوب ومزاريب "أذناب المافياويات" المختلفة، بينما تتجه الموازنة لرفع أسعار الخدمات الأساسية، بل دولرتها، وبشكل يستنزف المواطن حتى من تأمين حاجاته الأساسية، التي أصبحت حكرا على من يستطيع تأمين عمل من الخارج، أو "يحّن" عليه به المغتربون، أو يبقى منتظرا الفرج... إن أتى!
حاول المواطنون في لبنان رفع الصوت، بما وصف "بثورة" بينما وصف من قبل آخرين بانتفاضة، ليلقى اللوم على هذا التحرك العظيم في تدهور الأوضاع الإقتصادية، وتذبذب سعر الدولار لا بل جنونه، ونسي أولي الأمر أن 4 عقود من الزمان، قامت بتفجير هذه القنبلة الموقوتة، التي تلقفها الشعب، وبمرونته يستمر.
إلا أن هناك رأي آخر، لفتني على مواقع التواصل الإجتماعي، وقد نقلته بتصرف، لأجد أن هناك تشابها كبيرا مع واقعنا، بخلاف أن الأبواق تناظر بالعفة، بينما هي غارقة في الفساد...
واليكم هذا النص حول "سياسية الإستبغال" نورده بتصرف، وعذرا على الوصف، إلا أن هذا الوضع لا ينطبق على ما يحدث في لبنان فحسب، بل على دول كثيرة، وليس من الناحية الإقتصادية والحياتية فقط بل أيضا في حالات شخصية مثل ظروف العمل وخلافه!
قبيل الحرب العالمية الأولى انطلقت سفينة شحن عثمانية من اسطنبول إلى "أم قصر" جنوب العراق، محملة بعدد كبير من البغال لزوم قطعات الجيش العثماني جنوب العراق وشمال شرق الجزيرة العراقية، فالبغل كان من أهم وسائل النقل العسكرية حينها .
السفينة كانت كبيرة وكان يتم إخبار المسؤول عن إطعام البغال بواسطة "بوق" على السفينة، فعندما يسمع مسؤول إطعام البغال صوت البوق يبدأ بفرش العلف للبغال، لم يكن مسؤول العلف هو الوحيد الذي فهم متى وقت الطعام وإنما فهمت البغال كذلك أنه بعد صوت البوق سيأتي الطعام!
وهكذا استمرت السفينة تبحر والبوق يصدح كل يوم مرتين أن وقت إطعام البغال قد حان!
تأخرت السفينة بعبورها لقناة السويس ولأن العلف قليل ومحسوب على مدة سفر تلك السفينة أدى ذلك لشح في العلف للبغال!
وتم تخفيف علف البغال لمرة واحدة في اليوم، حينها بدأت البغال تجوع، وبدأت تخبط بحوافرها أرض السفينة وازداد غضب البغال وازداد هياجها ونهيقها، فما كان من المسؤولين عن السفينة إلا الإجتماع لتدارك هذه الكارثة، حتى لا تُحدث البغال كسرا في السفينة تؤدي لغرقها، هنا خطرت لأحد أفراد الطاقم فكرة، وهي أنه عندما تهيج البغال يقوم مسؤول البوق بإطلاق صوت البوق ، فتحسب البغال أن الطعام على وشك القدوم فتهدأ!
وهذا ما كان!
فكلما هاجت البغال يُطلق صوت البوق فتهدأ البغال، واستمرت الرحلة على هذا المنوال، هياج للبغال، صوت البوق، هدوء للبغال، ثم بعد سويعات هيجان للبغال، صوت بوق، هدوء للبغال، هيجان للبغال، صوت بوق، فتات من علف الطعام، حتى وصلت البغال للعراق وانتهت الرحلة بسلام!
هذه الخطة بعد نجاحها الساحق على البغال تم تطبيقها على الشعوب المقهورة، فعندما تجد الشعوب ضعف في الخدمات، فساد، سرقات، أجور لاتكفي قوت يومها، مساخر في كل شيء، أوهام غير حقيقية، تأجيل وتأجيل لكل شيء تبدأ حينها تلك الشعوب بالغضب والهجيان والصراخ، حينها تأتي الأوامر أن أطلقوا الأبواق!!
فتبدأ الأبواق تنطلق من هنا وهناك... انتظروا فإن الأزمة صبر ساعة... المستقبل زاهر... الأفق مشرق... الإنتصار قريب... البلد من أغنى البلاد ولكن ...هناك أموال ستأتي ... هناك حلول يتم الإعداد لها ...هناك خطط قادمة...هناك، وهناك، وهناك ... ولسوف... وستأتي... والمستقبل لا يمكن تخيله من شدة ما سيكون عليه الوضع من رفاهية وخدمات!!
وتمضي الأيام والأشهر والسنوات والوضع من سيء لأسوأ... ولا يتم إلقاء سوى الفتات الفتات... والفتات يقل ويقل وكلما يحس الناس بالظلم والقهر والفقر...لا يأتيها الحل سوى من "الأبواق"
وما أكثر الأبواق في زماننا!
منقول