في متابعة لسلسة المحاضرات الافتراضية والتي ينفذها منسقي الشبكة العربية للبيئة والتنمية "رائد" RAED حول التغير المناخي، جمعية انسان للبيئة والتنمية HEAD ، شبكة العمل المناخي-العالم العربيCANAW ، حزب الخضر اللبنانيGPL والتجمع اللبناني للبيئة LEF، أقيم الويبنار الإقليمي السابع بتاريخ 4 أيلول/سبتمبر تحت عنوان: "الإعلام العربي وقضايا التغير المناخي"، عبر تطبيق "زوم" وباللغة العربية، ضمن سلسلة المحاضرات الافتراضية حول التغير المناخي، في اطار التحضير للدورة ال 28 من مؤتمر الأطراف للمناخ في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28، للخروج بتوصيات الى لجنة قمة المناخ 28 لايصالها الى صناع القرار، وبحضور مشاركين من 16 دولة عربية.
بداية، تحدثت رئيسة جمعية HEAD ومنسقة الجندر في الشبكة العربية للبيئة والتنمية المهندسة ماري تريز مرهج سيف من لبنان ، ثم مديرة التحرير في "الوكالة الوطنية للاعلام" الإعلامية باتريسيا صوما عيسى، ومن مصر الإعلامية المتخصصة في البيئة من الاذاعة المصرية ومنسقة for Lost & Damage UNDRR الدكتورة مي الشافعي، ومن المملكة المغربية رئيس مركز "آفاق بيئية للاعلام والتنمية المستدامة" ورئيس تحرير مدونة "آفاق بيئية" الإعلامي محمد التفراوتي.
وادارت الحوار في الجلسة مؤسسة ومديرة تحرير موقع X-ray News الإعلامية ميا فرح.
مرهج سيف
افتتحت الندوة رئيسة الجمعية المهندسة مرهج سيف بكلمة ترحيبية وقالت:" إن مفهوم الإعلام البيئي يعد من المفاهيم التي طرأت خلال السنوات الماضية، خاصة مع تزايد الاهتمام العام بسبل مواجهة عوامل التغير المناخي، وتضاعف الجهود والمبادرات بشأنه، بالتزامن مع التوجهات العالمية نحو المحافظة على البيئة وإطلاق البرامج وعقد المؤتمرات التي تُعنى بشؤون الأرض".
وأشارت الى أن "وسائل الإعلام تقوم بصياغة الخطاب العام حول تغير المناخ وكيفية الاستجابة له"، لافتة الى أن "التمثيل الإعلامي لعلوم المناخ يتزايد وقد أصبح اكثر دقة، لكن انتشار المعلومات المضللة علميا من قبل الحركات المنظمة المضادة يؤدي الى تأجيج الاستقطاب، مما أدى الى تداعيات سلبية على السياسة المناخية".
وأكدت ضرورة "التوقف عن الدراما المفرطة، فمع استمرار تغير المناخ يتزايد طلب الناس بمعلومات حول ما يحدث وما يمكن أن يفعلوه هم وحكوماتهم"، معتبرة أن "قصة تغير المناخ تتجاوز المناخ، فيمكن الاستمرار في كتابة القصص التي تحذر من مدى تقدم الاحتباس الحراري، وهذا جزء مما تفعله الصحافة لكنه لا يدفعنا إلى الحد من المخاطر. إذ يتعلق الامر بإنشاء مسار للتأثير، وفي بعض الأحيان لن تكون النتائج هي القصة انما يمكن أن تكون أداة".
وشددت على "التفكير أكثر في القضايا المحلية والعدالة المناخية"، داعية الى "بناء الثقة والمشاركة التي يمكن أن تكافح المعلومات المضللة والخاطئة، فالتطبيع وخلق طريقة بسيطة للحصول على صياغة مخاطر في قصص الصحافيين سيكون أداة رئيسية لمكافحة المعلومات المضللة".
وأكدت أهمية "الاسترشاد بالعلم وتبني الإيجابية، إذ يمكن للصحافة أن تقدم قصصا إقليمية إلى الجماهير العالمية وتساعد في تشجيع البلدان الغنية والقوية ومواطنيها والشركات على العمل والتضامن مع المجتمعات الاكثر عرضة لآثار المناخ".
الشافعي
وتناولت الشافعي في مداخلتها محاور عدة، منها "الدور المحوري الذي يجب ان يقوم به الإعلام فى نشر الوعي البيئي فى ظل تسارع وتيرة التغيرات المناخية وتزايد ها كقضية ذات أولوية الآن، بما لها من تأثيرات واسعة على كل نواحي الحياة والتي تمس مباشرة إستمرارية حياة الإنسان، ومنها الامن الغذائي والطاقة والمياه والصحة والإقتصاد والثروات الطبيعية".
ثم تطرقت الى "وسائل التواصل الاجتماعي وضرورة متابعة ماينشر عليها من أخبار ومواد غير صحيحة ومفبركة احيانا وغير دقيقة ومن مصادر غير موثوقة، مثال ذلك ما يتعلق باخبار الطقس والمناخ والكوارث الطبيعية والزلازل، والتي أصبحت مادة ساخنة تتلاعب بها بعض منصات وسائل التواصل الاجتماعي".
وأكدت "ضرورة توثيق الصلة بين المؤسسات الإعلامية والجهات العلمية ومنها هيئات الأرصاد الجوية ، ونشر المعلومات الموثقة ومن مصادر علمية".
وأوردت ملاحظات على "الإعلام البيئي العربي بشكل عام مع تقدير دوره فى إتاحة مساحات أكبر للقضايا البيئية، إتساقا مع الوضع البيئي العالمي الآن وتفاقم أزمة المناخ والزخم الإعلامي البيئي العربي".
ومن الملاحظات مايتعلق بـ "ضرورة تعدد أشكال التناول الإعلامي لقضايا البيئة والمناخ وعدم اقتصارها على التغطيات الاخبارية، وكذلك الإهتمام بالصياغة المتكاملة للخبر، بما يوضح في متنه، ومعنى بعض المصطلحات مثال ذلك الإقتصاد الأزرق والإقتصاد الأخضر وغيرها، وضرورة طرح بدائل وحلول للمشكلات البيئية التي تنشر والوصول الى العامة من الناس".
ودعت الى "التعاون الإعلامي البيئي العربي وتشكيل شبكة عربية للإعلام البيئي"، مشددة على "دور الإعلام كآلية من آليات الإنذار المبكر فى حال المخاطر والكوارث"، مؤكدة على "أهمية التدريب وبناء القدرات فى مجال الإعلام البيئي للكوادر الإعلامية العربية".
صوما عيسى
وتناولت الزميلة صوما عيسى في مداخلتها، بعنوان "دور الإعلام الأخضر في التوعية على ظاهرة التغير المناخي وقضايا التنمية البيئية"، مفهوم "الإعلام الأخضر"، الذي "بات ظاهرة عالمية بدأت تعتمد كأساس توعوي على أهمية البيئة والحفاظ عليها، عبر خلق مساحة من الوعي وتشجيع مشاركة المجتمع في التكيف مع تغير المناخ وحماية الإستدامة البيئية".
وشددت على أهمية "التركيز في كل القمم المعنية بالتغير المناخي والظواهر البيئية، على دور وسائل الإعلام في تحويل المناقشات والتوصيات إلى أفعال وتطبيقها بجدية، من خلال "نظام إعلامي أكثر خضرة".
ودعت الى "وضع استراتيجيات وطنية اعلامية في دولنا العربية لاشراك المواطن العربي بفعالية في الحد والتكيف مع تغير المناخ وترشيد سلوكه، على نحو يحد من الممارسات السلبية التي تزيد من مضاعفة اضرار هذه الظاهرة".
وعن "التغير المناخي وأجندة الإعلام العربي" قالت: "بدأنا اليوم نشهد نهضة على صعيد "الإعلام الاخضر"، إلا ان ظاهرة التغير المناخي وتداعياتها لا تحظى بالمساحة التي تستحقها في الخطاب الإعلامي العربي بالنظر الى خطورتها، لكن هذه المساحة مرشحة للتوسع مع الاهتمام المتزايد بقضايا البيئة". ودعت الى "إعتماد اسلوب إعلامي مبسط وإعداد كوادر اعلامية متخصصة".
ولفتت الى أهمية "اطلاق منصة إعلامية عربية متخصصة تقدم كل ما يتعلق بظاهرة التغير المناخي في المنطقة العربية وتكون مصدرا رئيسيا للمعلومات ومرجعا للباحثين أسوة بالمنصات الدولية"، مثل منصة "العمل المناخي" الصادرة ب 6 لغات ومنها العربية، ومنصة "شباب من أجل العمل المناخي" التي أطلقتها "اليونيسف" تحت شعار "رفع صوت الشباب لحماية مستقبل كوكبنا".
ونوهت بـ "دور الجمعيات البيئية والشبكات العربية وسعيها الدؤوب للاضاءة على خطورة الظاهرة، من خلال ورش العمل البيئية وحلقات النقاش الإفتراضية والحضورية وحملات التوعية".
وختمت مؤكدة "دور ورسالة "الإعلام الأخضر" في تنمية الوعي البيئي لدى الرأي العام من جهة، وصناع القرار من جهة ثانية".
التفراوتي
من جهته، تحدث الكاتب والإعلامي البيئي المغربي رئيس مركز "آفاق بيئية للاعلام والتنمية المستدامة" ورئيس تحرير مدونة "آفاق بيئية" محمد التفراوتي في مداخلته عن "دور الإعلام البيئي كأفضل وسيلة لنشر الوعي حول تغير المناخ"، وقال: "إن المجتمع الواعي هو أفضل سلاح ضد تغير المناخ وهذا هو المكان الذي يلعب فيه الإعلاميون البيئيون دورا حاسما".
وأضاف: "هناك إشكالية التعامل مع تغير المناخ، إذ لا يتم التعامل معه بشكل عام على أنه قضية منهجية، من قبل وسائل الإعلام، إننا أمام ظاهرة معقدة، يتطلب فهمها امتلاك أفضل المعرفة العلمية، وفي الوقت نفسه القدرة على نقلها إلى المجتمع ككل بطريقة مفهومة".
ودعا إلى "التواصل مع العلماء وتقريبهم من الإعلام وإخراج الباحث من محرابه العلمي، وتبسيط المعلومة العلمية، كما يجب إدماج الإعلامي في مختلف المراحل من المفاوضات وإرهاصات القمم والمؤتمرات ليطلع بعمق على الإشكالية والتفاصيل الدقيقة".
ولفت الى أن "العلماء إتفقوا باغلبيتهم الساحقة منذ البداية أن تغير المناخ هو من أصل بشري، وله آثار مستقبلية خطيرة ولكن بعض الصحفيين قدموا جهات نظر متضاربة، إما انهم أرادوا ان يكونوا منصفين او لأنهم تعرضوا لضغوط سياسية أو بسبب طبيعة النظام الإعلامي التعددي".
وشدد على "ضرورة توفر المعرفة والمهارات اللازمة للتحرير والرغبة المستمرة في تطوير القدرات على رؤية شاملة وفردية لواقع الحياة والقدرة على تحويل المعلومات البيئية إلى منتج إبداعي، ويجب أن يكون لدى الصحافي البيئي قاموس للمصطلحات البيئية الخاصة، وفهم جوهر المشكلة، وتبسيط المعلومات التقنية، والرجوع إلى مصادر المعلومات وتقديم الحلول الممكنة للمشكلة ليس من نفسه، ولكن من خلال الخبراء، وتقديم عدة وجهات نظر على هذه المشكلة، مع الأخذ في الاعتبار قرائه".
وطالب بألا "يحجب عن الإعلام البيئي خبايا وكواليس المفاوضات وتلقي المعلومة ومخرجات مختلف القمم والمؤتمرات المراد إشاعتها وتعتيم الاخرى، أو التكتم عن التجاذبات، إلا ما يتسرب، لخلفيات سياسية واقتصادية مدمرة بدعوى عدم التهويل وإثارة الرعب لدى الراي العام".
وأشار الى أن "الإعلام يبقى بين المطرقة والسندان، وباختصار، يواجه الصحافيون الذين يريدون تكريس أنفسهم للصحافة البيئية مهمة شاقة تتمثل في التعليم الذاتي، فالإعلاميون البيئيون مطالبون بتعليم المواطنين وتوعيتهم، ويجب أن يسمعوا، ولهذا السبب، فإنهم يواجهون مهمة لا تقل أهمية، ليس فقط إنشاء محتوى بيئي ومناخي، ولكن أيضا الترويج له على منصات المعلومات المختلفة".
وختم داعيا الى "زيادة شحنة اقلامنا بقيم أساسية بإستدامة التنمية والتحرك نحو التحول البيئي العادل".
ثم كان نقاش واسئلة واجوبة بين المحاضرين والمشاركين من لبنان ومن 16 دولة عربية.