info@zawayamedia.com
عرب وعالم

لماذا تريد إسرائيل اغتيال صالح العاروري في لبنان؟

لماذا تريد إسرائيل اغتيال صالح العاروري في لبنان؟


حين وجّه رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو تهديده لصالح العاروري شخصيّاً وبالاسم، ردّ عليه الأمين العام للحزب في لبنان، بتحذير إسرائيل من أنّ استهداف أيّ شخصية قيادية على الأراضي اللبنانية لن يتمّ السكوت عليه.


فلماذا صالح العاروري في هذه الفوضى السياسية والأمنية داخل إسرائيل وعلى حدودها في كلّ مكان؟


في العمق، فإنّ رغبة إسرائيل باستهداف العاروري ليس سببها أنّه نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، ولا أنّه مسؤول حركة حماس في الضفّة الغربية، بل لأنّ قوات الاحتلال لديها معلومات عن أنّه المسؤول الأوّل عن قرار فتح جبهة الضفّة الغربية، بالتعاون مع بقية فصائل المقاومة، وأنّ له دوراً كبيراً في الدفع باتجاه المصالحة بين فصائل المقاومة المحسوبة على حركة فتح في الضفّة، وبين حماس، من أجل الوحدة الميدانية، التي هي في جانب منها امتداد لنظرية "وحدة الساحات".


وتحسب تل أبيب حساباً لثقل "حماس" الميداني في حال أطلقت يد المقاومة وأفكارها في الضفة، بعيداً عن حسابات السلطة الفلسطينية ومركزية القرار الفتحاوي، والصراع على السلطة في مناطقها.


أيضاً فإنّ صالح العاروري، بحكم تردّده إلى لبنان، وربما إقامته فيه، هو الأقرب إلى الحزب وإيران من بقية أطراف حماس. وقربه هذا يسهّل عليه الحصول على خبرات إيران والحزب العسكرية، ونقلها إلى المقاومين في حركته بالضفّة وغزّة، بحسب وجهة النظر الإسرائيلية. وهذا ما دفع الأمين العامّ للحزب حسن نصر الله إلى الدفاع عنه شخصياً بوجه نتنياهو.


تتّهم تل أبيب "جناح الصقور" في حركة حماس بقيادة العاروري بأنّه قرّر تركيز المقاومة ضدّ الاحتلال في الضفّة، وتجنيب غزّة المشاركة المباشرة في المواجهة. وذلك بعدما دخلت حماس بقوّة على المشهد بعد اجتياح جنين، من خلال إطلاق صواريخ "العيّاش" من جنين لتأكيد فشل الاجتياح الإسرائيلي. ثمّ توالى إعلان حركة حماس بشكل رسمي عدداً من عمليات المقاومة في الضفّة، وكانت آخرتها عمليّتَي "حوّارة 2" و"كريات أربع" التي وقعت بعدها بيومين.


وجّه نتانياهو تهديده للعاروري لدى اجتماع حكومته إذ قال: "إنّه يعلم جيّداً لماذا يختبئ هو ورفاقه"، معتبراً أنّ "من يحاول استهدافنا بالتمويل والتنظيم، سيدفع الثمن كاملاً".


نتنياهو يهرب من "الداخل" إلى الاغتيالات


مصدر سياسي فلسطيني مطّلع قال "أساس"، تعقيباً على إعلان إسرائيل نيّتها استهداف قادة المقاومة، إنّ "تل أبيب تعود إلى لعبتها المفضّلة، وعلى ما يبدو فإنّ حكومة نتانياهو العنصرية تسير على هذا العرف وتحاول تضخيم عمليات المقاومة في الضفّة الغربية، للتغطية على الحراك الشعبي في إسرائيل احتجاجاً على الانقلاب القضائي، وتحاول جرّ المعركة إلى مكان آخر، وهو الساحة الفلسطينية. وهناك خشية من إقدام نتانياهو على عمل عسكري يستهدف غزّة أو رموزاً قيادية في الداخل أو الخارج لتوفير غطاء لاستمراره في خطّته لإضعاف القضاء الإسرائيلي".


من جهتها حذّرت حركة حماس في بيان لها من "أنّ أيّ مساس بقيادة المقاومة سيواجَه بقوّة وحزم"، ووجّهت المقاومة الفلسطينية رسائل لتل أبيب عبر قنوات الوساطة، مفادها أنّ "أيّ عدوان إسرائيلي أو عمليات اغتيال سيتمّ الردّ عليها من دون حساب الكلفة الناتجة عن هذا الردّ". 


أما العاروري نفسه، فقد تداولت وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي صوراً تُظهره جالساً إلى مكتب مرتدياً الزيّ العسكري وأمامه قطعة سلاح. وعلّق الصحافي الإسرائيلي، أليؤور ليفي، على الصور بقوله: "عقب تهديدات باغتياله، انتبهوا إلى طريقة التقاط صالح العاروري للصور، وحرصه على إظهار ما هو معروض على الطاولة، وعادة لا يميل العاروري إلى نشر صور عسكرية".


من جانبه، قلّل هاني المصري، رئيس "مركز مسارات للأبحاث السياسية"، ومقرّه الضفة الغربية، من إمكانية اغتيال قيادات فلسطينية: "ربّما ضخامة حملة التهديدات الإسرائيلية لا تحمل نوايا جدّية لتنفيذها بقدر ما هي محاولة لاستعادة الردع، وتخويف المقاومة وحثّها على وقف المقاومة، لأنّ من يريد الاغتيال لا يعلن ذلك، وربّما تلجأ إسرائيل إلى اغتيالات صامتة في غزّة أو في الخارج أو في الضفّة لا تكون واضحةً مسؤوليّةُ إسرائيل المباشرة عنها".


من جهته قال المحلّل الفلسطيني طلال عوكل لـ"أساس" إنّ "من يحرص على اصطياد الأرنب لا يدقّ الطبول، إذ لا بدّ أنّ العاروري وقيادات الحركة قد اتّخذوا إجراءاتهم لمنع إسرائيل من النجاح في ذلك".


في المقابل، تعمل قيادة الجيش الإسرائيلي في هذه الفترة على وضع مخطّطات للتعامل مع "سيناريو مرجعي" تندلع خلاله "معركة شاملة" على عدّة جبهات وتبدأ بمواجهة مع الحزب وتمتدّ إلى قطاع غزّة والمناطق الحدودية في الجولان السوري المحتلّ.


"مسيرات العودة"


في المقابل، ومع ازدياد حدّة التوتّر بين قطاع غزّة وإسرائيل، أعلنت "الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار"، البدء بإعادة تجهيز وتأهيل مخيّمات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزّة، بعد توقّف أكثر من سنتين. وبدأت الجرّافات بتجهيز المناطق، خاصة في منطقة شمال قطاع غزّة. ويبدو أنّ هذه الخطوة مقدّمة لإعلان عودة المسيرات الأسبوعية التي كانت تنظَّم قبل سنوات كلّ يوم جمعة، وخلّفت العديد من الشهداء والجرحى.


ويبدو هذا الإعلان عودةً إلى "المقاومة السلمية" في غزّة، لمزيد من التأكيد على محورية الضفّة في استراتيجية حماس الجديدة. لهذا السبب لا يدور الحديث عن استعداد إسرائيل لشنّ عدوانٍ كبيرٍ على قطاع غزّة، بقدر ما يدور عن تفعيل أسلوب اغتيالات القادة.


عبير بشير - أساس ميديا

"زوايا ميديا"

قسم التحرير

تابع كاتب المقال: