مع بداية الثورة السورية، قال رسام الكاريكاتور الفنان السوري علي فرزات، بما معناه، إن "الثورة انتصرت ما إن تخطى السوريون حاجز الخوف"، قال ذلك، فيما كان النظام يومها في أوج توحشه وتغوله، يطلق الرصاص الحي على المتظاهرين، أطفالا ونساء وشيوخا، يعتقل ويمارس شتى صنوف القهر والتعذيب بحق كل هؤلاء اللاهثين وراء نسيْمَةِ حرية، وقد عاندوا الخوف سبيلا وحيدا لكرامة إنسانية ظلت مهدورة لنصف قرن ونيف.
واجه السوريون بصدور عارية آلة النظام العسكرية، وهل ننسى حركة أجسام السوريين في القرى والبلدات الثائرة، يوم كانوا يشبكون الأيدي ويهزجون بأغنيات ويتمايلون روحا واحدة، قلبا واحدا، وكأنهم مندغمون في "كوريغرافيا ثورية"، فضاؤها على رحابة الأرض السورية، وننتظر، يوما ما، مسرحتها في ميادين القرى بعد أن تتحرر سوريا، ويعود إليها نبض الحياة، ثقافة وإبداعا، بعيدا من "فن معلب" يمجد الديكتاتور، وأي ديكتاتور؟!
بالأمس، ترددت هتافات الشهيد إبراهيم قاشوش في السويداء وجبل العرب، ودوت من جديد أهزوجة "يالله إرحل يا بشار"، لتقول السويداء "واحد واحد واحد... الشعب السوري واحد"، وكانت من قلب التظاهرات تصدر صيحات تحيي إدلب، حلب، حماه، دير الزور وكل منطقة واجهت صلف النظام، ولاحقا القوى التكفيرية بدورها الوظيفي المنوط به تشويه الثورة وحرف أنظار العالم عن جرائم سلطة لفظها شعبها.
إبراهيم القاشوش، ابن مدينة حماه لم يمت، فكما نشط إبان الاحتجاجات الشعبية في قيادة المظاهرات التي تهتف بإسقاط رئيس النظام، ها هو اليوم يعود على "موج" أصوات أبناء الجبل وحوران الثائرين حتى انبلاج فجر جديد، لا بد أنه آت.