info@zawayamedia.com
صحة

دراسة حديثة: نوع من الديدان الطفيلية قد يقي من الإصابة بمرض السكري!

دراسة حديثة: نوع من الديدان الطفيلية قد يقي من الإصابة بمرض السكري!

تعتبر الإصابة بالديدان الشصية (الخطافية) من الإصابات الطفيلية الأكثر شيوعا حول العالم، إلا أن دراسة حديثة أعادت وضع نوع من هذه الديدان من مخلوقات قد تؤدي إلى الضرر، إلى إمكانيات قد تمكن البشر من الإستفادة من وجودها في أجسادهم، وبالتحديد في أمعائهم، للوقاية من الأعراض المرضية الإستقلابية والأيضية ومنها خصوصا مرض السكري من النوع الثاني وأمراض الأوعية والقلب والشرايين.


فقد قام فريق بقيادة علماء من جامعة جيمس كوك بأستراليا وفي أول تجربة سريرية من نوعها، بتطعيم متطوعين بيرقات الدودة الشصية البشرية واسمها العلمي   Necator americanus  لمعرفة ما إذا كانت هذه الطفيليات يمكنها تحسين صحتهم الأيضية، حيث شملت الدراسة التي استمرت عامين 24 مشاركا، وقد أظهر كل منهم ارتفاعا في مقاومة الأنسولين ببداية التجربة، وبحلول نهايتها، وجد الباحثون أن أولئك الذين أصيبوا بالديدان الخطافية أظهروا انخفاضا كبيرا في درجات مقاومة الأنسولين مقارنة بأولئك الذين تلقوا علاجا وهميا.


وقد نشر العلماء دراستهم في مجلة  Nature Communicationsالعلمية، وهي ليست التجربة الأولى التي تتم فيها دراسة الإصابة بالديدان الخطافية لمعرفة فوائدها الصحية، وفي هذا المجال، فقد توصلت دراسة رائدة أخرى نشرت عام 2021 وتبين أن الإصابة المشاركين بالديدان الخطافية قد أفادت الميكروبيوم (البكتيريا الحميدة) في أمعائهم، إلا أن هذا لا يكفي للتوصية بهذه الممارسة حتى الآن، لكن النتائج تدعو إلى تكرار التجربة على نطاق واسع وتنضم إلى دراسات أخرى في هذا المجال، قد حددت الدراسات السابقة محليًا ودوليًا مدى نجاح اليرقات، بدرجات متفاوتة، في مساعدة المصابين بمرض الاضطرابات الهضمية ومرض التهاب الأمعاء والربو.


وفي هذا الاطار، علق الباحثون على أن نتائج تجربتهم توفر "دليلا على مبدأ أن علاج الدودة الشصية قد يؤدي إلى استقرار أو تحسين المحددات الرئيسية للصحة الأيضية مثل مقاومة الأنسولين"، وذلك وفقا لما نقله موقع "ساينس إليرت" العلمي عن مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» العلمية المعروفة.


وتعيش الديدان الطفيلية، مثل الديدان الخطافية، داخل البشر خلال معظم تاريخ جنسنا البشري، وهي ضمن نوعين من الديدان الخطافية الطفيلية التي لا تعيش إلا داخل البشر، وفي حين أن بعض أنواع العدوى يمكن أن تعرض صحتنا للخطر، فإن البعض الآخر بالكاد يكتشف وجودها، وربما تجلب بعض الخير.


فقد لاحظ العلماء وفي العقود الأخيرة، أنه في الأماكن التي تتوطن فيها الديدان الطفيلية، يبلغ الناس عن عدد أقل من الأمراض الأيضية والالتهابية، وليس ذلك فحسب، بل وجدت الدراسات الحديثة أنه عندما يتم "التخلص من الديدان" لدى الأشخاص، تزيد مقاومة الأنسولين لديهم فجأة، وهذا عامل يساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم، وهو خطر لتطور مشاكل التمثيل الغذائي مثل مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية.


وتعتبر هذه التجربة الحديثة واحدة من أولى التجارب في العالم التي تهدف إلى إصابة المشاركين بالديدان الخطافية لفترة محدودة من الزمن.


ومن الجدير ذكره، أنه في البداية، ضمت الدراسة 40 متطوعا بالغا، جميعهم لديهم درجات عالية نسبيا في مقاومة الأنسولين وفق فحص مخبري يسمى ( (HOMA-IR، والذي ارتفع في بداية التجربة، ليعود وينخفض بصورة قياسية، وقد تم تلقيح 24 شخصا بالغا أكملوا التجربة إما بدواء وهمي أو بـ 20 أو 40 يرقة معدية من الدودة الشصية البشرية، ولم يكن المرضى ولا الباحثون على علم بالعلاج الذي تم تقديمه ولمن، وقد عانى بعض المشاركين والمصابين بعدوى الدودة من مشاكل الأمعاء الخفيفة إلى المتوسطة مثل الانتفاخ أو الغثيان أو القيء أو الإمساك أو الإسهال، لكن الأعراض كانت قابلة للتحكم؛ فترك ثلاثة أشخاص فقط التجربة بسبب الانزعاج. 


وبعد عام من فحوصات الصحة البدنية والعقلية المنتظمة، انتهى الأمر بمجموعة المشاركين الذين أصيبوا بالديدان الخطافية إلى تسجيل درجات أقل بكثير في تقييم مقاومة الأنسولين HOMA-IR ، أما أولئك الذين تلقوا 20 يرقة من الدودة الشصية فقد شهدوا انخفاضا بدرجاتهم من 3.0 وحدة إلى 1.8 وحدة فقط، والذين أصيبوا بعدد أكبر من اليرقات شهدوا فقط انخفاضا من 2.4 إلى 2.0، بينما شهدت مجموعة الدواء الوهمي زيادة متوسطة في درجاتها بلغت 0.8 وحدة.


وفي هذا الإطار، أوضحت عالمة الأحياء المؤلفة الرئيسية للدراسة الدكتورة دوريس بيرس "أن انخفاض قيم HOMA-IR تشير إلى أن الأشخاص كانوا يعانون من تحسينات كبيرة في حساسية الأنسولين، وهي نتائج ذات دلالة سريرية وإحصائية على حد سواء، لكن لا يزال هناك الكثير من الأشياء المجهولة التي يجب فصلها؛ مثل كيفية تأثير الديدان الخطافية على التمثيل الغذائي البشري؟ ولماذا لا تؤدي جرعة أعلى من الدودة الشصية إلى تحسين مقاومة الأنسولين بطريقة خطية؟ إن حجم عينة التجربة الأولى هذه هو ببساطة أصغر من أن يجيب على هذه الأسئلة".


وقد لاحظ الباحثون انخفاض كتلة الجسم أيضًا لدى المصابين بـ 20 دودة بعد عامين، فضلا عن التغيرات في الحالة المزاجية التي تعد بمثابة فائدة إضافية للباحثين، الذين لاحظوا تغيرات "ملحوظة" لدى المرضى، على الرغم من الاختبارات في الموجة الأولى من جائحة كوفيد-19.


وقالت الدكتور بيرس: "في حين أننا لا نملك حاليا تفسيرا لهذه الملاحظة، فإنه ليس من المستغرب أن تؤثر الطفيليات على سلوك مضيفها، وتابعت: "فالسيروتونين، وهو ناقل عصبي مهم آخر في الجهاز العصبي المركزي ويرتبط بالعديد من الحالات النفسية، يتم إنتاجه في الغالب في الأمعاء، وهو أيضًا مكان إقامة الدودة الشصية، مما ينشئ على الأقل علاقة محتملة بين الديدان الخطافية والمزاج".


بالنسبة للباحثين الأستراليين، فإن نجاح هذه التجربة الجديدة يعزز إمكانية تصميم علاجات قائمة على البروتين تحاكي تأثيرات الدودة الحية، وللمضي قدمًا، قالت بيرس أن "هناك حاجة إلى تجربة أوسع لتأكيد إثبات المفهوم".


وقالت: "على الرغم من أن النتائج التي توصلنا إليها إيجابية، إلا أن أحجام العينات لدينا كانت صغيرة وكان المشاركين في الغالب من الإناث القوقازيات، مما يحد من قدرتنا على التوصل إلى استنتاجات ثابتة وتعميم النتائج التي توصلنا إليها"، وتابعت نأمل في تأكيد نتائجنا في تجربة مستقبلية تشمل عددًا أكبر من المشاركين من خلفيات متنوعة قد تسمح لنا أيضًا بتحسين جرعات الدودة الشصية واكتساب بعض الفهم الآلي، فلا تزال هناك أسئلة كثيرة قبل أن يصبح العلاج سائدًا".


ومن الجدير ذكره، أن متوسط عمر هذه الدودة يتجاوز خمس سنوات، فضلا عن أن طولها لا يتجاوز 2 سنتمترا، وهي بالطبيعة تفضل إصابة الذكور على الإناث.


ويستعد فريق الدراسة حاليا لتنظيم دراسة دولية واسعة النطاق لمزيد من التحقيق في هذا الأمر.


تمت الترجمة بتصرف وإضافة الصورة الرئيسية من موقع RACGP

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: