info@zawayamedia.com
لبنان

النظام الطائفي... البلادة والفساد!

النظام الطائفي... البلادة والفساد!


لا يعلم اللبنانيون ماذا جنت أصواتهم في صناديق الاقتراع ليصابوا بالنكسة تلو الأخرى، ولا كيف ابتليوا بطبقة سياسية صدرتها الطوائف، وهي خليط من إرث إقطاعي ومالي ومقاولاتي وعائلي، وبـ "خلطة" سحرية لا تخطر في بال عاقل ولا مجنون، هذا الأمر يطرح إشكالية وجودية بالنسبة للبنان، ونوجزها بسؤالين، هل يمكن إحداث تغيير في نظام التحاصص المعزز بالدستور وتكريس الشفافية والنزاهة؟ وهل يمكن للآليات التي تحكم وتتحكم بالنظام الحالي أن تنتج دولة قابلة للحياة وتكون حاضرة في رحاب العصر؟


سيطالعنا كثيرون لينظِّروا في هواجس الأقليات، لكن نرد السؤالين بسؤالين آخرين، هل تمكن نظام الطوائف من حماية الأقليات؟ لا بل أبعد من ذلك، هل تعتبر أي أقلية محمية لمجرد أن ثمة من يمثلها "خير" تمثيل؟ ومن ثم، من يحمي الكيان ويحافظ على قيمة لبنان بتنوعه؟ هذه الأسئلة توصل إلى طريق مسدود، فالنظام الطائفي أورثنا حروبا مدمرة منذ نشوء الدولة مع ميثاق 1943 وتفصيلها على مقاس طوائفها، فغابت المواطنة وحضر الفساد كحالة ثابتة في بنية النظام.


لا نعيش اليوم تداعيات أزمات اقتصادية ومالية فحسب، وإنما نؤسس في اللاوعي الجمعي لحروب جديدة، تنتفض طائفة لمجرد أن مس أحدهم، وممن لا قيمة له، مقدساتها، وتغلي النار في الأفئدة ويعلو صوت الغرائز على صوت العقل، ومرات كثيرة شهدنا "ثورات" طوائفية من كل القوى دون استثناء، فالتعصب لا يجر غير التعصب، والنظام القائم على دعائم طائفية يمثل أرضا خصبة لرفض الآخر، وهذا يعني أن اللبنانيين محكومون بهواجس كثيرة، ويُصور لهم أن مصيرهم في خطر إن هم لم يعضدوا زعماءهم ويمحضونهم الثقة العمياء، وكل ذلك يؤدي إلى البلادة، فالزعيم هو من يفكر عن الناس وعن الرعية، فتعطلت لدى المواطن ملَكة التفكير وصار تابعا، وهذه إشكالية عبر عنها الرحابنة إبداعا واستشرافا، في "سكيتش الرسالة" بدلالات ساخرة وعميقة:


"إنتا لا تفكر نحنا منفكر عنك


إنتا لا تتدخل نحنا منتدخل عنك


طيب شو بدي إعمل


إنبسط إنبسط إشتغل وكول ونام


وطنش طنش طنش".


هكذا تريد الطبقة السياسية الناس، هكذا ترغب من المواطنين أن "يطنشوا" على الفساد، على استباحة الدولة وأملاكها، على الموت من تلوث يضرب قرى وبلدات حوض الليطاني ومساحات من الشاطىء، على "وعود تقشفية" إكراما لمن أهدروا المال العام، على كهرباء غائبة ومياه ملوثة، على طرقات لا تشبه الطرقات، على تجاوز القوانين ممن تسندهم طوائفهم... إلخ.


اختصارا، يستحيل على نظام طائفي أن يحارب ويجتث الفساد!


 

"زوايا ميديا"

قسم التحرير

تابع كاتب المقال: