info@zawayamedia.com
بيئة

حدث غير مسبوق... صغيرين نتيجة تزاوج لقلق أسود وأبيض في ألمانيا!

حدث غير مسبوق... صغيرين نتيجة تزاوج لقلق أسود وأبيض في ألمانيا!

"لودجر" نسبة لقرية Lüder في ولاية ساكسونيا السفلى الألمانية و"لينا" هما إسمي فراخ ذكر اللقلق الأبيص هاينزيك Heinrich وأنثى اللقلق الأسود إيزيس Isis، وهو بالمناسبة أمر يحدث للمرة الأولى في العالم، أي تزاوج لقلق أبيض ولقلق أسود فضلا عن وجود فراخ للطائرين.



إلا أن اللافت للإنتباه هو أن التزاوج هذا حدث مرتين مرة قرب قرية لودر، والآخر في بلدة هورني سيريكيف Horní Cerekev في جمهورية التشيك، والفارق بين الحالتين، أن تزاوج طائري لودر قد أنتجت فراخا، فيما في الحالة الثانية، فاقتصر الأمر على التزاوج فقط.


وقد أعلن الناشط في هذا المجال آرني توركلر Arne Torkler إسمي الصغيرين من الزوج المختلط (الهجين) من طائر اللقلق الأسود والأبيض مؤخرا، مشيرا إلى أنه لم يتم تزويدهما بأجهزة تتبع أو خواتم للتعريف عنهما، لأسباب معقدة  لم يوضحها، وأوضح أنه بناء على الحجم فالذكر هو اللقلق الداكن الرمادي الأكبر حجما، والأنثى هي التي حجمها أصغر، حيث من المتوقع في الأيام القادمة أن يغادر كلاهما العش!


وبداية فقد قامت قامت الناشطة Petra Biermann في مجموعة متابعة تعشيش اللقلق الأسود وهجرته على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك المعروفة باسم Black Stork Ciconia Nigra - streamed nests and migration وبالمشاركة بصور عدة توثق تزاوج ذكر لقلق أبيض Ciconia ciconia هاينريك Heinrich وأنثى اللقلق سوداء  Ciconia Nigra إيزيس Isis، وقد كان هاينريك ينتظر أنثاه، التي لم تعد من هجرتها السنوية، ربما لحادث ما أصابها، أو طلقة صياد أرعن استهدفتها، ولكن إيزيس ظلت مثابرة على القدوم للعش الزوجي، وقد طردها هاينريك مرات عدة، وبالنهاية "استسلم"، وتم التزاوج، وقد فرخ إثنان من الصغار أحدهما برأس أبيض وأجنحة سوداء والآخر رمادي، وهو ما يطرح تساؤلات عدة، عما سيحدث من تزاوج هذين النوعين، وهل ستستطيع الفراخ الهجينة الإستمرار بالحياة والتكاثر؟ وهل سيعود الزوجان للتزاوج والتعشيش ثانية؟ وعن مدى تأثير هذا الأمر على جينات النوعين اللقلق الأبيض والأسود .


وفي بلدة Horní Cerekev، تزاوج ذكر لقلق أسود من أنثى لقلق بيضاء، ولكن عند عودة ذكر اللقلق الأبيض إلى العش، تم طرد ذكر اللقلق الأسود، وقد وضعت الأنثى البيض، ولكن يبدو أنه لم تتم متابعة الموضوع عن كثب، حيث لا معلومات حول ذلك بعد هذا المقال الذي ذكر الحادثتين (الرابط هنا، وهناك مقال آخر سابق هنا).


وفي الواقع فلا زال الأمر مبكرا لمعرفة الإجابات على الأسئلة السابقة، فإن كانت الفراخ إناثا، فسيتطلب الأمر بين أربع وخمس سنوات كي تبلغ، وإن كانت ذكورا فخلال ثلاث سنوات، وكذلك الأمر بالنسبة للتزاوج والتعشيش بالنسبة للأهل، وبالنسبة لتأثير هذا الأمر على الأنواع، فقد ذكر في التعليقات أن أحد الخبراء في النص المرفق بهذا الخبر على المجموعة ولم يتم ذكر اسمه، أشار إلى أن هذا الأمر قد يشكل خسارة للنوعين من اللقالق، حيث يؤثر على الجينات ولكن ربما يكون لدينا نوعا هجينا، وهو ما يطرح أسئلة إضافية، عن مدى قدرة هذا النوع الهجين ليس على التكاثر فحسب، بل على الهجرة التي تختلف بطريقتها بين اللقلق بنوعيه (الأبيض أو الأسود)، وعن تأثير هذا على الجينات بوجود الجينات الهجينة Hybridism التي تؤثر على الجينات الأصلية للنوعين، أو ربما ينتج نوعا خلاسيا، يكتسب المزيد من المعرفة من النوعين، تبقى الإجابة على هذه الأسئلة بمراقبة ومتابعة هذا النوع الهجين خلال السنوات القادمة.


وقد تواصلنا في موقعنا زوايا ميديا مع العديد من الناشطين في هذا المجال، للوقوف على آرائهم، وبينما اعتذر عدد منهم عن إبداء الرأي في هذا الحدث، كونه غير مسبوق بالنسبة للقالق، أعطى عدد من الناشطين ومتابعي هذه الطيور الجميلة آرائهم ونظرياتهم حول هذه الظاهرة.


بترا ماير



وأوضحت المتطوعة في منظمة Vogelschutzwarte Storchenhof Loburg e.V بترا ماير Petra Meyer  بداية حول المنظمة التي تعمل معها، فهي منظمة تعنى بالطيور ومنها اللقلق ويتضمن عملها علاج الطيور المصابة، وإذا أمكن، إطلاقها إلى البرية، وحماية الموائل ومتابعة الهجرة الخاصة بها وسلوكها، وبهدف إلهام الكثير من الناس للحفاظ على الطبيعة"، وقالت: "أعمل كمتطوعة وعضوة فيها منذ عشرين عاما، ولكن أتابع اللقلق منذ أكثر من 25 سنة، ولست بخبيرة، ولكن اكتسبت بعض المعرفة عبر السنين"، وتابعت: هناك بالفعل العديد من المقالات حول هذا الموضوع، لكنك لن تجدين خبيرًا يمكنه الإجابة على أسئلتك. فهذا حدث لأول مرة في البرية، لذلك لا توجد خبرة، وأعرف أحد الخبراء، لكنه تفاجأ ولم يسمع عن هذا الأمر من قبل".


وعند سؤالها، لماذا حدث هذا؟ وما قد يحدث للأنواع، وهل تعتقد أن فصل الربيع هو 1) الخصوبة وهذا يطرح مسألة هامة في استمرارية النوع الهجين 2) أقوى أو يقظ من الوالدين، الأطفال بالفعل أكبر بكثير من الأم، 3) كيف سيتصرفون في الهجرة مثل اللقلق الأسود أو الأبيض؟


فأجابت: لماذا حدث هذا، لا أحد يعرف أيضًا، من الممكن أن يكون اللقلق الأسود قد تمت تربيته مع طيور اللقلق الأبيض. لكن هذه أيضًا مجرد فكرة، وبالنسبة للسؤال حول الخصوبة، يشك المرء في أن النسل ربما ليس لديه خصوبة، هذا هو الحال في كثير من الأحيان مع الهجينة. لكن مرة أخرى، إنه مجرد تخمين".


وبالنسبة للعادات الخاصة بكل نوع، فأجابت: "عادة ما يهاجر اللقلق الأسود في وقت متأخر عن طيور اللقلق الأبيض، ما سوف يفعلونه، للأسف، لن نعرفه بعد، لا يمكن للمرء وضع جهاز إرسال عليهم، على الرغم من وجود هذه الفكرة".


وأشارت إلى أنه "قد تم بالفعل نشر العديد من المقالات حول هذا الموضوع، حتى في الخارج. تمامًا مثل الزوجين من نفس الجنس في جمهورية التشيك".


ولفتت إلى أنها رأت: "الكثير من التوثيق لأعشاش فارغة، حيث ينتظر الذكور، ولا تعود الإناث، وربما اعتاد اللقلق الأسود على وجود طائر اللقلق الأبيض. فعادة ما يكون لديهم موائل مختلفة، وأقرب تشبيه لهذا التزاوج إنهم مثل الحمير والحصان - أنواع مختلفة من عائلة واحدة، وربما يكون ناتج التزاوج مثل حالة البغل، عقيما ولكن علينا أن ننتظر ونرى، وقد لا تعرف أبدًا. إذا بقيت على قيد الحياة في السنة الأولى، فعادة ما تتكاثر لأول مرة بعد 2-3 سنوات".


وأشارت إلى أنه "يموت ثلث كل طيور اللقلاق الصغيرة في العام أثناء الهجرة الأولى تقريبًا، هناك مخاطر كثيرة، وأخاف أن أتخيل أن شخصًا ما يطلق النار عليهم عمدًا ثم يضعهم في الواجهة. لمجرد الحصول على تذكار لشيء مميز، وكما يقال فاللقلق الأسود يتجه إلى الشرق. واللقلق الأبيض يقضي الشتاء في الغرب. أين يذهب هذان الاثنان؟ من يدري حتى يتم ملاحظتها في المرات القادمة".


ووفقًا لإحدى المقالات، "كان اللقلق الأبيض ينتظر رفيقته التي اعتاد على تواجدها والتزاوج معها لسنوات عندما ظهرت هذه الأنثى، حيث يريد اللقلق الأبيض دائمًا التكاثر في نفس العش، فهم مخلصون للعش وليس للشريك، لكن ربما حدث شيء ما للأنثى ولا أحد يعرف، وتحت إلحاح من أنثى اللقلق السوداء، تزاوجا وتابعا رعاية البيض معا ولاحقا إطعام الفراخ".


الخبيرة كارولين والتا



وقالت كارولين والتا Caroline Walta وهي خبيرة في مجال الطيور واللقلق من هولندا: "أحب الطيور منذ طفولتي، وفي عام 2011 بدأت في مراقبة تجمعات اللقلق الأبيض في مدينة لاهاي، حيث أقوم بوضع خواتم لمتابعة الطيور الصغيرة أيضًا من أجل أبحاث خاصة بي"، وأضافت:ى"لدى اللقلق الأبيض والأسود عادات تغذية مختلفة أيضًا، كما يختلف اللقلق الأسود تمامًا عن اللقلق الأبيض: فلا يبحث اللقلق الأسود عن مستوطنات بشرية حيث يعيش حياة منعزلة ويتكاثر في الغابة".


وأشارت إلى أن اللقلق الأبيض كان يعيش ويتكاثر بالقرب من البشر منذ عصور، وهو كطائر قمّام (يأكل من القمامة) فهذه الطيور أي اللقالق البيضاء تنجذب إلى المزارع ومكبات القمامة، أي على مقربة من البشر ونفاياتهم التي أصبحت بكل مكان".


وأما عن لقاءاتها مع اللقلق الأسود في هولندا فقالت: لا يتكاثر اللقلق الأسود في هولندا (NL)، فهو مهاجر نادر، وفي الأوقات التي تغادر فيها الطيور الصغيرة من البلدان المجاورة عشها، وعندما كنت أعمل في محطة / مستشفى اللقلق في شرق هولندا (بالقرب من الحدود الألمانية)، فبين الحين والآخر انجذب مهاجر اللقلق الأسود إلى وجود طيور اللقلق البيضاء التي يتم إطعامها هناك، وكان اللقلق الأسود يصل هناك في نهاية موسم التكاثر، حيث لم تبقى هذه الطيور لفترة طويلة ولم تتجاوز فترة يومين إلى ثلاثة أيام".


تابعت: "وفي عام 2020، كانت هذه هي المرة الأولى (على الأقل بالنسبة لي) التي كان طائر اللقلق الأسود مهتمًا بعش اللقلق الأبيض، انجذب الطائر إلى زوج من اللقلق الأبيض وأبدى اهتمامًا بمكان التعشيش ( وكان عمودا اصطناعيا تم إنشاؤه لأجل استقطاب اللقالق لتتكاثر عليه).


وقالت: "كنا نمزح حول ماذا لو كان اللقلق الأسود والأبيض يتزاوجان. لم يكن بإمكاننا أبدًا أن نتخيل أن هذا سيحدث في ألمانيا (لودر) بعد بضع سنوات، لذلك فوجئنا بأخبار تعشيش اللقلق الأسود والأبيض وتربية الفراخ معًا، إنه أمر نادِر حقا!".


ووصفت: "كان الأمر مذهلا حقا، فزوجان من طائر اللقلق الأسود وذكر اللقلق الأبيض في لودر ألمانيا 2023، وهي على الأرجح أول حالة موثقة، ومن المثير للاهتمام أن نرى شكل العصفورين الصغار: أحدهما يشبه إلى حد كبير اللقلق الأبيض، والآخر يشبه إلى حد كبير اللقلق الأسود. لكن لا شيء 100 بالمئة أبيض أو أسود".


وعن الفراخ قالت: "قد يتم وضع خواتم لطيور الصغيرة، سويتعين علينا الانتظار ومعرفة ما سيحدث بعد ذلك مثلا:


- ماذا سيكون نظامهم الغذائي (سمك، لحم، مزيج)؟


- ما طريق الهجرة الذي ستسلكه الطيور الصغيرة (شرقًا أم غربًا)؟


- هل سيبقون على قيد الحياة بعد الفراغ؟


- عندما يكونون مستعدين للتكاثر، من هو الشريك الذي يختارونه (أسود أم أبيض)؟


- تملأ بيضها وتكون معقمة أم خصبة؟


- كيف سيبدو شكل ذريتهم؟


الناشطة بترا بيرمان



من جهتها قالت بترا بيرمان Petra Biermann وهي ناشطة في مجال الطيور ومتابعة هجرة اللقالق: "بعض أصدقاء اللقلق لديهم مخاوف كبيرة هنا. إنهم يخشون أن يتم صيد الفراخ قريبًا كتذكار، أو يتساءلون عما إذا كانت هذه الطيور الصغيرة ستتمكن من العثور على رفيقة - فجنس الفراخ غير معروف! هناك أيضًا مسألة ما إذا كان ستتمكن من الحصول على فراخ، يقول العلماء لا".


وقالت: "لا أحد يعرف من أين أتت اللقلق الأسود وكم عمرها، أحد الافتراضات هو أنها كانت معتادة على اللقلق الأبيض في نوع من محطات التمريض والمعالجة. لكنها بالتأكيد كانت سيوضع لها خاتم هناك هناك قبل إطلاقها!".


وأوضحت: "لا يبدو أن أنثى اللقلق الأسود خجولة مثل اللقلق الأسود عادة، كما ويبدو أن هاينريش يهتم أكثر بالصغار - ربما لا تزال الأم (اللقلق السوداء) صغيرة جدا وعديمة الخبرة، لا اعرف حقيقة، ومن جهة ثانية، فالموقف العام تجاه هذا الزوج غير العادي مختلف تمامًا. وصف مزارع في لودر الحدث بأنه مثل سدوم وعمورية".


وتابعت: "هناك الكثير من التكهنات، يرغب البعض في أن يظل هذا الزوجان استثناءً لأن اللقلق الأسود ينتمي إلى الغابة وليس في المرج، كانت هناك تناقضات – فمن المفترض أن اللقلق السوداء كانت ستبطن العش بالطحلب، لكن كان هاينريش يرمي كل شيء مرة أخرى ويوزع التبن. لم أر ذلك ولا أعرف ما إذا كان هذا صحيحًا حقًا"، هذا ووثقت بيرمان الصغار في العش هنا.


وقد سجلت ظاهرة غريبة بالإضافة إلى هذه الظاهرة، وهو تآلف زوج من اللقالق البيضاء (إناث) وإنتاج بيوض لم تفرخ في روسيا .


وقد غادر لودجر العش أولا قبل حوالي عشرة أيام، وقد تسبب بزحمة سير في القرية، حيث وقف في وسط الطريق، أما لينا فقد خرجت من العش قبل أسبوع يوم الثلاثاء الماضي (7 آب/أغسطس)، وإن كانت الأنثى "لينا" لا زالت تعود إليه، لذا من الضروري مراقبتها ومتابعة هجرتها خلال الخريف وبعد عودتها خلال السنوات القادمة، عسى أن يكتب لهما النجاة أولا في الحصول على غذاء وثانيا في هجرتها الخريفية جنوبا (في حال هاجر الطائران) وخلال عودتهما في الربيع من الرصاص الغادر للصيادين الجائرين، والذين بطلقة واحدة يهدمون كل الجهود الحثيثة للمحافظة على هذا الطائر أو الحوادث الطارئة مثل العواصف والإصطدام بالمعوقات مثل أعمدة الكهرباء وغيرها.


ومن موقعنا ندعو الخبراء والناشطين في هذا المجال في ألمانيا إلى ضرورة متابعة الصغار والأهل عن كثب ليتمكنوا من معرفة ما سيحدث خلال الفترة المقبلة سواء لجهة الهجرة أو التزاوج وغيرها وما يتعلق بهذا الأمر الهام في مجال علم الطيور.


الصورة الرئيسية للناشطة بترا بيرمان

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: