قرار منع فيلم "باربي" من صالات السينما لمحاربة "الشذوذ الجنسي" فيه تنكر صريح لتراثنا العربي والإسلامي "العريق"، هذا التراث الحافل بثقافة معاشرة الغلمان، يكفي أن نلقي نظرة على ما جاد به شعراء البلاط منذ الخلافة العباسية، وما جادت به قرائح بعض الخلفاء تغزلا بغلمان سلبوا منهم العقول والألباب، خلافا لما صدرته وتصدره لنا "الموعظات الحسنة" عن تراثنا "البريء" من الشذوذ والـ "بيدوفيليا" وكل أشكال العلاقات المنافية للأخلاق والقيم الإنسانية.
هل يعلم مانعو عرض فيلم "باربي" أن خليفة المسلمين المأمون بن هارون الرشيد كان شغوفا بحب غلامه "كوثر"؟ لا بل ونظم فيه الشعر، وكي لا يظن القارئ الكريم أننا نأتي بشيء من عندياتنا، فلنذكر ما ساقه الأصفهاني في موسوعته "الأغاني"، فها هو يقول "في إحدى الليالي، كانا يتمددان على بساط نرجس، فطلع البدر عليهما، فما كان من الأمين إلا أن قال في غلامه:
"وَصَفَ البدرُ حُسنَ وَجهِكَ حتى خِلتُ أَنّي أّراهُ لَستُ أراكا
وإذا ما تَنَفَّسَ النرجسُ الغَـضُّ تَوَهَّمتُهُ نَسيمَ ثناكا
خُدَعٌ لِلمُنى تُعَلِّلني فيـكَ بإِشراقِ ذا ونكهةِ ذاكا".
هذا ليس أكثر مثال من آلاف الأمثلة، لا بل أدبنا زاخر بثقافة المجون والانحلال بأكثر مما نشهد اليوم، وربما ثمة من لم يسمع عن كتاب نواضر الأيك في معرفة (...)، وهو مؤلفٌ منسوب للإمام السيوطي، عبارة عن ملخص لكتاب "الوشاح في فوائد النكاح"، يدور موضوعه حول الجنس والأوضاع الجنسية، ويمكن اعتباره "كاماسوترا" عربية بزت ما قدمته الهند في هذا المجال.
يكفي تصدير صورة نمطية عن ثقافتنا العربية عنوانها القيم والأخلاق، ويا حبذا لو يستتر مثقفو الغفلة ولا يقحموا أنفسهم في قضايا تذكرنا بماضينا البائس وحاضرنا الأبأس!