لا أتابع أخبار "الزعيم" الكوري الشمالي كيم جونغ أون، فلا تستهويني التصريحات النووية والفرط صوتية، فمزاجي العام غير نووي، وما عدت "أستلهم" مقولات "الزعيم المطلق"، أي زعيم، في الشرق كما في الغرب، يساريا أو يمينيا أو ديكتاتورا، ولا حتى من يحكمون باسم الإله على الأرض، وأعني "الزعماء" في النظم الثيوقراطية، ذلك أن أي توجهات لا أرى فيها إنسانيتي أنبذها وألقيها جانبا لئلا تلوث روحي الهانئة.
لكن ثمة "إنجازا" حققته القيادة الكورية الشمالية الرشيدة قبل نحو سنتين، وتمثل في أن فيروس كورونا لم يصل الجزء الشمالي من كوريا (على الأقل في ذروة تفشي الفيروس)، فالدولة معزولة أساسا، وتقيم في "حجر سياسي" منذ الجد المؤسس إلى الحفيد الملهم، ودائما باسم "ماركسية" شوهاء، تُوظَّف في تكريس الظلم والاستبداد والقهر.
يقول كارل ماركس بما معناه أن حرية الإعلام أساس في تطور المجتمعات "كي لا يسمع المسؤول صدى خطابه فقط"، ويقول لينين إن "الحزب الشيوعي لا يمكن أن يتطور بمعزل عن وجود أحزاب معارِضة"، وهذا ما يعكس حقيقة ماهية الديالكتيك وحيوية الفكر وإبداعه، ولسنا في هذا المقام للخوض أكثر في أسباب انحسار اليسار عالميا، وكيف أن الأحزاب الشيوعية أصبحت خارج التاريخ، على الأقل في مدى راهنية المشهد الكوني، باستثناء الصين، وهذه حققت تطورا هائلا بالاعتماد على آليات السوق الرأسمالي، أي أنها لم تبتدع إشتراكية إنسانية، بدليل أن المجتمع الصيني اليوم يحضن من ينامون على ثروات طائلة، لكن نسوق بعض الأمثلة لنعبر منها إلى الأنظمة الشيوعية المتبقية، وهي أنظمة قمعية في مدىً معولم، لا تحتمل وجهة نظر معارضة.
بعيدا من هذا الجانب النظري، نعود إلى "الرفيق" كيم جونغ أون، لنطل على جهوده النووية، وكيف أبقى شعبه في رهينة "أحلامه" في بلد لا علاقة له بالإشتراكية، شكلا ومضمونا، وهو نظام يصار فيه إلى مصادرة العقول، بدءا من المناهج التربوية، بحيث تتحول "الطبقة العاملة" إلى أدوات "روبوتية"، تضحك بقرار وتبكي بقرار، ومن يخالف مآله الرمي بالرصاص.
ثمة من لم يبكِ من كبار القادة العسكريين على وفاة والد الرفيق كيم، فتم تجريده من رتبه العسكرية، وقس على ذلك من مواقف ومآس أبقت مصير الشعب الكوري الشمالي معلقا بمزاج الزعيم المبجل!