info@zawayamedia.com
أمن وقضاء

الادعاء على جدّ الطفلة لين طالب... ضحية الاغتصاب المتكرر

الادعاء على جدّ الطفلة لين طالب... ضحية الاغتصاب المتكرر


وصلت قضية الطفلة لين طالب، التي قُتلت بفعل تعرضها لجريمة الاغتصاب المتكرر، إلى مرحلة متقدمة، مع توجه المدعية العامة الاستئنافية في طرابلس والشمال، القاضية ماتيلدا توما، إلى ختم الملف بالادعاء على جدها (والد أمها) فواز بو خليل، للاشتباه فيه باغتصاب لين البالغة خمس سنوات، إضافة إلى الادعاء على والدتها وعد بو خليل بتهمة التستر على الجريمة؛ وهما حاليًا في مخفر حبيش في عكار.


رأس الجليد


هذه القصة المأساوية التي هزت الرأي العام، شكلت جريمة مزدوجة، ليس بالهجوم الشرس على حرمة جسد طفلة بصورة متكررة في منزل ذويها فحسب، بل لأنها تعكس حجم استباحة الأطفال، وهم يتعرضون لمخاطر مروعة جعلتهم من الفئات الأكثر هشاشة في لبنان. وما يخرج إلى الإعلام، من اغتصاب طفلة من قبل أحد أفراد أسرتها، إلى الاعتداء السافر بالضرب على أطفال في دور حضانة، ورمي رضّع على قارعة الطريق، وتسول الأطفال واستغلال عمالتهم اقتصاديًا وجنسيًا، ليس سوى رأس جبل الجليد.


حتمًا، ما كانت قضية لين لتأخذ هذا الصدى، لو لم تُقتل بفعل النزيف الحاد من جراء الاغتصاب الذي ثبته تقرير طبيبين شرعيين. ولولا الموت، لكانت لين تواصل مواجهتها اليومية مع فعل الاغتصاب، وحيدة من دون أن يدري بها أحد. ومن دون أن تجد من يحميها من هذا الإجرام الصادم والأليم، الذي لا تقوى طفلة بعمرها على فهمه وشرحه. لا بل كانت ستجد نفسها مرارًا خائفة ومهزومة، لا تقوى على التعبير والشكوى، لأن جسدها مستباح أمام عنف مغتصب لا تفهم عن أي "ذنب" يعاقبها، ولا كيف تدافع عن نفسها، وحجمها بالكاد يوازي وزن ذراعه!


وحتمًا أيضًا، من الصعب أن نتصور بماذا أحست لين طوال أيام، وربما أشهر، وربما طوال سنوات عمرها القصير، حين كان جسدها الصغير ضحية هذا الفعل الشنيع. كما لا يمكن أن نتصور تلك المشاهد التي راكمتها في ذاكرتها الاسفنجية، المحفوفة بالرعب والصراخ والوجع في بيت عائلتها، وتجاه والدتها التي هي اليوم سجينة الشبهة بالتستر على الجريمة. لكن السؤال الموازي لدى كثيرين: أليس من المحتمل أن تكون الوالدة ضحية جريمة مماثلة في بيت ذويها؟ وما الدوافع الفعلية "لتسترها" عن جريمة اغتصاب طفلتها الوحيدة؟


المسار القضائي


وبعدما أخلت القاضية توما سبيل والد الطفلة، تتجه في غضون أيام إلى ختم الملف بالادعاء على الجد بشبهة الاغتصاب، وعلى الوالدة بشبهة التستر على الجريمة، كما يقول المحامي الذي وكلته نقابة المحامين في طرابلس، عمر طالب، لـ"المدن". ومن المفترض أن يُحال الملف إلى قاضية التحقيق الأول في الشمال سمارندا نصار، لإصدار القرار الظني لاحقًا بالقضية. ويقول طالب: "التحقيقات الأولية سرت بوتيرة سريعة ومتقدمة مع القاضية توما، وتمكنت من تكوين ملف متكامل بالوقائع والمعلومات، بعد خضوع أفراد من الأسرة للتحقيق".


في المقابل، يشير أحد أقرباء الوالد لـ "المدن" بأنهم ينتظرون نتائج التحقيق حتى خاتمتها، وأنهم سيلتزمون بالبقاء تحت سقف القانون. ويقول حسب روايته: "كانت الطفلة في حضانة والدها بعد الطلاق قبل أشهر، لأن والدتها تخلت عن حضانتها، وهي كانت في زيارة إلى والدتها لأيام، قبل أن يصدم الوالد بنبأ بمقتلها".


ثغرات قانونية


حسب قانون العنف الأسري، وحول جرائم الاغتصاب في المادة 506، فإن من جامع قاصرًا من جهة أصوله شرعيًا، عوقب بالأشغال الشاقة، وفق ما تفيد المحامية والشريكة المؤسسة في جمعية "كفى" ليلى عواضة.


وتأسف عواضة في حديث مع "المدن" بأن قانون العنف الأسري، لا يعطي الجمعيات المعنية في هذه القضايا حق التمثيل والدافع في المحكمة عبر محاميها بالادعاء الشخصي. وتقول: "إن جريمة الاغتصاب جناية، يبدأ الحكم فيها من خمس سنوات سجنية كحد أدنى، مع تشديد العقوبة إذا كان المغتصب من ذوي القربى للضحية".


وتفيد أيضًا بأنه لا يوجد أرقام رسمية حول معدلات الاغتصاب في لبنان، لأنه غالبًا لا يتم التبليغ عن هذه الجرائم، فيما "هناك الكثير من الفتيات يتعرضن للتحرش والاعتداء الجنسي داخل أسرهن ونتيجة العنف المتراكم، صرن بحالات هشة تجعلهن بموقع الخائفات من مواجهة المعنف أو المغتصب أو المتحرش".


وتربط أحد أسباب تفشي الظاهرة وتناميها بأن الأحكام الصادرة في هذه القضايا، غالبًا ما تكون تخفيفية ولا توازي حجم الجريمة.


ويرى خبراء قانونيون بأن جرائم الاغتصاب في لبنان، من بين أكثر الجرائم إفلاتًا من العقاب، نظرًا لصعوبة إثباتها والضغوط التي يتعرض لها الضحايا. وهكذا، صار قتل الضحية، هو الاثبات الحتمي، وأحيانًا الوحيد، على وقوع الجريمة، في بلد يحترف الإمعان بالهروب من التدابير والإجراءات الاستباقية!


جنى الدهيبي - المدن

الادعاء على جدّ الطفلة لين طالب... ضحية الاغتصاب المتكرر 1

"زوايا ميديا"

قسم التحرير

تابع كاتب المقال: