info@zawayamedia.com
عرب وعالم

بوتين والبوتوكس... والسياسات المنفوخة!

بوتين والبوتوكس... والسياسات المنفوخة!


من يدقق النظر بصور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل نحو عشرين سنة وصوره اليوم، يكتشف، ودون كبير عناء، كيف استعاد زعيم الكرملين شبابه متحديا الشيب وأرذل العمر، ويدين بوتين في ذلك إلى "البوتوكس" و"الفيلر"، وربما إلى وصفات مضمونة للطب التجديدي، في تحدٍّ للمقولة الشهيرة: هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟!


لا ندين الرئيس بوتين في لجوئه إلى الحقن "البوتوكسية"، وقد سبقه إليها مسؤولون لبنانيون تحدوا الضمور الشعبي والجسماني بوصفات تجميلية، نفخت ما وهُنَ من عضلات وقسمات وملامح، بينهم مسؤولون من الصف الأول، يطلون بقيافة وهم يتحدون أعمارهم الحقيقية بحقنة من هنا ونفخة من هناك "ولله في خلقه شؤون".


معظم الطغاة في التاريخ كانوا من قصار القامة، نابوليون (كان ينتعل حذاء بكعب عال)، الحجاج بن يوسف الثقفي، هتلر، هولاكو خان وغيرهم كثر، ولا يُعد قصر القامة نقيصة، فثمة عظماء أبدعوا في الفن والفكر والثقافة وكانت قاماتهم قصيرة، والحياة ما كانت يوما في قصرٍ وطول، لكن الأمر يختلف لدى من يتوهمون العظمة ومن استبدت بهم "بارانويا" لا فكاك منها ولا شفاء، وهنا، نعود ونتذكر الرئيس بوتين، وقد محى "البوتوكس" تغضنات في وجهه ليبدو أكثر نضارة وشبابا.


مشكلة بوتين ليست في إطلالاته "البوتوكسية"، فهذا هامش متصل بحرية شخصية يتساوى فيها الناس بغض النظر عن مواقعهم ومسؤولياتهم، مشكلة بوتين تكمن في سياساته المنفوخة، وهو يحاول كتابة التاريخ بمنظور "بوتوكسي"، حالما بـ "إمبراطورية" يلهث لاستعادتها من رماد العصور، متناسيا أن العالم لا يمكن أن يسير القهقرى إلى الوراء، وكذلك التاريخ.


وليس أبلغ من المتنبي، إذا أردنا توصيف الحالات "البوتوكسية" في السياسة، حين قال (مخاطبا سيف الدولة الحمداني)، قبل عصر "البوتوكس" بقرون، ما يختصر علينا القول وعليكم القراءة: أعيذها نظـــرات منك صادقة أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم!

أنور عقل ضو

أنور عقل ضو

رئيس التحرير