قال الرئيس السابق لـ "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط: "كانت المختارة وستبقى، وكان الحزبُ الإشتراكي وسيبقى"، وهذا حق لا يمكن إنكاره لوليد بك، شأنه في ذلك شأن أي إنسان يريد أن يطمئن إلى سيرورة عائلته بالنسب الصالح والذرية التي تؤمن ديمومة حضوره عبر الأجيال الطالعة، فما بالك إن كان ثمة من يحمل إرثا سياسيا (الحزب) وإقطاعيا (المختارة)، فذلك يحمِّله مسؤوليات أكبر بكثير من أحلام مواطن عادي كل طموحه أن يوفر مستقبلا آمنا لأبناء يحملون اسمه ويجددون "شباب" العائلة.
مشكلتنا في لبنان أن هناك، إلى الآن، من يصدق الشعارات الكبيرة: الديموقراطية، الإشتراكية، العدالة، العلمانية، الحرية ...إلخ، فلا الإشتراكي إشتراكي ولا الديموقراطي ديموقراطي ولا الحر حر، أسطوانة مشروخة وملطخة بأدران السياسة ومثالبها، أسطوانة تصم الآذان من نحو خمسين عاما ونيف، وجنبلاط ليس استثناء، لكن أيضا، ثمة إقطاعا جديدا متواريا لدى قوى طائفية ومذهبية وأخرى سياسية بزت الإقطاع الحقيقي في لبنان وتفوقت عليه.
هنا، تتبدى حقيقة، ربما غابت عن وليد بك، وهي أن الانتماء للمختارة كان في يوم من الأيام انتماء وطنيا تخطى حدود الضيق من أي انتماء، يوم احتضنت المختارة وتحلق حولها رجالات من كل الطوائف، وما كنا نتمنى ان تضيق دائرة المتحلقين حول المختارة إلى حدود مذهبية، مطعمة بوجوه من طوائف أخرى، لزوم الشعارات الكبيرة ورفدها بقليل من الأوكسيجين، ولو بأجواء "فولكلورية".
ومن حق المتابع أن يسأل: هل ثمة "عرس ديموقراطي" في انتخابات رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وأعضاء مجلس القيادة الجديد؟ ربما يقول البعض أن ما حصل شأن داخلي متصل بأمور تنظيمية على مستوى الحزب، لكن طالما أن الأمر غير منفصل عن الفضاء السياسي العام فمن حق أي مواطن أن يقول رأيه، نقدا أو تصويبا، خصوصا وأننا نشهد اليوم بوادر "تكويعة" جنبلاطية نحو التيار الوطني الحر، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يكون رئيس "التيار" النائب جبران باسيل، أول المهنئين بتولي النائب تيمور جنبلاط مقاليد رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي.
من حق وليد جنبلاط أن يطمئن جمهوره بأن المختارة "كانت وستبقى"، لكن من يطمئن اللبنانيين وهم يخسرون وطنا ويستجدون الهرب إلى بلاد الله الواسعة؟ وكيف لأي فريق سياسي أن ينأى بنفسه عن كوارث قائمة وهو كان شريكا في الحياة العامة ومسؤولا عن انحلال الدولة؟
مبروك وليد بك!