اتضح أن استخدام السموم العصبية القوية لقتل الحشرات يؤثر على الحيوانات الأخرى، وحتى البشر، وخصوصا الأطفال.
وقد كتبت راشيل كارسون كتابها "الربيع الصامت" في عام 1962 لتكشف كيف أن الـ دي.دي.تي، أقوى مبيد حشري في ذلك الوقت، يضر بالناس والبيئة بطرق متطرفة، نتيجة لذلك، تم حظر هذا المبيد السام بعد حوالي عقد من الزمان.
موضوع الخلاف الحالي هو مبيدات النيونيكوتينويد neonicotinoids وهي مبيدات مماثلة لمواد موجودة بنبات التبغ المقاوم للحشرات وتم تطويرها، والتي دخلت وفقا لتقرير موقع "ذا هيل" The Hill حيز الاستخدام في التسعينيات من القرن الماضي، وفي حين أن هذه السموم جيدة في قتل الحشرات، إلا أن الخبراء قلقون من أن مبيدات النيونيكوتينويد يمكن أن تكون مشابهة لمادة الـ "دي.دي.تي"، التي تم حظرها من قبل وكالة حماية البيئة (EPA) في عام 1972 لتأثيرها على البيئة والناس، جزئيًا، بسبب مخاطر الإصابة بالسرطان.
ولا شك بقدرة هذه المبيدات، فمنذ بداية استخدامها أثبتت أنها أقوى بـ 48 مرة بحماية المزروعات من الحشرات، فهي تضر بحشرات مفيدة وحيوانات أكبر وحتى البشر.
وقد خلص تقييم حديث نشرته وكالة حماية البيئة (EPA) - وهي وكالة تم إنشاؤها في الأصل استجابة لعمل كارسون - إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع جميع النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض من المحتمل أن تتضرر من قبل نيونيكز. ومع ذلك، بعد شهر، رفضت وكالة حماية البيئة التماسًا يدعو إلى تنظيم الاستخدام لمبيدات الآفات هذه وهي الأكبر والأكثر انتشارًا، مشيرة إلى الحاجة إلى "معلومات إضافية".
ما هي مبيدات النيونيكوتينويد؟
يُطلق على هذه السموم أيضًا اسم "النيونيكز" neonics أو NNIs باختصار، وهي تضر "بمواقع المستقبلات في أعصاب الحشرات" وتسبب ضررًا لوظائف الجسم المختلفة، وفقًا لمقطع فيديو نشره مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية (NRDC)، ويشيع استخدام هذه المبيدات السمية في الزراعة، وغالبًا ما تعالج بها البذور، ويعمل بشكل رائع لحماية نباتات الطعام من الحشرات، وفقًا لتقاريرThe Hill.
وقالت أدريان إسبوزيتو، من حملة المواطنين من أجل البيئة، في الفيديو: "المشكلة في ذلك هي أنه بمجرد استهداف الجهاز العصبي لحشرة، فهذا لا يعني بالضرورة أنك لا تلحق الضرر بأنواع أخرى أكبر".
الفيديو الصادم
ويشير الفيديو أن هذه المبيدات سامة للأعصاب، وتستهدف مواقع المستقبلات في أعصاب الحشرات التي تسبب جميع أنواع الضرر، ولا يستهدف الجهاز العصبي للحشرة بل وظائفها الجسدية وقد يصيب الحشرات المفيدة كالنحل والنحل الطنان، وأنواع الكائنات الكبيرة،
وقد أوضح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منهاCDC أن حوالي نصف السكان الأمريكيين لديهم نيونكز في أجسامهم، مع أعلى مستويات لدى الأطفال، ويعتبر هذا الأمر مقلقا لأن الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين تعرضوا لهذا المبيد وهم أجنة في أرحام أمهاتهم أكثر عرضة للإصابة بعيوب خلقية وأضرار عصبية.
ربطت الدراسات التي أجريت على الحيوانات أيضًا مع مشاكل الإنجاب وترقق في مناطق رئيسية في الدماغ.
وتابع الفيديو: "مشكلة مبيدات النيونيكوتينويد ثلاثية، فهو أولا، يمكن أن يستمر لفترة طويلة في التربة، هذا يعني أنه عندما تمطر، فإنه يتسرب إلى المياه السطحية سواء كانت مصدرًا لمياه الشرب أو بيئة بحرية.
ثانيا، فهذه المبيدات جهازية أي تدخل نظام النبات إلى الفاكهة والبذور والأوراق، لذلك إذا كنت تأكل فاكهة نمت ببذرة مغطاة بهذا المبيد فالمبيد هو في الواقع في داخل الثمرة، وهو سام وبشكل لا يصدق للنحل وغيرها من الحشرات، فقط بذرة ذرة واحدة مُعالجة بالمبيد يمكن أن تحتوي على عنصر نشط كافٍ لقتل ربع مليون نحلة أو أكثر، والنحل عنصر أساسي في نظامنا الغذائي. يقومون بتلقيح واحد في ثلاث قضمات من الطعام الذي نأكله وهو مسؤول عن تلقيح 80 بالمئة من نباتات العالم المزهرة، وبمجرد أن نبدأ بفقدان النحل، نبدأ بفقدان الطعام الصحي والمتاح بسعر معقول.
ثالثا، هناك أماكن في جميع أنحاء العالم سبق وأن حظرت هذه المادة الكيميائية، هناك بدائل آمنة وأكثر كفاءة، وعلينا التأكد أن حكوماتنا تختارها.
وختم الفيديو: "كل يوم لا نتحرك فيه، تزداد المشكلة سوءًا، ونحن بحاجة إلى اتخاذ إجراءات لحماية الملقحات ومياهنا، وأنظمتنا الغذائية والبيئية وأنفسنا".
عند تطويرها، تم وصف مبيدات "النيونيكز" بأنها أكثر أمانًا وتستهدف حشرات معينة فقط، لكن يُخشى الآن أن يتأثر النحل الطنان والغزلان ذات الذيل الأبيض والطيور المغردة بجزء من هذه التداعيات السامة.
ووفقًا لتقرير "ذا هيل" تسرد المقالة دراسات متعددة حول الأضرار الجانبية لمبيدات الآفات، بما في ذلك الأضرار التي تلحق بالبشر.
كيف يؤذي "النيونيكز" الأنواع الأخرى؟
ويخشى بعض الخبراء أن تكون أنواع المبيدات الحديثة قادرة على تكملة غير مرغوب فيها لـ "الربيع الصامت"، تكمن المشكلة في أن الكثير من السموم تتسرب إلى البيئة بعد استخدامها، وتدخل إلى إمدادات المياه وتحملها الرياح، وفقًا لما ذكره تقرير الموقع المذكور.
وقد أفادت دراسة أجرتها ولاية أيوا أن نواة واحدة من بذور الذرة المعالجة بالنيونيكز يمكن أن تقتل ما يصل إلى 80 ألف نحلة، وهي مخلوقات مهمة للتلقيح والسلسلة الغذائية، كما يقوم مختبر كورنيل لعلم الطيور بالإبلاغ عن تأثير السم على الطيور المغردة وقد تقتل هذه البذرة طائرا بحجم طائر الجاي jay-sized songbird، بما في ذلك تعطيل الهجرة والتكاثر.
أصبحت المبيدات الحشرية شائعة جدًا لدرجة أن ما يقرب من 100 بالمئة من جميع الذرة غير العضوية وجزء كبير من المحاصيل مثل فول الصويا والقمح تُزرع من البذور المعالجة بالنيونيكز. هذه أخبار سيئة للحياة البرية، لأن النيونيكز تدخل نظام النبات بطبيعتها: فالنبات الذي ينمو من بذرة مغلفة بالمبيد يشتمل على السموم في كل جزء من بنيته، بما في ذلك حبوب اللقاح والرحيق التي تتغذى عليه الحشرات.
مما لا يثير الدهشة، أن هناك أدلة متزايدة على أن مبيدات النيونيكز تؤذي البشر أيضًا، ولأن هذه المبيدات الحشرية يتم إدخالها في النباتات المعالجة، فلا يمكن غسلها، وبغض النظر عن مقدار التنظيف. اكتشفت إحدى الدراسات وجود المبيد في دماء 95 بالمئة من 171 امرأة حامل تم اختبارها، بينما وجدت دراسة أخرى ارتفاعًا في عيوب القلب بين الأطفال الذين تعيش أمهاتهم بالقرب من المناطق الزراعية المتأثرة بالنيونيكز أثناء الحمل.
بفضل ثغرة في قانون المبيدات الفيدرالي المعروف باسم "إعفاء المواد المعالجة"، فإن البذور المغطاة بمبيدات النيونيكز وغيرها من المبيدات الحشرية معفاة من اللوائح الفيدرالية السارية، مما يسمح للبذور بالتخلص من كل الرقابة على مستوى الولاية أيضًا.
كان الغرض من هذا الإعفاء في الأصل هو السماح ببيع منتجات مثل الخشب المعالج بمبيدات النمل الأبيض، طالما تم تسجيل المادة الكيميائية على أنها ضرورية لحماية المنتج نفسه. ومع ذلك، لا تنمو الأخشاب المعالجة لتصبح حبوب لقاح أو طعامًا، كما أنها لا تتسرب معظم كمية مبيداتها الحشرية في البيئة كما تفعل البذور المعالجة. عادة، يتم امتصاص ما لا يزيد عن 2 إلى 5 بالمئة من طلاء النيونيكز في النبات المستهدف، بينما يتسرب الباقي إلى البيئة المحيطة، ويحمله الماء أو الرياح لمسافات طويلة.
ونظرًا لاستخدام النيونيكز على نطاق واسع ومستمر، فإننا نجدها الآن تتراكم في الحياة البرية وتلوث المياه على نطاق واسع، وقد وجدت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية على مستوى الولايات المتحدة وجود مبيدات النيونيكز في 53 بالمئة من المياه السطحية التي تم جمعها من الجداول، عندما تصل مبيدات الآفات هذه إلى المجاري المائية، فإنها يمكن أن تتسبب في انهيار مصائد أسماك بأكملها، ويمكن أن تؤدي التركيزات المنخفضة إلى تدمير أعداد اللافقاريات المائية الضرورية لتفكيك المواد العضوية في الأنهر والجداول.
تشير الدلائل إلى أن جميع استخدامات العلاجات الحديثة تقريبًا على بذور الذرة وفول الصويا - التي تغطي أكثر من 100 مليون فدان على مستوى البلاد - لا توفر أي فوائد اقتصادية عامة للمزارعين، في الواقع، قد تقلل الغلال عن طريق إيذاء الحشرات المفيدة التي تمنع الآفات. ومع ذلك، نظرًا لأن صناعة مبيدات الآفات تتحكم في أكثر من 60 بالمئة من سوق البذور العالمية الحاصلة على براءات اختراع، يمكن للمزارعين في كثير من الأحيان أن يجدوا صعوبة في الحصول على بذور غير معالجة.
يؤدي هذا الأمر إلى دفع مزارعي الذرة وفول الصويا مقابل طلاءات مبيدات الآفات التي لا تفيدهم وتؤدي أيضًا إلى خسائر جماعية في الملقحات، التي أدى انخفاضها بالفعل إلى نسبة تقدر بين 3 إلى 5 بالمئة في الإنتاج العالمي للفواكه والخضروات وأكثر من 400 ألف حالة وفاة إضافية.
هذا وقد حظرت أوروبا استخدام النيونيكز منذ العام 2018، على الرغم من معارضة كبيرة من مزارعي قصب السكر بحجة أن لا بديل لها لمكافحة الحشرات التي تصيب هذه النباتات، ولكنها تستخدم كطوق للحيوانات الأليفة لقتل الحشرات التي تصيبها، وعالميا، فقد أشارت دراسة نشرت في نيسان/أبريل هذا العام، وجود هذه المبيدات بتركيزات متفاوتة في المياه السطحية في 120 بلدا حول العالم.
ونتيجة لذلك، فإن وقف الوفيات البشرية أضف إلى التهديدات البيئية والصحية المباشرة التي تتعرض لها الحشرات المفيدة والحيوانات، فإن الصورة تمثل فشلا هائلا، حيث لا يبدو أن هناك من يربح على الإطلاق باستثناء شركات الكيماويات فقط.
تمت الترجمة بموقع "زوايا ميديا" عن موقع "ذا هيل" ومواقع أخرى وتمت ترجمة الفيديو المرافق حصريا لموقعنا.