info@zawayamedia.com
إقتصاد

جريمة القرن الحادي والعشرين: سرقة مصرف لبنان لا يمكن أن تمر دون عقاب!

جريمة القرن الحادي والعشرين: سرقة مصرف لبنان لا يمكن أن تمر دون عقاب!

تحت هذا العنوان " أكبر سرقة لمصرف لبنان لا يمكن أن تمر دون عقاب" The Great Lebanese Bank Heist Can't Go Unpunished كتب الصحافي حسين إيبيش Hussein Ibish في موقع بلومبرغ Bloomberg، تحليلا لأكبر سرقة لمصرف وطني وهو مصرف لبنان، وأن هذه السرقة أو مخطط "بونزي" Ponzi scheme الذي جرى في مصرف لبنان لن يمر دون عقاب، فقد أدى ليس إلى انهيار الاقتصاد فحسب، ولكن إلى تدني سعر الليرة اللبنانية إلى أدنى المستويات، بينما الجاني المزعوم لا يزال طليقًا، وكما هو الحال في لبنان، فالمستحيل يصبح ممكنا، وقد لا يعاقب الجناة!


يمكن القول إن سرقة ثروة لبنان المتمثلة في المصارف هي جريمة القرن الحادي والعشرين، وقد تحول حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، إلى بؤرة ضغط دولي من أجل المساءلة، وقد أدى الأمر إلى إحباط دولي من رفض المؤسسات اللبنانية بشكل عام، التعاون مع التحقيقات الغربية.


فقد اختفت مليارات من أموال المودعين والموجودة في عدد من البنوك، وبصورة العديد من العملات، والتي كان يُفترض أنها تقدم أسعار فائدة سخية بشكل غير معقول، خلال الأزمة المالية التي استحوذت على البلاد في عام 2019، أما مصرف لبنان فهو البنك المركزي اللبناني، ويسيطر على الليرة، وينظم البنوك التجارية التي كانت ذات يوم ركيزة أساسية للاقتصاد.


وفي هذا المجال، فقدت الليرة اللبنانية منذ ذلك الحين أكثر من 90 بالمئة من قيمتها، ولا يزال معظم المودعين غير قادرين على الوصول إلى مدخراتهم، يُسمح لهم بعمليات سحب شهرية صغيرة، دائمًا تقريبًا على شكل ليرات غير موثوقة، بغض النظر عن فئة العملة المحددة لودائعهم، ما دفع الأشخاص العاديين مرارًا وتكرارًا إلى القيام بعمليات سطو مسلح غير مخططة لتمويل حالات الطوارئ الطبية والأزمات الأخرى.


كما وأن لا أحد يعرف مقدار الأموال النقدية التي تم إخراجها من البلاد على مدى عقود من النهب المنهجي، في حين تم الحفاظ على وهم الملاءة المالية من خلال هيكل بونزي باستخدام الودائع الأحدث لدعم الودائع القديمة، لكن الثروات الوطنية تم تدميرها، بينما تتجه الطبقات الوسطى وبشكل جماعي والتي يمكنها إلى مغادرة لبنان ، أولئك الذين لا يستطيعون الفرار وصلوا إلى حافة الفقر، والطبقات العاملة إلى درجة الفقر المدقع.


مثل جميع الجرائم الهائلة الأخرى التي ارتُكبت في لبنان في العقود الأخيرة - بما في ذلك اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في عام 2005 والانفجار المدمر في مرفأ بيروت عام 2020 والذي حول الكثير من العاصمة إلى أنقاض مشتعلة، فلم يكن هناك جهد حقيقي للتحقيق أو احتجاز أي شخص مسؤول، لكن التستر الفعلي على هذه المخالفات المالية يثير مشاكل معينة بسبب تأثيرها المضاعف على الاقتصاد ككل.


ويتطلب لبنان خطة إنقاذ من المجتمع الدولي، وخصوصا البنوك والمستثمرين الذين يحاولون الحصول على حذوهم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي يجب أن تكون على رأس الإنقاذ، لكن في حين أن هناك كل الأسباب التي تدفع العالم المتقدم إلى المساعدة في إنقاذ لبنان، فلا أحد يريد أن يهدر أموالاً مرة بعد مرة، الإصلاحات ستكون مطلوبة، وقبل ذلك، احتساب للمبلغ المسروق بالضبط ومن قام به.


وهذا يضع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مرمى النيران، وهناك ست دول أوروبية على الأقل تحقق بنشاط في السرقة، كما أصدرت فرنسا، التي تربطها علاقات تاريخية واستعمارية عميقة بلبنان، مذكرة توقيف بحقه هذا الشهر عندما لم يحضر جلسة قضائية. وكذلك فعلت ألمانيا، التي طلبت رسميًا من الإنتربول القبض عليه، ومع ذلك، لم يسلم لبنان مواطنه، وفي وقت سابق من هذا الشهر، أفرج قاضٍ عن سلامة من الحجز على ذمة التحقيق.


سلامة، الذي لا يزال في منصبه الأعلى في البنك، ليس متهمًا فقط بالمشاركة في سرقة تصل قيمتها إلى 300 مليون دولار لنفسه، بل يُزعم أنه أشرف على الآليات التنظيمية والمؤسسية التي سمحت للمؤسسات والأفراد اللبنانيين الأثرياء بنقل المليارات من البلاد خلسة، ومن ضمنهم جماعة حز/ب الله التي صنفت كإرهابية، التي لديها حساسية من أي تلميح للإصلاح الاقتصادي - ناهيك عن الإصلاح المؤسسي أو السياسي - قالت إنه يجب أن يستقيل، من جهته يقول إنه يعتزم التنحي عندما تنتهي فترته في تموز/يوليو.


يُفترض أن يتم التحقيق مع سلامة من قبل السلطات اللبنانية، التي تقول إنها صادرت جواز سفره ومنعته من السفر، لكن هذا يحميه بشكل ملائم من التدقيق الحقيقي في البلدان الأخرى، وهو أمر لن يحصل عليه بالتأكيد في وطنه، الضغط المتزايد على الدولة اللبنانية للقيام بعمل أكثر إقناعًا بالتظاهر على الأقل بالتحقيق في عقود من السرقة التي لا يمكن تصورها يتداخل مع أزمة أخرى تتمثل باختيار رئيس جديد.


يريد جبران باسيل، صهر الرئيس المنتهية ولايته، ميشال عون، والمستهدف بعقوبات فساد أميركية كبيرة، بشغف كبير أن يخلف والد زوجته، وبحسب ما ورد اقترحت فرنسا حلاً وسطًا: إذا دعم باسيل ترشيح منافسه الأعلى، سليمان فرنجية، فسيُسمح له باختيار محافظ جديد لمصرف لبنان خلفًا لسلامة، لكن لا يبدو أن باسيل مستعد للتنحي عن شغفه للرئاسة.


على أي حال، فإن اتفاقًا على هذا المنوال سيمثل لقاءً للعقول بين النخب السياسية اللبنانية لتجنب أي تحقيق حقيقي في هذه الجريمة المحيرة للعقل، إنهم لا يريدون من سلامة أن يكشف عن معلومات سرية يحتفظ بها.


 


ويستعيد الكاتب رواية Catch-22، والتي تشير إلى أن الحالة الإشكالية اللبنانية يتم فيها إنكار الحل الوحيد بواسطة ظرف متأصل في المشكلة أو بواسطة قاعدة، والخلاصة لمراكز النفوذ اللبنانية هي أن الاعتراف بانهيار بيت الأوراق التابع لمصرف لبنان إلى جانب الاقتصاد سيكون اعترافًا بالفساد العميق الذي تورطوا فيه جميعًا، والاستمرار في السيطرة على مجتمع أجوف ومتهالك على نحو متزايد، وبالمقابل فإن Catch-22 بالنسبة للغرب والمجتمع الدولي هي أن لبنان لا يزال يستحق الإنقاذ استراتيجياً وسياسياً، ومع ذلك، لا يوجد سبب حقيقي للاعتقاد بأن الطبقة السياسية اللبنانية قادرة على التفكير، ناهيك عن القيام بالتحقيقات والإصلاحات اللازمة، بدءًا بمراجعة حسابات البنك المركزي.


وخلص الكاتب إلى أنه يجب إنقاذ لبنان، ليس من نفسه بالضبط، ولكن من جبهة موحدة بين الفصائل المهيمنة سياسياً، وفي الوقت الحالي، من الصعب تخيل من أين يبدأ ذلك!


بتصرف من مقال رأي في موقع "بلومبرغ" وتمت ترجمته في موقع "زوايا ميديا"، ويعبّر المقال عن رأي وأفكار ومواقف كاتبه، ولا يشترط أنه يعبّر عن مواقف وآراء وأفكار موقع "زوايا ميديا".

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: