لقيت المطربة السودانية الشعبية شادن حسين مصرعها في تبادل لإطلاق النار في منزلها بمدينة أم درمان قرب العاصمة الخرطوم، وقد أفادت تقارير إعلامية محلية، يوم أمس السبت، بوفاة حسين ربما إثر سقوط قذيفة على منزلها بأم درمان، بينما أشارت مصادر صحافية إلى إصابتها برصاصة إثر خلاف مع مسلحين.
وذكرت صحيفة "السوداني" أن الفنانة المعروفة بـ"الحكامة شادن" عرفت بأعمالها الجدية والهادفة، مشيرة إلى أنها كانت تدعو للمحبة والسلام، وقد أطلق موتها العنان لموجة من التعاطف على الإنترنت، لافتا الانتباه إلى المخاطر التي يتعرض لها سكان العاصمة السودانية بسبب استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع المنافسة.
وانطلقت حسين إلى النجومية في عام 2016، وهي ابنة بلدة العبيد غرب محافظة كردفان الباحثة في تراث الأبالة وتقاليد كردفان وإيقاعاتها الشعبية، لتنجح بعدها "شادن" في تقديم تجربتها الفنية بمشاركة أكبر شركات الإنتاج الفني العالمية، وكانت تحرص "شادن" دائماً على تقديم مشروعاتها الفنية بطريقة مختلفة عما يتم تقديمه على الساحة الفنية السودانية.
وقد اندلع القتال الذي يجتاح الخرطوم وأجزاء أخرى من السودان في 15 نيسان/أبريل، ليختم أسابيع من التوتر بين قائد الجيش الجنرال قائد القوات المسلحة والرئيس الفعلي للبلاد عبد الفتاح البرهان، من جهة، ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
وكشفت مصادر إعلامية أن مدينة أم درمان تشهد من حين لآخر قصفا جويا ومدفعيا عنيفا، ويتبادل الجانبان الاتهامات بشأن إطلاق النار، إذ يحمل كل منهما الآخر مسؤولية استهداف المدنيين.
في تسجيل صوتي مباشر تم بثه على الإنترنت قبل وقت قصير من وفاتها يوم الجمعة، يمكن سماع حسين وهي تخبر ابنها حمودي البالغ من العمر 15 عامًا بالابتعاد عن النوافذ، كما أشارت إلى أنها ترتدي ملابس مناسبة في حالة وفاتها، قالت "سنموت ونحن نرتدي ملابس كاملة".
وحسين، 35 سنة، هي واحدة من مئات المدنيين الذين قتلوا منذ اندلاع القتال، بينما أصيب الآلاف بجروح وأجبر 200 ألف على الأقل على الفرار من منازلهم والبحث عن ملجأ في البلدان المجاورة. كما نزح 700 شخص آخرين داخل البلاد.
وجاءت وفاتها بعد يوم واحد من توصل ممثلين عن الجيش وقوات الدعم السريع إلى اتفاق لحماية المدنيين بعد محادثات في جدة برعاية السعودية والولايات المتحدة، وكان من المقرر أن يبدأوا مفاوضات لوقف إطلاق النار هذا الأسبوع، ولكن واصل الجانبان القتال من خلال وقف إطلاق النار السابق بوساطة قوى أجنبية.
وطاول القصف والضربات الجوية أجزاء من العاصمة السودانية يوم الأحد، مع عدم وجود مؤشرات تذكر على استعداد الأطراف المتحاربة للتراجع. وقال سكان لـ "رويترز" إن القصف أصاب مدينة خرطوم البحري فيما أصابت ضربات جوية أم درمان في ساعة مبكرة من صباح الأحد، كما أفاد تلفزيون العربية عن اشتباكات عنيفة في وسط الخرطوم.
يقع منزل حسين في أم درمان بالقرب من المجمع الذي يضم تلفزيون وراديو الدولة، والذي سيطرت عليه قوات الدعم السريع خلال الأيام الأولى للقتال. وكانت المنطقة هدفا لضربات جوية كثيفة من قبل الجيش الذي استغل ميزة قوته الجوية لقصف مواقع قوات الدعم السريع في الخرطوم.
وكتبت حسين في تدوينة حديثة " وكان أخر ما نشرته "شادن" عبر حسابها الرسمي على "فيسبوك": "ورب الكعبة معظم الناس على نفس الحالة ونحن مسجونين في بيوتنا 25 يوم والناس قدامنا بتنهب ونحن بكل حسرة الدنيا بنتفرج، نعم جيعانين وعايشين رعب خيالي لكن شبعانين قيم وأخلاق، ولو متنا حنموت بكرامتنا وأخلاقنا وما حنقابل ربنا ونحن شايلين حق ما حقنا الموت محاصرنا من كل الجهات حباب الموت بشرف وأخلاق ما بصح إلا الصحيح، ربنا يرفع البلا ويجيب الخير". في إشارة إلى عمليات النهب المنتشرة في العاصمة، على ما يُزعم من قبل مقاتلي الدعم السريع، وكذلك المدنيين اليائسين لإطعام عائلاتهم.
وتحدثت بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي عن سقوط قذيفة طائشة على منزل حسين، على الرغم من عدم تأكيد سبب رسمي للوفاة، فيما أفاد الصحفي محمد أحمد الدويخ سبب وفاة الفنانة السودانية بنشره تحديثا عبر حسابه الرسمي "فيسبوك"، جاء فيه "شادن تعرضت لطلق ناري على اثر مشادة كلامية بينها وبين مسلحين اقتحموا منزلها وطلبوا مبلغ مالي ضخم، لترحل عن عالمنا أثناء عملية إسعافها، وأكدت أنباء محلية وفاة الفنانة والمطربة الشعبية شادن محمد حسين عن عمر يناهز الـ 35 عاماً".
وزعمت قوات الدعم السريع مرارًا وتكرارًا أن الضربات الجوية للجيش وكذلك القصف المدفعي أسفرت عن مقتل مدنيين. ونفى الجيش هذه المزاعم، وعارضها بمزاعم قيام مقاتلي قوات الدعم السريع بنهب المدنيين واستخدامهم كدروع بشرية من خلال اتخاذ مواقع لهم في مناطق سكنية.
وفي أحدث بيان له مساء السبت، قال الجيش إن مقاتلي قوات الدعم السريع أجبروا السكان على مغادرة منازلهم في الخرطوم واحتل 22 مستشفى ومركزًا للرعاية الصحية في العاصمة.

