info@zawayamedia.com
بيئة

أسماك شيطان البحر... معرضة للإنقراض وتتعرض للإبادة عالميا!

أسماك شيطان البحر... معرضة للإنقراض وتتعرض للإبادة عالميا!

تُباع خياشيم أسماك شيطان البحر Manta Ray وهي كائنات فائقة الذكاء، وعدد كبير من هذه الأنواع مصنفة بالفعل على أنها مهددة بالانقراض - في جميع أنحاء شرق آسيا حيث تستخدم كعلاجات لا أساس لها في العلوم الطبية.


كل صباح، ومنذ الساعة الثالثة صباحًا، يقوم لاكشان (الذي ذكر اسمه الأول فقط بدافع القلق على تجارته) من سيرلنكا بتقطيع أسماك شيطان البحر، وهو مشتري جملة يمارس تجارته في أكبر سوق للأسماك في سريلانكا، في مدينة نيجومبو، شمال العاصمة السيرلنكية كولومبو، يفاوض الصيادين الذين يفرغون مصيدهم، يتمثل نشاطه التجاري في المقام الأول في العثور على سمك التونة الطازج، لكنه يشتري أيضًا 700 كيلوغراما (1،540 رطل إنجليزي) من أسماك شيطان البحر كل يوم.


وهو لا يسعى للحصول على لحوم هذه الأسماك التي لا يأكلها معظم السريلانكيين، ولكنه  يسعى وراء الصفائح الخيشومية gill plates، وهي الغضاريف التي تساعد هذه الأسماك على تصفية الكائنات الحية الدقيقة في مياه المحيطات.


A man carries a ray via one of its gill slits. Each of these is encircled internally by prebranchial appendages – feathery filaments known as gill plates


وفي فناء مقابل السوق، يجفف لاكشان الصفائح الخيشومية على لوح حديد، ثم يبيعها إلى تاجر آخر مقابل 130 دولارًا (104 جنيهات إسترلينية) للكيلوغرام الواحد. يبدو الثمن باهظًا، لكن لاكشان  يحتاج إلى 5 كيلوغرامات من صفائح الخياشيم الطازجة للحصول على كيلوغرام واحد من الصفائح المجففة، ليس لديه سوى فكرة غامضة عما يحدث لها بعد ذلك. يقول: "سمعنا أنهم يبيعونها للصينيين لأنهم يأكلونها".



وغالبًا ما تُباع صفائح الخياشيم المجففة في أسواق الأدوية والمأكولات البحرية المجففة في جميع أنحاء شرق آسيا، ولكنها لا تستخدم في الطب الصيني التقليدي، ينبع الطلب المتزايد على صفائح أسماك الشيطان من باعة السوق الذين يستخدمونها لصنع الحساء الذي يروّجون له كعلاج لمشاكل صحية مختلفة.


وفي هذا المجال، تطلق مؤسسة Manta Trust الخيرية للحفاظ  على أسماك شياطين البحر على هذه الإدعاءات بقدرة هذه الصفائح الخيشومية وصف "العلاج الزائف pseudo-remedy الذي ليس له أساس في العلوم الطبية".


وقد أدى الطلب على الصفائح الخيشومية إلى إنشاء صناعة منزلية مترامية الأطراف. تقتل مصايد الأسماك الصغيرة في جميع أنحاء سريلانكا هذه الأسماك المعروفة مجتمعة باسم mobulids، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض، فقط لتصدير صفائح الخياشيم الخاصة بها، وقد أظهرت دراسة حديثة أنه يتم اصطياد أسماك الشيطان في سريلانكا وحدها أكثر من كل المصائد العالمية السنوية وعبر مصائد الشباك الجرافة الصناعية الكبيرة  purse seine fisheries (عمليات ضخمة للصيد الجائر تستخدم شباكًا شبيهة بالستائر لجرف الحياة البحرية بالأطنان). وتقول الدراسة إن أعدادها آخذة في الانخفاض بوتيرة كبيرة.


A freshly cut out manta ray gill plate


يتم تصنيف معظم أنواع mobulid على أنها مهددة بالانقراض، مما يعني - وفقًا لمعايير الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة - انخفاض أعدادها بنسبة تتراوح بين 50 و 70 بالمئة في العقد الماضي. في هذه الأثناء، يستمر عدد الجناة الذين يتم القبض عليهم في الازدياد، حيث تعتبر الهند وإندونيسيا والصين أكبر الجناة، مما يغذي تجارة مزدهرة تتمركز في غوانغتشو، الصين، وهونغ كونغ.


لا يستهدف الصيادون في سريلانكا mobulids على وجه التحديد. وبدلاً من ذلك، تقع هذه الأسماك في الشباك المستخدمة في صيد التونة ذات الزعانف الصفراء وسمك الخرمان وسمك أبو شراع، معظم السريلانكيين لا يأكلونها، على الرغم من أن البعض يضيف لحم الراي المجفف إلى الكاري ؛ وهناك طلب ضئيل أو معدوم على اللحوم الطازجة.


كان هذا يعني أن الصيادين اعتادوا إطلاق أسماك شياطين مرة أخرى إلى البحر، لكن تجارة الصفائح الخيشومية المربحة غيرت ذلك. يقول دانيال فرناندو، المؤسس المشارك لـ  Blue Resources Trust، وهي مؤسسة أبحاث بحرية غير هادفة للربح: "في بعض الأحيان اعتاد الصيادون قطع رؤوسها وإلقائها في البحار، لأنهم اعتقدوا أن المشترين يريدون اللحوم، لكن التجار أرادوا الصفائح الخيشومية في الرأس فقط".


وتوفر تجارة هذه الصفائح أو الألواح الخيشومية دخلاً إضافيًا للعائلات هي بأمس الحاجة إليه، في العام الماضي، انهار اقتصاد سريلانكا، مما دفع بالعديد من الأسر إلى الفقر. في أسوأ أزمة اقتصادية منذ الاستقلال، نفد البلد من الأساسيات مثل الأغذية، غاز الطهي والوقود، لا يزال الكثير من الناس يكافحون من أجل وضع وجباتهم على المائدة، وقد أفاد برنامج الغذاء العالمي في شباط/فبراير الماضي أن 32 بالمئة من الأسر لا تزال تعاني من انعدام الأمن الغذائي. بالنسبة لعمال المصائد مثل لاكشان، تجلب الصفائح الخيشومية دخلاً بأمس الحاجة إليه.


وتعتبر أسماك شيطان البحر واحدة من أكثر أنواع الأسماك ذكاءً، حيث يصل حجم دماغها إلى 10 أضعاف دماغ قرش الحوت وهناك مناطق في أدمغتها أكثر تطورًا للتعلم وحل المشكلات والتواصل، وهي مرحة وفضولية، ويُعتقد أنها قادرة على التعرف على أنفسها في المرايا، وهي علامة على الوعي الذاتي تقتصر عادةً على القردة العليا والحيتانيات والفيلة.


بالمقابل فلا تعد التجارة بهذه الأسماك عملا غير قانوني، على الرغم من أن اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية (Cites) في عام 2014 قدمت حماية أقوى لأسماك شيطان البحر، ومن المفترض أن تكون التجارة الدولية في لحومها وخياشيمها وزعانفها مصحوبة بتصاريح وشهادات تؤكد أنه تم صيدها بشكل مستدام وقانوني.


ومع ذلك، تنص اتفاقية بون التابعة للأمم المتحدة على أنه لا ينبغي أسر الحيوانات لأغراض تجارية، تم تسجيل سريلانكا أيضًا في لجنة التونة في المحيط الهندي، والتي تتطلب ألا يحاول أعضائها صيد أي من هذه المجموعة من الأسماك.


سريلانكا نفسها ليس لديها إطار قانوني لحماية أسماك الشيطان. قال فرناندو إنها توقفت عن إصدار تصاريح التصدير لكن لا توجد تدابير حماية وطنية، وبشكل دوري، يوقف وكلاء الجمارك شحنات الصفائح الخيشومية التي يتم تصديرها بشكل غير قانوني، لكن التجارة مستمرة: في عام 2020، صادرت السلطات في مطار هونغ كونغ 300 كغم من صفائح أسماك شيطان البحر الخيشومية بقيمة 116 ألف دولار، قادمة من سريلانكا.


مع انتشار قوارب الصيد عبر المحيط الهندي، تتعرض mobulids للمزيد من التعديات. وهي معرضة بشكل خاص للصيد الجائر من الناحية البيولوجية: فلديها دورات تكاثر بطيئة، حيث تستغرق أنثى شيطان البحر 10-15 سنة لتنضج جنسيًا، وتلد سمكة واحدًا فقط كل سنتين أو ثلاث سنوات. يقول فرناندو: "يمكن أن ينخفض عددها في وقت قصير جدًا، قد تبدو الأمور على ما يرام لبضع سنوات، وبعد ذلك، فجأة، يمكن أن يتم اختفائها إلى حد كبير."


ويؤكد أن "المشكلة لا تقتصر على سريلانكا، فهذه الأسماك لا تحترم الحدود السياسية - فهي تدخل وتخرج من المياه السريلانكية، إنها قضية إقليمية، إن لم تكن عالمية. لا يكفي عمل دولة واحدة ".


وتدعو المنظمة الحكومات للانضمام إلى إعلان المناطق المحمية لأسماك شيطان البحر وموائلها لتقليل الصيد العرضي، وتثقيف الصيادين حول إعادة إطلاق الأحداث بأمان إلى المحيط لتحسين فرصتها في البقاء على قيد الحياة.


وأشار إلى "ضرورة استبدال استخدام الشباك الخيشومية - الجدران الرأسية للشباك المستخدمة في اصطياد الأسماك - بأساليب صيد مستدامة مُدارة بشكل صحيح مثل الخيوط الطويلة (خيوط بطول أميال مع خطافات مزودة بطعم) من شأنه أن يساعد أيضًا، ولكن الانتقال قد يستغرق وقتًا طويلاً لأن الشباك الخيشومية هي العنصر الرئيسي والطريقة التي تستخدمها مصائد الأسماك الصغيرة".


يقول فرناندو أن "الوقت ينفد بالنسبة لأسماك شيطان البحر، فمخزونها ينخفض بسرعة". ويقر بأن "السكان المحليين يعتمدون عليهم في الدخل" لكنه يشير: "نحن لا نضع الأسماك في المحيط ونحصدها. الأمر ليس مثل تربية الدجاج".


يتابع قول: "من الناحية المثالية، كان ينبغي علينا النظر في حمايتها منذ حوالي أربعة عقود، للتأكد من أنه يتم صيدها بشكل مستدام، لكننا انتظرنا طويلًا وهي تواجه الآن انهيارًا وشيكًا، لذا سيتعين علينا اتخاذ بعض القرارات الصعبة للغاية."


 

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: