كعادته، وعلى الرغم من آلاف الكيلومترات التي تفصلنا عنه، يواظب البروفسور في مجال المستحثات داني عازار والموجود حاليا في الصين، بإرسال كل ما هو جديد في مجال الأبحاث من أدلة في العنبر اللبناني عن هذا العالم القديم أي قبل أكثر من 130 مليون عام، وفي عصر الديناصورات، وتحديدا في العصر الباريمي (الطباشيري) Barremian السفلي، وعن أنواع من الصراصير التي تم حفظها بصورة رائعة في هذا النوع من العنبر (الكهرمان)، الذي يعد من أهم أنواع العنبر في العالم، ويوفر موسوعة لدراسة تلك الحقبة وتطور الحشرات والنباتات المزهرة.
وحول البحث الجديد بعنوان "دراسة جديدة تلقي الضوء على صراصير من العنبر الطباشيري السفلي في العنبر من لبنان والأردن وسوريا" ) Jordanian - Lebanese - Syrian cockroaches s.s. from Lower Cretaceous amber - Monograph الذي زودنا به عازار قال لموقعنا "زوايا ميديا": "هذه الدراسة والتي نشرت يوم الإثنين أوائل هذا الأسبوع في 9 أيار/مايو في دورية Biologia هي مراجعة أو Monography لمجموعة من الصراصير بلغ عددها 18 صنفا أو نوعا، بينها إثنين تم اكتشافهما حديثا، ومنها نوع من النمل الأبيض Termites وهي أول الكائنات الحية التي أنشأت حياة إجتماعية على كوكب الأرض".
وتابع: " وقد تم الحصول على 79عينة من الصراصير من العنبر الموجود من مناطق عدة في لبنان، وتم ذكر أنواع من سوريا والأردن تمت دراستها من قبل علماء آخرين، وتشمل أهمية هذه الدراسة العلمية، بكون هذه الكائنات المحفوظة بصورة جيدة جدا في العنبر اللبناني من صمغ الأشجار التي كانت متواجدة آنذاك، والتي تشكل أجداد العديد من أنواع الصراصير الموجودة في العالم اليوم، وهي تشكل "الحلقات المفقودة" بين الكائنات الحية القديمة المنقرضة والحديثة وكيفية تطورها، التي كانت بمعظمها مفترسة للحشرات البرية وشبه المائية، وأخرى على رحيق النباتات المزهرة التي نشأت في تلك الفترة، كما وأن دراسة محتويات العنبر اللبناني هي الطريقة الوحيدة التي تعطي فكرة عن تحديد التنوع البيولوجي والبيئة في شمال شرق قارة غندوانا Gondwana التي كانت تشمل أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية)، أميركا الجنوبية، أفريقيا، مدغشقر، أستراليا، وكذلك شبه الجزيرة العربية وشبه القارة الهندية، والتي تطورت في حقبة كانت هذه المنطقة والبلدان الثلاثة رطبة واستوائية وغنية بالتنوع البيولوجي، في هذا الماضي السحيق يقع على الشاطئ الشمالي لقارة غندوانا العظيمة، بجوار محيط تيثيس Tethys، وهو جد البحر الأبيض المتوسط".
وأشار إلى أن "هذا البحث تم بمشاركة إثنين من أهم الباحثين في هذا المجال، وهما البروفسور Hemen Sendi والبروفسور Peter Vršanský من معهد Institute of Zoology في أكاديمية العلوم في سلوفاكيا Slovak Academy of Sciences".
وحذر عازار من " أيادي التخريب والإعتداءات التي تطاول هذه المناطق، لأن الكثير من الناس ينظرون إلى هذه الإكتشافات من زاوية الربح المادي فقط، علما أن هذا يؤذي البيئة والوطن والعالم، كون عدم دراسة هذه المواقع وفي بيئتها لا يشكل لها أي قيمة علمية، علما أنها ثروة للتراث العلمي والعالمي وعلى المستوى الوطني والعالمي، وهو ما تم تحقيقه بمنطقة وحيدة بين بلدتي غوسطا وبطحا لآثار أقدام الديناصورات وحمايتها من التخريب باستحداث الطرق والزحف العمراني فضلا عن الكسارات والمقالع التي قضت على ثروات علمية لا تقدر بثمن".
وتمنى عازار أن "يكون هناك متحفا للتاريخ الطبيعي في لبنان لحفظ هذه العينات للتعريف على الثروات الموجودة في البلد والتي تشكل أرشيفا للطبيعة الموجودة، وحماية هذه المواقع التي تشكل جزءا من التاريخ والتطور العلمي العالمي، فبلادنا زاخرة بهذه الثروات، وإعلان بعض مناطق لبنان محميات جيولوجية هو أمر بغاية الأهمية، وأن نكون على موقع المسؤولية بالمحافظة عليها".
لقراءة المرجع العلمي على مجلة Biologia العلمية تحت عنوان Sendi, H., Vrsansky, P. & Azar, D. (2023) Jordanian - Lebanese - Syrian cockroaches s.s. from Lower Cretaceous amber - Monograph. Biologia على الرابط:
http://doi.org/10.1007/s11756-023-01357-y