لم أجد محبا للحياة البرية ومتابعا لها، إلا ويشير إلى ظاهرة التصوير بالطائرات المسيّرة، أو بدون طيار "الدرون" Drone، والتي انتشرت في الفترة الأخيرة، وإلى خطرها على الحياة البرية، فيما يتنافس المصورون المحترفون منهم والهواة ورواد مواقع التواصل الإجتماعي لتوثيق الحياة البرية مستخدمين هذه الروبوتات، والتي تتسبب ليس بالإزعاج لأسراب الطيور المهاجرة وتشتيتا لها فحسب، بل قد تتسبب بإصابات وخيمة وقد تشكل خطرا عليها!
واللافت أن هناك سباق حقيقي في اكتساب المزيد من الثناء على شكل "لايكات" و"مشاركات" في الفيديوهات المميزة حقا، ولكن بالمقابل فهناك أثمان يتم دفعها سواء من قبل الحياة البرية، أو المصور نفسه، حتى أن معظم المسابقات العالمية أصبحت لا تقبل بهذه الصور أو الفيديوهات من الذين يرسلونها.
وفي هذا المجال، فقد تم تحديث صفحة Lebanon BirdWatching Tours حول هذا الموضوع بالذات، ولأهميته، قمنا بترجمته في موقعنا "زوايا ميديا".
وكتب أحد مدراء الصفحة "أركز على تصوير الحياة البرية بشكل أساسي لأنني أحب المخلوقات التي ألتقط صورها. إن العثور على طريقي إلى هذه الحيوانات في بيئتها الطبيعية يبدو أمرا فائق للعادة بالنسبة لي، إنه امتياز في عيني، والامتياز يحمل واجبًا، وبسبب هذا الالتزام، ينطوي تصوير الحياة البرية على أكثر من مجرد الحصول على سيارة جيب ومطاردة الحيوانات، هناك اعتبارات أخلاقية، غالبًا ما يكون التصوير الفوتوغرافي للحفاظ على الطبيعة وكائناتها في صميم تصوير الحياة البرية، مرة أخرى، أعتقد أن المصورين يتحملون مسؤولية بتجنب إحداث الأذى للحياة البرية.
وببساطة، فليس هناك مسوّغ للمصورين لإزعاج وإيذاء الحياة البرية للحصول على الثناء والإستحسان عبر "لايكات".
وتابع: "إذا كنت تستمتع باستكشاف الطبيعة والسفر وتصوير الحياة البرية، فقد تبحث عن طريقة جديدة ومتطورة للقيام بذلك، نحن ندرك أن تصوير الحياة البرية بالطائرات المسّيرة أو بدون طيار هو أمر ترفيهي وأن التكنولوجيا تمنحنا رؤية جديدة للعالم، يجب أن نفكر فيما إذا كنا نتابع افتتاننا بهذا الروبوت الطائر على حساب الطبيعة التي نحن معجبون بها.
فعلى الرغم من أننا جميعًا نشعر بالرهبة من الطرق الإبداعية التي يتم بها توظيف هذا الفرع الجديد من التصوير الفوتوغرافي، إلا أن هناك العديد من المناسبات التي أعطى فيها المصور الأولوية لالتقاط "اللقطة" على جميع الاعتبارات الأخرى، حيث يمكن أن يعرض الهدف المقصود بالتصوير لالتقاط الصورة على حساب الكائن المقصود".
واوضح: "يمكن أن تضر الطائرات بدون طيار بالحياة البرية إذا تم استخدامها بشكل غير لائق أو غير مبالٍ، لهذا السبب، يمكن أن يكون استخدامها موضع نقاش وخاضع للتغيرات القانونية الوطنية، وقد حظرت الولايات المتحدة الأميركية بالفعل، استخدام الطائرات بدون طيار في المتنزهات الوطنية والمناطق البرية والمحميات الطبيعية، كما ولا ينبغي استخدام الطائرات بدون طيار لالتقاط صور للأعشاش لأنها مزعجة للغاية للطيور، إذا كنت ترغب في التقاط صور بطائرات بدون طيار، فكن على دراية بمدى تأثير استخدامها على الحياة البرية المحلية وتجنب الاقتراب الشديد من هدفك، يجب أن تأتي الحيوانات أولاً، لذلك تجنب التحليق فوقها بطريقة صاخبة أو منخفضة الارتفاع".
وتابع: "يجب أن يقتصر استخدام هذه الطائرات بالقرب من هذه الحيوانات على الطيارين المتمرسين الذين لديهم دراية بالحيوانات وسلوكها وردود أفعالها المحتملة تجاه تأثير الطائرات بدون طيار، إن فهم الحيوانات التي يتم تصويرها أو نقل صورها من قبل المصورين لا يقل أهمية عن معرفة سرعات غالق وفتحات العدسة."
وأشار إلى أنه "حتى في حين أن التصوير الجوي للحياة البرية قد يكون أكثر سهولة من أي وقت مضى، فإن البدء لا يشمل فقط التقاط طائرة بدون طيار والخروج إلى الطبيعة، يجب اكتساب المعرفة، يتطلب الأمر التزامًا بالتعرف على مواضيع الحيوانات المختلفة وكيفية التحليق حولها، فقد تظهر طائرة بدون طيار على أنها مفترس لحيوان وتقلقه، يمكن أن يؤدي هذا في النهاية إلى إجهاد مزمن يمكن أن يسببه، كما هو الحال عند البشر وإلى درجة المرض وحتى الموت".
واستشهد بأدلة علمية: "فقد وجدت الدكتورة مارغريتا موليرو بازماني (جامعة ليفربول جون مورس) وجاريد هودجسون (جامعة أديلايد) وآخرون، وكلاهما خبراء في استخدام الطائرات بدون طيار في السياقات البيئية، في أبحاث مهمة أن الطائرات بدون طيار لها تأثير ضار على الحيوانات. ووفقًا للدراسات، فإن الحيوانات التي تكون على مقربة من الطائرات بدون طيار تُظهر معدلات ضربات قلب مرتفعة، وسلوكًا قلقًا قد يغير عملياتها الإنجابية، وقد تتخلى حتى عن صغارها للركض والطيران والهرب أو التصادم مع الطائرة بدون طيار، وهذا يعني أن البيض أو الحيوانات الصغيرة قد تتعرض للإعتداء من قبل الحيوانات المفترسة".
وفي مثال آخر أردفه الكاتب: " في عام 2015، زود العلماء دبًا بنيًا بجهاز استشعار لمعدل ضربات القلب ثم استخدموا طائرة بدون طيار بالقرب منه. لم يُظهر الدب سلوكيات التجنب أو الإجهاد المعتادة مثل الهروب أو الضرب، في الواقع، كان الدب يبدو راضيًا بمراقبة الطائرة بدون طيار، ربما بدا الدب غير منزعج من وجود الطائرة بدون طيار أمام المتفرج العادي، ومع ذلك، عندما فحص العلماء بيانات مراقب القلب، اكتشفوا أن معدل ضربات قلب الدب قد ارتفع بنسبة 400 بالمئة خلال تواجد الطائرة، ولدى البشر فإن مثل هذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى نوبة قلبية".
وأضاف الكاتب: "تؤثر هذه الطائرات أيضا على الحيوانات البحرية مثل الفقمات وأسود البحر، وقد توجهها نحو الشاطئ وربما تتعرض للإفتراس، فعندما نستخدم طائرات بدون طيار فوق الحياة البرية أو بالقرب منها، فهناك عدد من الأشياء التي يمكن أن يكون لها تأثير عليها، بما في ذلك:
- أول ما نلاحظه هو الضوضاء العالية التي تصدرها طائرة بدون طيار عندما تكون في السماء. يستغرق الأمر بعض الوقت للعثور عليها في السماء، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أننا لا نعرف من أين بدأت تحلق منها أو حتى إذا كان الطيار مؤهلاً لتحليق الطائرة بدون طيار، وقد يكون طائر أو أسد بحر أو دب في نفس الظروف، بالإضافة إلى كونها ذات صوت عال وتتطلب من هذه الحيوانات استخدام طاقة ثمينة في البحث عنها، قد يبدو الكائن غير المألوف مثل حيوان مفترس بمجرد أن يجدوها.
- قد يكون للون أو شكل جناح الطائرة بدون طيار تأثيرا على الحيوانات التي لديها مفترسات جوية، لا توجد حاليًا بيانات كافية لتحديد ما إذا كان لون أو تصميم معين للطائرة بدون طيار هو عامل مساهم في اضطراب الحياة البرية بسبب نقص الأدلة العلمية والتنوع الواسع في سلوكيات التجنب أو الاضطراب بين الأنواع المختلفة.
- قد يشعر الفرد أو مجموعة من الحيوانات بالإنزعاج من الطيران على ارتفاع أقل من الطيران على ارتفاع أكبر، ويصف العلماء أنشطة رحلاتهم ويقدمون معلومات عن النهج والارتفاع في بعض الأبحاث. بدلاً من ذلك، قد يستخدم الباحث هذه الطائرات ويرتفع إلى مسافة أبعد قبل الاقتراب من الأنواع المستهدفة وضمن ظروف محددة، إذا كانت الطائرة بدون طيار تحلق عالياً في الهواء، فقد لا تزعج الحيوان المستهدف أو الحيوانات، ولكن إذا كانت تحلق على مستوى أدنى، فقد تزعج الطيور التي تعشش مع صغارها وتحميهامن مجموعة متنوعة من الحيوانات المفترسة الأرضية والجوية، وقد تكون الحيوانات المفترسة ذكية بما يكفي لمعرفة مكان العش ومهاجمة البيض أو الصغار".
وختم: "العالم يمضي قدمًا مع التكنولوجيا، والطائرات بدون طيار هي جزء من هذا التقدم الذي نحتاج إلى التكيف معه، ولكن ليس على حساب الحياة البرية ورفاهيتها، يجب على المصورين تقليل مخاطر الاضطرابات والحوادث من خلال الالتزام بالقواعد الأخلاقية، مثل:
• استخدام طائرات بدون طيار صغيرة ومنخفضة الضوضاء.
• استخدام طائرات بدون طيار لا تشبه شكل أو صورة ظلية لحيوان مفترس.
• جعل الرحلات الجوية قصيرة قدر الإمكان - وهذا يعني وجود خطة قبل الإقلاع وإدراك ما يحيط بك.
• مراقبة سلوك الحيوانات ووقف استخدام هذه الطائرات في حالة حدوث اضطراب في السلوك
وقد اورد النص بعض الأمثلة وبالفيديو على مدى خطورة استخدام الطائرات المسيرة، وبعض اللقاءات والصدامات الحقيقية بين الطيور والطائرات بدون طيار، وهذه اللقطات مأخوذة من مقاطع فيديو نشرها مصورون لبنانيون خلال مواسم الهجرة، وتابع: "كان ذلك لجذب بعض الانتباه إلى جمال ما لدينا في لبنان، شاهد بعناية وانشر الكلمة للحد من التصوير في حالة إزعاج أو إيذاء الحياة البرية".
تمت الترجمة في موقع "زوايا ميديا" بتصرف عن صفحة Lebanon BirdWatching Tours