يوفر الذكاء الاصطناعي (AI) فائدة كبيرة للأشخاص الذين يبحثون عن الحب، ويتفاوضون بشأن صفقة تجارية ويعانون من الاكتئاب. ومع ذلك، وفقاً للخبراء، فإن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا يمكن أن يتسبب في "انخفاض قيمة" الاتصال البشري ويؤدي إلى تضاؤل المصداقية.
في هذا السياق، قال ريجول جوبتا، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لـ "ديب ميديا"، لـشبكة "فوكس نيوز"، إنه مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، فإن التكنولوجيا لديها القدرة على إثراء التفاعلات الاجتماعية، وتقديم الرفقة والدعم في مجالات مثل تربية الأطفال ورعاية المسنين.
علاوة على ذلك، توقع جوبتا أن الذكاء الاصطناعي سيُحدث ثورة في التعارف عبر الإنترنت من خلال تحسين المنصات الحالية، باستخدام خوارزميات جديدة توفر المزيد من التوفيق بين الأشخاص، بحسب "الشرق الأوسط" اللندنية.
وقال: "من خلال تحليل بيانات المستخدم وتفضيلاته بدقة لا مثيل لها، يبشر الذكاء الاصطناعي بدخول عصر جديد من التوفيق بدقة عالية. روبوتات الدردشة تسهّل إجراء المحادثات وتعزز الاتصالات الهادفة".
مع ذلك، أشار جوبتا إلى أن دور الذكاء الاصطناعي يجب أن يخدم فقط زيادة بحث المرء عن الحب، وليس "تكرار المشاعر غير الملموسة» التي تحدد إنسانيتنا الجماعية.
وقال أوليفر جودوين، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Synthesis، إن الذكاء الاصطناعي يؤثر بالفعل على العلاقات البشرية، حيث تم تطوير برامج الدردشة الآلية بشكل صريح لتوفير الرفقة الافتراضية لأولئك الذين يشعرون بالعزلة أو الوحدة. يمكن أن تتحدث روبوتات الدردشة هذه مع المستخدمين وتقدم المشورة بناءً على المعرفة عبر الإنترنت بينما تتذكر أيضاً المحادثات السابقة لوضع سياق لمشاعر الفرد.
على سبيل المثال، تم تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي لتزويد المستخدمين بالنصائح الشخصية والدعم لإدارة اكتئابهم. يكتشفون أنماطاً في سلوك المستخدم ويقترحون أنشطة أو تغييرات في نمط الحياة قد تساعدهم بالفعل. يعمل "شات بوت" أيضاً كلوحة صوتية للفرد لمشاركة أفكاره إذا شعر بعدم الراحة في التحدث مع العائلة والأصدقاء.
ومع ذلك، قال كريس وينفيلد، مؤسس Understanding AI، إنه بينما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تسهيل التعارف والعلاقات بشكل أفضل، فإنه يسلط الضوء أيضاً على المخاوف بشأن الخصوصية وأمن البيانات وإمكانية "التقليل من قيمة" الاتصال البشري.
وأضاف: "في مجال الصحة العقلية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً في الكشف المبكر عن الاكتئاب وعلاجه، ولكن من الضروري ضمان أن يظل التعاطف والتفاهم البشريين محوريين في العملية. وفي كلتا الحالتين لا يزال الاتصال البشري هو المفتاح".
وأعرب الرئيس التنفيذي ومؤسس "أتين إيه آي" نعيم تالوكدار، عن مشاعر مماثلة لمشاعر وينفيلد. وقال إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحدث تحولا في التعارف والعلاقات من خلال تمكين "تجارب اتصال الواقع الافتراضي" وتقديم المشورة بشأن العلاقة للمستخدمين. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد الأفراد أيضاً على فهم حالتهم العاطفية، مما يؤدي إلى تحسين الوعي الذاتي والتواصل.
وتابع تالوكدار: "من ناحية أخرى، قد يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي أيضاً إلى روابط سطحية، وزيادة الشعور بالوحدة، وصعوبات في تطوير روابط عاطفية حقيقية... لقد رأينا الأشخاص يطورون روبوتات لأغراض الرفقة - هناك منحدر زلق للغاية ينشأ. من الأهمية بمكان تحقيق توازن بين التكنولوجيا المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتفاعلات البشرية لضمان اتصالات ذات مغزى ورفاهية عقلية".
من جهته، قال الدكتور شيراج شاه، الأستاذ في كلية المعلومات بجامعة واشنطن، إن أنظمة الذكاء الاصطناعي الجديدة تستفيد من رغبة الناس في إجراء محادثات مخصصة وسياقية عبر الإنترنت.
في بحثه على مدار العقد الماضي، وجد شاه أن الناس كانوا يستخدمون الكثير من المنصات عبر الإنترنت ويتواصلون مع الآخرين للإجابة عن الأسئلة، ولكن أيضاً لمحاكاة الحاجة إلى التفاعل البشري. يتم الآن ربط هذه الثقة بين البشر عبر الإنترنت بالذكاء الاصطناعي، والذي يمكن أن يصبح "الاتصال الافتراضي" الجديد. ويضيف: "هذا ليس شخصاً حقيقياً يولّد هذه المحادثات، لكن بالنسبة لكثير من الناس، هذا في الواقع مُرضٍ تماماً".
وأوضح شاه أن قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على فهم اللغة الطبيعية وتوليدها أدت إلى زيادة مشاركة المستخدم والاتصال على نطاق واسع، وهو ما أكد شاه أنه قد يكون ضاراً.
ومع ذلك، أشار إلى أن التفاعلات توفر فوائد، مما يسمح للآخرين بإجراء محادثات عميقة والتي كانت، لولا ذلك، مخصصةً للمعالج.
على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب الأدوار، ويقدم الردود التي تحاول محاكاة الشعور بالمحادثة مع أحد الوالدين أو ابن العم أو الأخ في أثناء امتلاك المعرفة الموجودة عبر الإنترنت، وفقا لـ "الشرق الأوسط".
