مجموعات تناثرات من نبات نادر في أرض العطرفان على الحدود السورية الأردنية، وثقها المهندس الزراعي والناشط البيئي عمر الحلبي، واللافت للإنتباه الصور المرفقة بهذا المقال لجمال غير مسبوق يولد من في بيئة صحراوية قاسية، مع أزهار أقل ما يقال عنها أنها لوحات طبيعية فريدة من نوعها، حيث تتعرض هذه النباتات والتنوع البيولوجي في بلادنا في الشرق الأوسط، عدا عن مخاطر التغير المناخي والإحتباس الحراري، لأخطار غير مسبوقة من تداعيات الحرب والحالة الأمنية المتفلتة التي كما أسلفنا في تقارير سابقة (حول مجازر الريم العربي في بادية السويداء) والتعشيب والرعي الجائرين إلى تهديد حقيقي بالإنقراض.
وفي هذا المجال، كتب الحلبي:"ثروات بيئية طبيعية جديرة بالإهتمام والدراسة والتجارب البحثية نبات الريباس الفلسطيني (الراوند ، شرش الربص، الروباص) اسمه العلميRheum palaestinum ، أو كما يسمى بالعامية "العطرفان" نبات طبي نادر جداً ومهدد بالإنقراض ذو مظهر فريد ينمو برياً في البادية جنوب شرق بلدتي امتان والعانات في جبل العرب المتاخمة للشريط الحدودي السوري- الأردني".
وتابع: "سوق وأزهار هذا النبات تؤكل، زهرة النبات تشبه الزهرة المزروعة (القرنبيط) وهي ذات لون وردي يأكله سكان المنطقة مقلية مع البيض ( عجة )، والنبتة ذات مذاق حامض لذيذ أما عن السيقان (الحوامل الزهرية) فهي تقشر وتؤكل ونكهتها شبيهة تماماً لطعم اللوز الأخضر (القرعون)".
وقال: "يتبع هذا النبات إلى الفصيلة البطباطية Polygonaceae وهو نبات عشبي معمر أجرد، خالي من الأوبار بإرتفاع 30_40 سم جذوره وتدية عميقة، أوراقه كبيرة وعريضة سميكة شمعية مجعدة جداً تأخذ شكل ثلاثي الأبعاد، تفترش على الأرض ذات لون أخضر داكن، ويحمل النبات عادةً ورقتين قاعدتين تجمع هذه الأوراق مياه الأمطار بكفاءة عالية، لتشرب من فوقها المواشي، بالإضافة إلى كون هذا التصميم للأوراق أحد أساليب تكيف النبات مع البيئة الصحراوية لري نفسه، حيث قد تصل مساحة الورقة الواحدة إلى 1 متر مربع أو أكثر في أيام الممطرة تختفي الأوراق في الشتاء لتعاود الظهور في فصل الربيع".
وكتب الحلبي: "ما يثير الدهشة والتساؤل هو قدرة النبات على مقاومة الجفاف وحرارة البادية على الرغم من عدم وجود إي أوبار أو أجزاء اخرى تقى النبات من الطقس الحار، ولكن تعزى هذه المقاومة إلى التراكيز الحامضية الموجودة في الأوراق وزنود النبات التي تساعده على مقاومة الجفاف والإقلال من عملية التبخر، ويبدأ النبات بالإزهار في نهاية شهر آذار/مارس حتى نهاية شهر نيسان/أبريل، وتعتلي النبات نورة زهرية مكتظة تضم مجموعة زهيرات شمعية المظهر بلون أخضر لتتحول للون الوردي تنتج ثماراً ثلاثية الأضلاع مجنحة".
وعن أماكن تواجد النبات أشار الحلبي إلى أنه "ينتشر هذا النبات في سوريا في البادية الجنوبية الشرقية لجبل العرب في بقعة محصورة ومحددة على تماس مباشر مع الحدود الشمالية للأردن، وتعرف بـ "أرض العطرفان"، ومن الجدير ذكره، بأن هذا النوع المميز آيل للإنقراض في هذه المنطقة بسبب زيادة الضغط البشري والجمع الموسمي الدائم لهذا النبات، فيجب حمايته من العشابين بإقامة محمية طبيعية له من قبل وزارة الزراعة، أو محاولة إستزراعه مخبرياً كمشروع للحفاظ عليه ضمن التنوع الحيوي النباتي، كما وينتشر النبات بشكل رئيسي في صحراء النقب بفلسطين وشبه الجزيرة العربية والصحراء الشرقية ومعان في الأردن".
وعن مكان وتاريخ التصوير، فهو في محافظة السويداء على الحدود الأردنية السورية قرب قرية امتان بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2023.
وقال الحلبي لموقع "زوايا ميديا": "جرى استزراعه باستخدام البذور في الأرض المحتلة في محاولة للحفاظ عليه من الإنقراض، بينما تستمر التعديات عليه في بلادنا من قبل العشابين، الذين لا يتركون له الفرصة ليتكاثر من جديد بسبب التعشيب الجائر الذي يطاول العديد من النباتات".
وعند سؤاله إن كان يتواجد في لبنان أجاب الحلبي: "يوجد في لبنان نوع واحد وهو "الراوند السوري" Rhumes ribes والذي يتواجد في منطقة البقاع ومناطق أخرى والنوعين من النباتات المعمرة المفيدة للصحة بشكل عام".
ووفقا لمعلومات مستقاة من مواقع طبية وصحية خاصة بالعلاج الطبيعي، فإن هذا النبات بأنواعه، يعود على الجهاز الهضمي بالعديد من الفوائد، وله فوائد عدة لجهة تعزيز صحة القلب، العظام، تحسين الهضم، تقليل أعراض الطمث، زيادة معدلات الحرق (الأيض)، وغيرها من الإستخدامات.
ويعتبر اسم عشبة الراوند هو الاسم الشائع لها في مختلف الدول العربية، وهناك أسماء مختلفة مثل الريواس (بالإنجليزية : Rewaz، وهو اسمها باللغة الكردية، حيث يتم زراعتها بالعراق وتحتوي على مواد مضادة للبكتيريا والالتهابات التي يمكن أن تصيب الجسم، وتتوفر هذه المركبات في النبات الطازج أو جذور الراوند المسؤولة عن خصائصها الطبية، كما وتستخدم الجذور باسم الروباص للتقليل من كمية السكر في الدم".
ومن الجدير ذكره، أن هناك الكثير من النباتات الطبية التي تتواجد في بلادنا، وتشكل مادة غنية للبحث والإكتشاف، ولكن بسبب قلة الموارد والتعديات المختلفة من تعشيب جائر ومقالع وكسارات، قد يكتب لها تنقرض قبل أن تكتشف فوائدها وخصائصها وأنواعها المختلفة.