info@zawayamedia.com
المرأة

تقرير علمي : المرأة والعمل والمياه... والتأثير على المساواة الجنسانية

تقرير علمي : المرأة والعمل والمياه... والتأثير على المساواة الجنسانية

تقرير علمي نشرته مجلة Nature العلمية بمناسبة اليوم العالمي للمياه في 22 آذار/مارس، أعده باحثون من جامعة  Emory Universityفي أتلانتا، وجامعة  University of California بالتعاون مع مسؤولين صحيين وبيئيين من زامبيا والهند، نقوم بموقع "زوايا ميديا" بترجمة هذا التقرير بتصرف


يصادف يوم22  آذار/مارس اليوم العالمي للمياه، ليذكرنا بأن مياه الشرب المأمونة والميسورة التكلفة للجميع، والمياه ليست ضرورة لصحة الإنسان فحسب، بل هي حق من حقوق الإنسان 1 .


فالوصول إلى مياه الشرب المأمونة يمنع العديد من الأمراض المعدية والتعرض للمواد الكيميائية الضارة، في حين أن الوصول غير الفعال يمكن أن يضر بالصحة العامة بما في ذلك جودة خدمات الرعاية الصحية 2.


وفي معظم البلدان، تعتمد إدارة المياه المنزلية وحمايتها على عمل المرأة غير المأجور، وينطبق هذا أيضًا على العديد من الحلول المقترحة، مما يظهر عملها بشكل منخفض التكلفة، وهو أمر خاطئ، وهذا الأمر مما يساهم بعدم المساواة القائمة، ويحد من إمكانات أبحاث وسياسات وممارسات المياه لدعم المساواة بين الجنسين ومياه الشرب المأمونة للجميع.


وفي العادة ما تكون النساء والفتيات مسؤولات عن جمع المياه المنزلية عندما لا تكون المياه داخل المبنى السكني 3، وقد تحتاج النساء إلى زيارة مصادر مختلفة لتلبية احتياجاتهن المنزلية، وكذلك البحث عن المياه التي تعتبر آمنة ومقبولة للشرب والطهي من مصدر واحد أو زيارة مصدر آخر أو مصادر عدة في الوقت عينه، مثلا مصادر لغسيل الملابس والأطباق 4.


هذا ويعتبر الحصول والعمل بالماء صعبا ومجهدا، وقد يستلزم الوصول إلى المصدر واستخراج المياه حمل أحمال ثقيلة غالبًا 20 لترًا (20 كغم أو 44 رطلاً) في المرة الواحدة، حيث يشكل نوع الحاوية، والمسافة، والتضاريس، والموسم، والحيوانات، والطقس، والحالة الصحية للمرأة، وحجم الأسرة، والحاجة الخاصة، وعوامل أخرى مجتمعة مجمل عمل المرأة والتجارب اليومية التي تتعرض لها في سبيل الحصول على المياه، ويتسبب العمل في مجال المياه، وخصوصا جلبها، بعواقب صحية، بما في ذلك الألم والإرهاق والإصابات، مثل الكسور والاضطرابات والتمزقات، وعندما لا تكون هناك حاجة إلى جلب المياه - على سبيل المثال، عند توصيل المياه عبر الأنابيب لبضع ساعات كل بضعة أيام - يجب على المرأة أيضا تخزينها وحمايتها من التلوث وتقنينها بعناية لتلبية الاحتياجات اليومية المتعددة.


ومن ناحية ثانية فإن العمل في مجال المياه غير مدفوع الأجر، حيث لا تُدفع تكاليف توفير المياه بكميات غير كافية من المياه ونوعيتها، فضلا عن بدل للوقت الذي تقضيه في المشي أو الانتظار، وكذلك السعرات الحرارية التي يتم إنفاقها، إضافة إلى النوم المفقود، والإصابات المتكبدة، وتحمل مخاطر السلامة، بالنسبة للبعض 5، 6، كما وأن التنمية الإقتصادية غير المستدامة في مناطق عدة جعلت عملية البحث عن المياه مجهدة للغاية 7، كما وأن العمل كله في هذا المجال والذي تقوم به النساء، يحد من فرصهن في التعليم  والعمل بأجر 8، وبالنسبة لأخريات فإن العمل في سبيل الحصول على المياه، يحرم النساء من الإرتباطات المجتمعية والإجتماعية، كما ويتسبب بالتوتر والإجهاد والنزاعات،  ويشكل مصدر خزي وخجل إذا ظلت احتياجات المياه المنزلية غير مستوفاة 9، 10.


ويقر الباحثون في مجال المياه وصانعو السياسات والمهنيون، بأن النساء والفتيات يتحملن عبئًا غير متناسب عندما يواجهن مصدرا غير موثوق به وغير آمن للحصول على خدمات المياه. ومع ذلك، فإن العديد من مبادرات البحث والسياسات والممارسات قد قبلت معيار المرأة كعاملة في مجال المياه، مستغلة التوقعات الاجتماعية لاحتياجات المجتمع على حساب المرأة. على سبيل المثال، وجدت مراجعة حديثة لنُهُج معالجة المياه في نقاط استخدام الكلور أن النساء تحملن مسؤولية تنفيذ مهام المعالجة، وبالتالي تحملن الأعباء الزمنية المرتبطة بذلك 11. ويتم وصف الأمهات بـ "الجبارات" أو "المثاليات" على أنهن أولئك اللاتي يقمن بالتدخلات في مجال المياه كما هو متوقع، 12 ، كما وتعتمد مشاريع مياه الشرب المجتمعية التي صممتها المنظمات غير الحكومية والباحثون في كثير من الأحيان على النساء، مثل قادة المجتمع والممرضات، لتعليم الناس حول المياه الصالحة للشرب وكيفية استخدام وصيانة نظام المياه. تستفيد هذه المبادرات من المعايير الجنسانية غير المتكافئة لتحقيق مكاسب البرامج المختلفة، وليس ذلك فحسب، بل تعزز التحيزات الحالية التي تقلل من قيمة وقت المرأة وطاقتها ونطاق عملها، مع افتراض أنه يمكن تسخيرها بشكل روتيني لخدمة الآخرين، وقد كانت هذه الافتراضات مفيدة للمنفذين، حيث سمحت لهم بتعزيز التدخلات باعتبارها منخفضة التكلفة لأن العمل اليومي للتنفيذ يعتبر مجانيًا، وعندما تنجح التدخلات، يتم الإشادة بها باعتبارها فعالة، بالمقابل فعندما تفشل، يتم إلقاء اللوم على المستخدمين (ضمنيًا، النساء) بسبب عدم التبني أو الامتثال غير المتسق، وعادة ما تظل تكاليف الوقت والعمالة الخاصة بالامتثال غير مُقَيَّمة بشكل عادل، وبالتالي، لا يتم ذكرها 13.


ومن المفارقات، أنه على الرغم من أن النساء يبدو أنهن مؤهلات للقيام بأكثر أعمال المياه الشاقة وغير مدفوعة الأجر، إلا أنهن ما زلن ممثلات تمثيلاً ناقصًا في الوظائف المائية المدفوعة الأجر والمهنية والاحترام 14. فأقل من 18 بالمئة من الوظائف تشغلها النساء 15، و25 بالمئة من البلدان التي شاركت ببياناتها، تشغل النساء أقل من 10 بالمئة من الوظائف الحكومية في مجالات المياه والصرف الصحي والنظافة 16. وقد جادل الباحثون النسويون (لبعض السنوات) بأن إصلاحات السياسات التي تخفف عن قصد عبء العمل في مجال المياه على النساء ستكون أكثر أمانًا. إذا كان عدد أكبر من النساء يشغلن مناصب قيادية في جميع مستويات إدارة المياه وتمويلها 17، كما وأن الأمثلة الموثقة لأنظمة المياه التي يملكها ويديرها المجتمع المحلي في المناطق الريفية المجهدة بالمياه تعطي مصداقية لهذا الادعاء، على الأقل على مستوى الأنظمة المحلية 18.


وفي هذا المجال، فمن الممكن تصميم مبادرات البحث والسياسة والممارسة التي تهدف إلى التخفيف من مسؤوليات الوقت والعمالة ونطاق المسؤوليات لـلنساء والفتيات. ويعتبر تقديم الخدمات التي تخفف من هذه المسؤوليات ولا تعزز الفوارق القائمة متماشية تمامًا مع أهداف المياه والتنمية المستدامة العالمية، وقد قدرت الدراسات توفير الوقت (حوالي 22 ساعة شهريًا) عندما يتم استبدال المياه المنقولة بشكل متقطع بإمدادات مستمرة 19. في حالة عدم وجود مرافق مركزية، تكون الأنظمة المكلورة (التعقيم بواسطة الكلور) الصغيرة المتصلة بالشبكة خيارًا وسيطًا محتملاً 9. حتى في حالة عدم وجود شبكات صغيرة يمكن توصيل المياه إلى المنازل الريفية وشبه الحضرية بواسطة خراطيم مرنة من الأكشاك مع عاملين فيها 20. كما وأن الخيارات التجارية، مثل المياه المعالجة التي يتم توصيلها إلى المنازل في حاويات مع حنفيات، شائعة في البلدان المرتفعة الدخل، كما ويمكن تكييف هذه الأساليب للأسر ذات الدخل المنخفض بتكاليف استخدام ميسورة وبأحجام دنيا بدون تكلفة أو بتكلفة منخفضة، وعلى الرغم من أن هذه الأساليب بعيدة كل البعد عن المثالية المتمثلة في الإمدادات المستمرة والمعالجة والمضغوطة المتوفرة في المنازل، ولكنها تمثل نماذج إمدادات مؤقتة ممكنة من الناحية الفنية ولا تعامل النساء كجزء من البنية التحتية للمياه 21.


وختم الباحثون: "في هذا اليوم العالمي للمياه، لتسريع التغيير حقًا، نحث الباحثين في مجال المياه وصانعي السياسات والمهنيين على تصميم أنظمة توصيل المياه وتقديمها وتقييمها والدعوة لها، والتي توفر مياهًا آمنة وتؤثر بشكل إيجابي على حياة الفتيات والنساء، ولا ينبغي جعل الإجحاف المستمر في العمل المائي غير مرئي ويتم ترسيخه من خلال الحلول منخفضة التكلفة المزعومة. وبدلاً من ذلك، ينبغي - بل ويمكن - تصميم التدخلات والخدمات لتسريع التغيير الإيجابي للحصول على المياه والمساواة بين الجنسين. ومع ذلك، فإن الخطوة الأولى لمجتمع المياه المأمونة العالمي هي إبراز التكاليف الجنسانية لعمل المياه بدلاً من أن تكون المرأة شريكًا صامتًا مع استمرارية اخفاء التقدير المناسب لجهودها".


بتصرف عن مجلة "الطبيعة".


ملاحظة: الأرقام المذكورة في النص، هي مراجع اعتمدها الباحثون للعودة إليها للمزيد من التفاصيل


الصور: الرئيسية، النساء في الهند يحملن المياه للإستعمالات المنزلية، من تصوير أندره فانثوم، Copyright © 2019 Credit: Andre Fanthome


الصورة الثانية: إمرأة من النيجر وهي تنقل المياه وتعتني بطفلتها والأسرة من تصوير جنيفر نولان، Credit: Jennifer Nolan


 


 

تقرير علمي : المرأة والعمل والمياه... والتأثير على المساواة الجنسانية 1
سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: