info@zawayamedia.com
بيئة

الإسمنت... المادة الأكثر تسببا بالإنبعاثات بعد الفحم والنفط والغاز

الإسمنت... المادة الأكثر تسببا بالإنبعاثات بعد الفحم والنفط والغاز

هي مادة قد لا يخلو منزل منها، وإن لم توجد فهي قد تتواجد في الجوار، وهي المادة الأكثر استخداما في العالم بعد المياه، وهي مادة تتسبب بانبعاثات هائلة وبصورة خفية متسببة بتغير المناخ، وقد قدر أحد الباحثين "أنه لو كانت إنبعاثات هذه المادة بلدا، فستكون الثالثة لجهة الإنبعاثات عالميا، أي بعد الصين والولايات المتحدة الأميركية"، هذه المادة هي "الإسمنت"  والتي تتحول عند إضافة المياه إلى "الباطون" أو "الخرسانة"، سواء في التصنيع، أو داخل أو خارج منزلك، في المدن والقرى، في الدعائم الإسمنتية والجسور وغيرها، ويعيش 70 بالمئة من البشر داخل منشآت من الإسمنت!


وليس الإسمنت المادة الأكثر استخداما بعد المياه فحسب، بل يتم استخدام عشر كمية المياه في العالم لتصنيع وخلط الإسمنت، وفي الوزن، ووفقا لإحدى المعادلات يتجاوز وزن الإسمنت في العالم وزن الكربون الموجود في كل شجرة وشجيرة ونبتة وعشبة في العالم!


يقدر العلماء أن الإسمنت بكافة أشكاله يساهم بما يُقدَّر بـ 8 بالمئة من الإنبعاثات في العالم، أي بحوالي 3 مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون سنويا، وفي المدن خصوصا، تضيف المادة إلى تأثير الجزر الحرارية من خلال امتصاص دفء الشمس وحبس أبخرة العادم، وفي البرية، تسبب الخرسانة ضررًا دائمًا للتربة السطحية - الطبقة الخصبة للأرض - مما يؤدي إلى تآكلها وبشكل لا يمكن إصلاحه.


وبينما تستمر المشكلة الملموسة في النمو، يستمر البشر في البناء، فكل عشر ثوانٍ، تصب صناعة البناء العالمية بما يقدر بأكثر من 19 ألف حوض استحمام من الإسمنت ومن المتوقع أنه بحلول عام 2050 أن يصل هذا الرقم إلى أربعة أضعاف مستوى عام 1990.


ما هي البدائل الموجودة عن الإسمنت؟


هناك عدد من المشاريع المختلفة قيد التنفيذ لمعالجة إنتاج الكربون المرتفع لصناعة الخرسانة، وقد خلصت دراسة أجريت عام 2020 إلى أن الخرسانة المعاد تدويرها يمكن أن تؤدي أداءً جيدًا أو أفضل من الخرسانة التقليدية، ومع تزايد الاستخدام العالمي، يحرص الخبراء على تطوير بدائل للمادة الضارة.


وقد تمت تجربة الألياف الصناعية المعاد تدويرها في عمليات تصنيع الأسمنت الأخضر في إيطاليا، في حين أن الخرسانة ذاتية الإصلاح هي من أهم المواد للإستخدام في البناء في بلجيكا.


ومن هذه المواد مادة Cemfree،  وهي مادة تعطي نفس فعالية الإسمنت التقليدي ومن المأمول أن تقدم في معظم المجالات بديلا حقيقيا للخرسانة التقليدية وهي مصنوعة من حبيبات التربة وبقايا الأفران عالية الانصهار.


ومن المواد الأخرى، مادة Taktl، وهي أقوى بأربع مرات الإسمنت العادي، كما وأنها تنتج منسوبات أقل من غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 بالمقارنة مع مثيلتها التقليدية، عبر استهلاك كميات أقل من المياه وتمتعها بقوَّة أكبر، أيأنها مادة أقل تكلفة وتحتاج كميات أقل لتحقق نفس مستوى الفعالية، ويمكن استخدامها في معظم المجالات.


وتأمل هذه المشاريع الطموحة تحتل شركة Concrete4Change الصدارة، فقد حصل تصميمهم المبتكر مؤخرًا على الجائزة الأولى في فئة Net Zero لكأس تحدي المناخ في المملكة المتحدة، وقد نالوا جائزة، منظمة The Young Foundation، التي تحتفل بالحلول المحلية المبتكرة لقضايا المناخ العالمي.


وقد بادر الدكتور مايكل وايز وفريقه بمهمة لتغيير الصناعة المسؤولة عن أحد أكثر المواد تسببا بانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون العالمية، وهو عبارة عن خليط أسمنت جديد يحبس ثاني أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وبتقنية تساهم في إعادة تدوير هذه الإنبعاثات، وبالوقت عينه خفض التكاليف وزيادة عمر المباني "، كما يقول وايز.


"هذه المادة تزيد من متانة الإسمنت وتمعدن ثاني أكسيد الكربون المحقون بشكل دائم، وتساعد هذه الصيغة المطورة حديثًا على تقوية الأسمنت، مما يقلل من الموارد المطلوبة لإنتاج الخرسانة ذات القوة المكافئة"، ويعتقد الدكتور وايز أن التكنولوجيا لديها القدرة على تخفيف ملياري طن من ثاني أوكسيد الكربون، أي ما يعادل أربعة بالمئة من متوسط الانبعاثات العالمية، لكنه يصر على أن منتج الشركة ليس أقل فعالية، ويقول في هذا المجال: "إنها خرسانة عادية يمكن استخدامها في أي موقع وفي أي مكان ومن قبل أي شركة، والاختلاف الوحيد هو أنه أرخص وأكثر متانة، ونحن بحاجة إلى تطوير هذه العملية وتسويقها في أسرع وقت ممكن"، ويختم قائلا: "هذا الحل ضروري لبقاء العالم".


بتصرف عن الغارديان، euronews ووكالات


 

الإسمنت... المادة الأكثر تسببا بالإنبعاثات بعد الفحم والنفط والغاز 1
سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: