info@zawayamedia.com
لبنان

إلغاء العقل وتقديس الخرافة... متى نعيد بناء مفاهيمنا العامة؟!

إلغاء العقل وتقديس الخرافة... متى نعيد بناء مفاهيمنا العامة؟!


بات من الملح أن نبادر لإعادة بناء المفاهيم الأساسية والتصورات العامة حيال قضايا مصيرية، لكن ذلك يتطلب منا الشروع في مراجعة نقدية تتناول هذه المفاهيم والتصورات، انطلاقا من أننا نعيش حالة من الجنون، في السياسة، في الفكر، في الثقافة وسائر مناحي الحياة.


ما كان يشكل قناعات راسخة قبل أربعين وخمسين سنة، نرى اليومَ أن بعضه مبني على خرافة واداعاءات وتسطيح، لذا، لا بد من مقاربة جديدة وجريئة، وأعلى بكثير من سقوف الخطابات الخشبية، ولا بد كذلك من ضبط مفردات لا يمكن أن تظل محكومة بأيديولوجيات تَـبني لنا مفاهيم جاهزة ومسبقة، ونعتقد معها أننا نمتلك ناصية الحقيقة، والأمر يتطلب منا الجرأة لجهة أن نلغي "برمجايتنا" السابقة، والشروع في النقد والتقصي، وذلك لا يمكن أن يتحقق بعيدا من المعرفة في مداها الفلسفي الإنساني، وصولا إلى نقد "الفكر اليومي" القائم على التسطيح وعلى كثير من الابتذال.


أول الأمر، لا بد من التفكير بعيدا من قدسية النصوص والأشخاص، فلا شيء مقدس بذاته، والقداسة ليست بأكثر من مفهوم اجتماعي، وما نراه نحن "مقدسا" قد لا يكون مقدسا بالضرورة لدى كثيرين، ما يفترض تبني توجهات جديدة تحترم خصوصيات الآخر ولا تلغي في الآن عينه تمايزنا عنه.


أولى هذه المفردات "الحرية"، ففي مراجعة سريعة لسائر القوى والمكونات السياسية في لبنان والعالم العربي، نجد أن مفردة "الحرية" سُطِّحت وابتذلت وتحولت مجرد مفردة نرفعها شعارا وقضية! وليس ثمة حزب أو مكون سياسي واحد يتبنى الحرية نهج حياة، فعلا لا قولا، لا في المعارضة ولا في مـن يمتلكون اليوم القدرة على الاستمرار في تعطيل البلد ومصادرة الدولة، وحتى على مستوى الأحزاب الصغيرة نجد الشخص ذاته لا يتغير، في تعطيل فاقع لمفهوم الحرية، فكم بالحري بالنسبة لأحزاب السلطة؟


 هذا فضلا عن أن الحرية تمثل مدخلا لتصحيح مسارات وتصويب أخطاء، علما أن أحدا من المسؤولين لا يجروء على مقاربة مفهوم الحرية وهو التابع والمتلقي والمغيب لصالح خطاب عنصري، طائفي أو فكري أو سياسي.


  لا يمكن أن ننتظر من مسؤول متلهف للذود عن سلطته ونفوذه ومصالحه أن يهدي الحرية للناس، لأن الحرية تُنتزع، شريطة أن نعيد بناء مفاهيمنا العامة، ولا يمكن أن تكون الحرية قابلة للحياة دون إعمال العقل في كل أفكارنا السابقة والمسبقة، والأمر لا يتطلب الجرأة فحسب، وإنما يتطلب أيضا الوعي، فعودة الوعي اليوم سبيلنا للخروج من العتم!


لذا، لا أحد حر في لبنان، ولا في عالمنا العربي وسائر البلاد المحكومة بتصورات إيمانية، تلغي العقل وتقدس الخرافة!

"زوايا ميديا"

قسم التحرير

تابع كاتب المقال: