info@zawayamedia.com
علوم

مومياوات نادرة لتماسيح... تكشف أسرارا مثيرة عن التحنيط لدى الفراعنة!

مومياوات نادرة لتماسيح... تكشف أسرارا مثيرة عن التحنيط لدى الفراعنة!

للوهلة الأولى، قد تعتقد أنك وأنت تنظر إلى الصورة الرئيسية لهذا المقال، أن هناك تماسيح حية تتحرك خلسة عبر الوحل، لكن الحيوانات أعلاه هي مومياوات، ربما ماتت منذ أكثر من 2500 عام وتم الحفاظ عليها في طقوس من المحتمل أن تكون لتكريم "سوبك"، أو "الإله التمساح"، وهو إله مصري قديم مرتبط بالنيل، ويتم تصويره على هيئة إنسان برأس تمساح، أو على شكل تمساح ويرمز في الديانة المصرية القديمة إلى السلطة والخصوبة، وارتبط بوجه خاص بالأخطار التي يمثلها النيل مع فيضانه، وكان يعبد في مصر القديمة.


وقد كانت المومياوات من بين 10 تماسيح بالغة، من المحتمل أن تكون من نوعين مختلفين، تم اكتشاف بقاياها مؤخرًا من مقبرة في موقع أثري يقع في جبل قبة الهوا، الذي يطل على الضفة الغربية للنيل بالقرب من أسوان جنوبي مصر، وتم تفصيل الاكتشاف من قبل علماء من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية، وجامعة خاين الإسبانية، وضم أسراراً جديدة عن تقنيات وطقوس التحنيط في مصر القديمة، ضمن دراسة جديدة، نشرت في دورية "بلوس وان" PLoS ONE  يوم الأربعاء الماضي.


وتتوافر عدة مئات من التماسيح المحنطة في مجموعات المتاحف في جميع أنحاء العالم، إلا أنها لا تحظ بعمليات فحص دقيقة في كثير من الأحيان، بينما في هذه الدراسة، قدم المؤلفون تحليلاً مفصلاً للتماسيح المحنطة، ليشكفوا النقاب عن تفاصيل مثيرة.


وقد لعب التمساح دورًا مهمًا في الثقافة المصرية منذ آلاف السنين، فبالإضافة إلى ارتباطه بإله، فقد كان مصدرًا للغذاء، وكانت أجزاء من الحيوان، مثل دهونها، تستخدم كدواء لعلاج آلام الجسم وتيبسه وحتى الصلع.


وتعد الحيوانات المحنطة، بما في ذلك أبو منجل والقطط والبابون، من الاكتشافات الشائعة نسبيًا في المقابر المصرية. تم العثور على بقايا تمساح محنطة أخرى، لكن معظمها كان من الأحداث أو الصغار، بالإضافة إلى ذلك، فإن تلك التي تم اكتشافها في هذه الدراسة الجديدة كانت في حالة جيدة للغاية.


وقالت بيا دي كوبر، عالمة الآثار في المعهد البلجيكي الملكي للعلوم الطبيعية والمؤلفة المشاركة في الدراسة: "في معظم الأوقات أتعامل مع الشظايا والأشياء المكسورة، وعند اكتشاف لسماع أن لديك 10 تماسيح في قبر، فهذا أم مميز للغاية. "


وقد تم استدعاء دي كوبر إلى موقع قبة الهوا من قبل فريق بحث بقيادة أليخاندرو خيمينيز سيرانو، عالم المصريات بجامعة خيان في إسبانيا، وفي العام 2018، اكتشف الباحثون سبعة مقابر صغيرة تحت مكب نفايات من العصر البيزنطي. في إحدى المقابر - المحصورة بين موقع النفايات وأربعة مدافن بشرية يعتقد أنها تعود إلى حوالي عام 2100 قبل الميلاد، كانت التماسيح المحنطة.


وتدرس دي كوبر كل شيء بما في ذلك العظام والأسنان والأصداف وكذلك البراز المتحجر وآثار الحيوانات، وقالت: " التماسيح عثرت في قبر لم يعبث به اللصوص ونباشي القبور، وتشمل الاكتشافات 5 تماسيح كبيرة، أجسادها مكتملة إلى حد ما بالإضافة إلى خمس جماجم"، وتابعت: "لديك علماء آثار يقومون بالتنقيب، وإذا وجدوا بقايا حيوانات يعتقدون أنها تستحق البحث، فعندها نتدخل ".


من بين بقايا التماسيح البالغة العشر التي تم العثور عليها، كانت خمسة منها مجرد رؤوس، بينما كانت الخمسة الأخرى في حالات متفاوتة من الإنجاز، لكن أحدها، ويبلغ طوله أكثر من سبعة أقدام، كان مكتملًا تقريبًا، وغالبًا ما يتم العثور على مومياوات للحيوانات والبشر ملفوفة في ضمادات من الكتان مؤمنة بالراتنج، مما يعني أن العلماء يستخدمون تقنيات مثل التصوير المقطعي المحوسب أو الأشعة السينية لرؤية المواد، بينما في هذه الحالة، فلا تحتوي تماسيح قبة الهوا على مادة الراتنج، وكانت قطع الكتان الوحيدة الموجودة قد أكلتها الحشرات بالكامل، مما سمح للباحثين بدراسة المومياوات في موقع التنقيب.


بناءً على شكل الجمجمة وكيفية ترتيب الصفائح العظمية، أو الحراشف، على الحيوانات، افترض الفريق أن غالبية التماسيح في المقبرة بدت وكأنها نوع واحد Crocodylus suchus، في حين أن البعض الآخر من نوع  Crocodylus niloticus.


و قالت سليمة إكرام، عالمة المصريات بالجامعة الأميركية بالقاهرة والتي لم تشارك في الدراسة، إن جمع هذا النوع من المعلومات قدم نظرة ثاقبة لفهم سلوكيات المصريين القدماء المتميزة مع هذين النوعين والتي يرغب المصريون في التفاعل معها، وأوضحت: "بينما niloticus سوف يلتهمك حيا، يمكنك أن تسبح في نفس البركة مع  suchus وتعيش".


تحنيط فريد


وتضيف دي كوبر في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" لم يكن هناك دليل على أي تقنية تحضير خاصة للمومياوات: لا توجد مؤشرات على استئصال الأمعاء وليس هناك أثر لاستخدام الراتنج أو البيتومين (مادة كيميائية تسخدم عادة في منع تسرب المياه).


وفي المعتاد كانت عملية تحنيط الحيوانات في مصر القديمة تتم باستخرج المحنِّط الأحشاء، والتخلص منها بعد إخراجها من جسد الحيوان، كما كان يستخدم "الراتنجات" ومستخلصات النباتات العطرية، وهما المكونان الرئيسيان المضادان للجراثيم اللذان كانا يحفظا الأنسجة الرخوة للمومياوات، وبالتالي يعملان على حماية المومياء من التلف والتحلل.


على عكس الطريقة التقليدية، تشرح دي كوبر عملية التحنيط الفريدة، وتقول:" يُفترض أن عملية التحنيط حدثت في مكان آخر، حيث تمت عملية تجفيف أجساد التماسيح بشكل طبيعي، بوضعها على السطح أو دفنها في بيئة رملية. ثم تم لفها في الكتان والحصير المصنوع من سعف النخيل ونقلها إلى القبر، حيث مستقرها الأخير.


كما أشار نقص الراتنج إلى أن التماسيح ربما تم تحنيطها بدفنها في التربة الرملية الساخنة، حيث جفت بشكل طبيعي قبل دفنها، وهو ما اقترح الباحثون أنه حدث قبل العصر البطلمي، الذي استمر بين 332 قبل الميلاد. و 30 قبل الميلاد، قالت دي كوبر: "منذ العصر البطلمي وما بعده، استخدموا كميات هائلة من الراتينج".


وافترض الفريق العلمي أن مومياوات التماسيح دُفنت في حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، عندما كان تحنيط الحيوانات شائعًا بشكل متزايد في مصر،  لكن الأمر سيتطلب التأريخ بالكربون المشع لمعرفة ذلك على وجه اليقين، يأمل الباحثون أن يكون هناك في المستقبل القريب ستكون فرصة لإجراء مثل هذا التأريخ، بالإضافة إلى تحليل الحمض النووي للتحقق من النوعين.


قال الدكتور خيمينيز سيرانو: "إن اكتشاف هذه المومياوات يقدم لنا رؤى جديدة عن الديانة المصرية القديمة ومعاملة هذه الحيوانات كقربان".


رأت الدكتورة إكرام أيضًا إلى هذه الاكتشافات على أنها نافذة مهمة على العلاقة بين الناس ومقبرة قبة الهوا، منذ الدفن الأول منذ أكثر من 4000 عام وحتى يومنا هذا، وقالت الدكتورة إكرام: "يمكن أن نكتشف كيف كان ينظر داخل المجتمع إلى هذه المقابر؟ ماذا كانت استخداماتهم؟ ومعلومات هامة أخرى".


بتصرف عن نيويورك تايمز، سكاي نيوز ووكالات

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: