info@zawayamedia.com
علوم

التلوث الضوئي... يحرم ثلث سكان الأرض من رؤية النجوم!

التلوث الضوئي... يحرم ثلث سكان الأرض من رؤية النجوم!

أظهرت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Science أن "توهج السماء" Skyglow بسبب تزايد التلوّث الضوئي بوتيرة سريعة، ما يؤدي إلى انخفاض عدد النجوم التي يمكن مشاهدتها بالعين المجردة ليلا في بعض المناطق إلى النصف في فترة لا تتعدى العشرين عاما، و يقدر المؤلفون أن 80 بالمئة من الناس في الولايات المتحدة و 30 بالمئة في جميع أنحاء العالم غير قادرين على رؤية القوس الأثيري لمجرة درب التبانة في ليلة صافية.



وقد استخدمت الدراسة ملاحظات عشرات الآلاف من الأشخاص في مواقع مختلفة حول العالم، أن التلوث الضوئي الناجم عن التوهج الليلي المستمر للأضواء الكهربائية يزداد حدة مع مرور الوقت، ما يقلل عدد النجوم المرئية بالعين المجردة في سماء الليل بأكثر من النصف في بعض الأماكن.


ووجدت الدراسة التي نُشرت يوم الخميس الماضي، وبناء على بيانات التعهيد الجماعي من برنامج يسمى Globe at Night، والذي تديره شبكة المراصد NOIRLab التي تمولها مؤسسة العلوم الوطنية، أن عدد النجوم المرئية التي تم الإبلاغ عنها في مواقع المراقبة من عام 2011 إلى عام 2022 انخفض بمقدار يشير إلى زيادة في سطوع السماء الليلية بنسبة بين 7 إلى 10 بالمئة سنوياً، وهي نسبة أعلى مما تم قياسه سابقاً باستخدام بيانات الأقمار الصناعية، وتعتبر هذه الدراسة هي أحدث إضافة إلى مجموعة متزايدة من المؤلفات العلمية حول التلوث الضوئي والتي تعود إلى ما لا يقل عن نصف قرن.


وكانت أكثر المناطق التي تم توثيقها في هذا البحث هي أميركا الشمالية ولا سيما الولايات المتحدة وأوروبا، مع الحد الأدنى من البيانات لأجزاء من آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.


وقال باحثون إن أكثر من 29 ألف تقرير فردي تم إجراؤها في أكثر من 19 ألف موقع في جميع أنحاء العالم، إذ قام المواطنون بتقديم بيانات تشمل ملاحظات عن رؤية النجوم بالعين المجردة.


وركزت الدراسة على "توهج السماء" وهو السطوع الاصطناعي للسماء في الليل، بسبب تشتت الضوء الناتج عن صنع الإنسان في الغلاف الجوي وعودته إلى الأرض، ويُعد حدوث هذا التوهج فوق مدينة كبيرة مشهداً مألوفاً، ولكن حتى المناطق ذات الكثافة السكانية الأقل بدأت تختبر ذلك.


وحول نتائج البحث قال الفيزيائي كريستوفر كيبا من مركز GFZ الألماني لبحوث علوم الأرض وجامعة روهر ومقرها بوتسدام في ألمانيا، وهو المؤلف الرئيسي للبحث الذي نُشر في مجلة العلوم: إن "الدراسة مهمة لسببين. أولاً، إنها المرة الأولى التي يتم فيها دراسة سطوع السماء على النطاق القاري. ثانياً، تظهر أن القواعد والتشريعات الحالية تفشل في تقليل سطوع السماء أو حتى إيقاف تناميه"، وأضاف: "في العقد الماضي، نما فهمنا للعواقب البيئية للضوء بشكل كبير، وكذلك فهمنا لنماذج تشتت الضوء في الغلاف الجوي"، وتابع: "أضواء LED لها تأثير قوي على إدراكنا لسطوع السماء، وقد يكون هذا أحد الأسباب وراء التناقض بين قياسات الأقمار الصناعية وظروف السماء التي أبلغ عنها المشاركون في غلوب آت نايت، فالمعدل الذي تصبح فيه النجوم غير مرئية للناس في البيئات الحضرية هو معدل دراماتيكي".


وكانت دراسة أجريت عام 2017 استناداً إلى ملاحظات الأقمار الصناعية، وجدت أن سطح الأرض الخارجي المضاء اصطناعياً في الليل نما بنحو 2 بالمئة سنوياً من ناحية السطوع والمساحة.


مع ذلك، قد يتم التقليل من أهمية هذه البيانات لأن الأقمار الصناعية الحالية ليست حساسةً لنوع الضوء المنبعث من مصابيح الليد الحديثة، حيث أشار كيبا إلى أن "الأقمار الصناعية تواجه صعوبة في اكتشاف الإشارات المضيئة وخصوصاً تلك التي لا تنبعث بشكلٍ عمودي".


وأثار التلوث الضوئي مخاوف بشأن آثاره البيئية على البشر والحيوانات، فعلى سبيل المثال، أظهرت الأبحاث كيف أن التلوث الضوئي يهدد اليراعات التي تمتلك أعضاء متخصصة في انبعاث الضوء وتستخدمها كومضات للتواصل في مرحلة من مراحل المغازلة والتكاثر.


وقال الباحثون إنه يمكن عمل المزيد للتخفيف من التلوث الضوئي، بما في ذلك التصميم الأفضل للاتجاه والمدى ونوع الإضاءة المستخدمة.


وأوضح كيبا: "صحيح أننا لن نصل أبداً إلى وضع لا يوجد فيه سطوع في السماء فوق المدن، ولكن من المعقول أن نتخيل أنه بتصميم مثالي، يمكن أن تكون مجرة درب التبانة مرئية في المدن التي يصل عدد سكانها إلى بضع مئات الآلاف من السكان".


بالإضافة إلى التأثيرات الواضحة على علم الفلك ومراقبة السماء، يقول المؤلف المشارك كونستانس ووكر، الذي يرأس مشروعGlobe at Night ، إن هناك عواقب أخرى.


وقال ووكر: "يؤثر توهج السماء على كل من الحيوانات النهارية والليلية ويدمر أيضًا جزءًا مهمًا من تراثنا الثقافي، فالزيادة في وهج السماء خلال العقد الماضي تؤكد أهمية مضاعفة جهودنا وتطوير استراتيجيات جديدة لحماية الأجواء المظلمة".


الصورة الرئيسية: The Milky Way as seen from Poland، K. Ulaczyk/J. Skowron/OGLE/Astronomical Observatory, University of Warsaw


 

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: