يكفي تمثيلا واستهتارا وضحكاً على الذقون، تكفي تصريحات الشجب والإستنكار والتلاعب بمشاعر الناس لنتيقن أن ثمة انحطاطا أخلاقيا وقِيميا لبنانيا، وبامتياز، وما حصل في مخيم النازحين السوريين في بحنين – المنية، ليس إلا رجع صدى لخطاب لبناني مقيت، يغلِّب نزعة التفوق المرضية لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين ومن مختلف الطوائف والمذاهب، ومعها بعض أهل السياسة، ولا سيما أولئك الذي غلف الحقد مواقفهم.
الكل مسؤول عن المأساة، فلا يزايدنَّ أحد، وكفى استخفافا بالعقول، فقط لو يدرك ذوو الشأن أن الشعب السوري احتضن اللبنانيين في الحرب الأهلية، ولا نقدم هنا، صك براءة لنظام البراميل المتفجرة، وإنما نتحدث عن شعب هُجر ودُمرت قراه، وتفرق في أربع رياح الأرض، نتحدث عن معاناة شعب واجهة آلة القمع الداخلية في ظل نظام السجون والمعتقلات وتصفية المناضلين من سوريا إلى لبنان.
لا ندافع عن سوريين ارتكبوا جرائم وسرقات، وهؤلاء قلة، وإنما ندافع عن أناس تقطعت بهم السبل ولجأوا إلى لبنان وسائر دول العالم هربا من البطش والقتل، أما من يستنكر اليوم ما حصل في مخيم المنية شمالا، حرّض ضمناً، ولا نشمل الجميع، فثمة مسؤولون يقيمون اعتبارا لوجع الشعب السوري، فيما كثيرون محكومون بعقدة التفوق، وهذه نزعة لبنانية بائدة، لكنها لا تزال تتحكم ببعض الرؤوس الحامية!