هبطت أسعار الغاز في أوروبا إلى أدنى من 800 دولارا للألف متر مكعب حسب بيانات بورصة لندن ICE، وذلك لأول مرة منذ 16 شباط (فبراير)، تاريخ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، فهل فقدت موسكو ورقة النفط، وقد رفعتها شعارا لإجبار أوروبا على الرضوخ لأجندتها؟
هذا المسار سيفرض تداعيات على ساحة الصراع الدولي، خصوصا وأن روسيا كانت تعول، ولا تزال، على سلاح الغاز كأداة ضغط على العالم، وأوروبا بشكل خاص، وهو يدل على قصر نظر القيادة الروسية في مقاربتها لحربها على أوكرانيا، لاس يما وأنه لن يبقى لديها من أوراق ضغط سوى التلويح بحرب نووية، وهذا أمر لن تكون له تأثيرات تذكر في مجريات الصراع، خصوصا وأن ثمة خطوطا رُسمت في سياق الحرب القائمة، فضلا عن أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة سحب أيضا هذه الورقة من يد الرئيس الروسي بوريس يلتسين، عبر رسم حدود دعم أوكرانيا بما لا يخل بالتوازن النووي القائم منذ الحرب الباردة.
وفيما تتجه أسعار العقود الآجلة للغاز نحو الانخفاض على خلفية اتفاق دول الاتحاد الأوروبي على تحديد سقف لسعر الغاز الروسي، تضيق خيارات موسكو أكثر من ذي قبل، ولم يعد أمامها سوى الخيار العسكري لفرض خياراتها، وهذا الأمر دونه صعوبات ومخاطر، خصوصا في ظل استعادة أوكرانيا زمام المبادرة في الحرب التي تُشن ضدها، وتجلى ذلك في ميادين القتال، وفي أكثر من منطقة حيث استعادت أوكرانيا آلاف الكيلومترات من القوات الروسية.
كل ذلك يعني أن الحرب سيطول أمدها بانتظار أن ترسم جبهات القتال مسارا تفاوضيا قابلا للحياة، ويبدو أنه لن يكون قريبا!