أصدرت السلطات في الولايات المتّحدة الأميركية، أمس الجمعة، تحذيرات لأكثر من ثلثي السكّان من مخاطر عاصفة ثلجية تاريخية تحمل معها موجة صقيع قطبي تسبّبت منذ الآن بإلغاء آلاف الرحلات الجوية وبقطع طرقات سريعة رئيسية ومخاوف من حدوث "الإعصار القنبلة"، في وقت تشهد فيه البلاد حركة تنقلات ضخمة عشية عيد الميلاد.
وقلبت الثلوج الكثيفة والرياح العاتية مشاريع العطل لملايين الأشخاص في فترة تعدّ من الأكثر ازدحاماً في السنة وتجتاح العاصفة القطبية غالبية أراضي الولايات المتّحدة بما في ذلك الولايات الجنوبية التي عادة ما يكون طقسها معتدلا.
وانخفضت الحرارة إلى -40 درجة مئوية في بعض المناطق، وأصدرت السلطات إرشادات وتحذيرات من عاصفة شتوية لنحو 240 مليون شخص، أي نحو 72 بالمئة من سكان الولايات المتحدة، وفق الأرصاد الجوية الوطنية.
وجاء في تقرير أصدرته الأرصاد الجوية الوطنية صباح الجمعة أنّ التحذير من "مخاطر الطقس الشتوي لا يزال قائما من الحدود الكندية وصولا إلى ريو غراندي في الجنوب (النهر الحدودي مع المكسيك)، ساحل الخليج ووسط شبه جزيرة فلوريدا وتمتد من شمال غرب المحيط الهادئ إلى الساحل الشرقي".
ويبدو أنه من التحذيرات الأوسع نطاقا التي تصدرها الأرصاد الجوية الأميركية على الإطلاق.
وحذّر مرصد انقطاع التيار الكهربائي في الولايات المتحدة من أن البرد القارس يشكل مصدر قلق داهم لأكثر من مليون مشترك خصوصا في جنوب البلاد وشرقها حيث التيار مقطوع منذ صباح الجمعة.
وأحوال الطرق خطرة أيضا، علما بأنه يتوقّع أن يسلكها مئة مليون شخص، وفق الاتّحاد الأميركي لنوادي السيارات.
وأفادت سلطات المواصلات الطرقية في ولايات نورث داكوتا وساوث داكوتا وأوكلاهوما وأيوا وغيرها بأنّ الرؤية شبه معدومة والجليد يغطي الطرق، محذّرة من تداعيات العاصفة الثلجية ومناشدة السكان ملازمة بيوتهم.
وقضى شخصان في حادث سير في أوكلاهوما الخميس، فيما أوردت قناة الأحوال الجوية نقلا عن وكالة مراقبة الطرق السريعة في كانساس أن ثلاثة أشخاص قضوا في حوادث سير في الولاية الواقعة في الغرب الأوسط، وقد اعتبرت الأحوال الجوية عاملا في مصرعهم.
والجمعة تخطّى عدد الرحلات الجوية التي ألغيت 3520 رحلة فيما أرجئت 1920 رحلة أخرى، وفق الموقع الإلكتروني للرصد "فلايت أوار"، والعديد من هذه الرحلات كانت مجدولة في مطارات دولية كبرى لا سيما في نيويورك وسياتل وشيكاغو أوهير.
وحذّر وزير النقل الأميركي بيت بوتجيج من أن السفر خلال العطلة تأثر بشدة، وقال في تصريح لشبكة "ام اس ن بي سي" إن الطقس الذي نواجهه بغاية الصعوبة، مشيراً إلى أن نحو عشرة بالمئة من الرحلات التجارية الأميركية ألغيت الخميس، وهي خطوة سيكون تأثيرها حادّاً على السفر.
وقالت وزارة النقل في ساوث داكوتا إنّ "الطواقم تستخدم كل الموارد المتاحة في الولاية" لتحسين الأوضاع.
وتابعت "هناك طرق سريعة عدة مصنّفة "غير سالكة"، مشيرة إلى أنّ السفر برّاً "مستحيل بسبب كثافة الثلوج وخطر الانزلاقات".
وأشار تطبيق "أكيوويذر" إلى أنّ العاصفة يمكن أن تشتد سريعا وتتحوّل إلى ما يعرف بـ "الإعصار القنبلة" (بومب سايكلون) الذي يتكوّن حين ينخفض الضغط الجوي وتصطدم كتل هوائية باردة بأخرى دافئة.
وقال ريتش ماليوكو خبير الأحوال الجوية في الأرصاد الجوية الوطنية في مدينة غلاسكو في ولاية مونتانا حيث انخفضت الحرارة إلى -51 درجة مئوية، إنّ هذه الظروف المناخية الشديدة القسوة قد تكون خطيرة، وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس أنّ "الطقس البارد يمكن أن يسبّب مشاكل لأيّ كان".
وتابع "مع هذا النوع من الرياح الباردة، إن لم ترتد طبقات دافئة... يمكن أن يصاب الجلد غير المحمي بقضمة الصقيع في أقل من خمس دقائق".
والطقس بارد إلى حدّ دفع السكان إلى نشر فيديوهات يخوضون فيها "تحدي الماء المغلي"، وهو حين يتم إلقاء الماء المغلي في الهواء ليتجمّد على الفور.
وفي مطار ميسولا في مونتانا انخفضت الحرارة إلى -27 درجة مئوية، وفق الأرصاد الجوية.
وفي مينيابوليس وسانت بول تخطّت كثافة الثلوج المتساقطة 20 سنتيمتراً خلال 24 ساعة، وفق تقرير محدث للأرصاد الجوية، بحسب AFP.
وشرقا في بافالو ونيويورك حذّرت الأرصاد الجوية من "عاصفة تأتي مرة كلّ جيل" وقد وصلت سرعة الرياح إلى 105 كيلومترات في الساعة وانخفضت الحرارة إلى ما دون ناقص عشرين مئوية مع انقطاع للتيار الكهربائي.